حارق المصحف.. وشركاؤه
بتصريح من الشرطة، قام المدعو سلوان موميكا بتنظيم «وقفة»، صباح الأربعاء، أول أيام عيد الأضحى، أمام أكبر مساجد العاصمة السويدية ستوكهولم. وتحت حراسة أمنية مشدّدة، أشعل النار فى نسخة من المصحف الشريف. وبعد أن قالت الشرطة السويدية إنها سمحت بتنظيم هذه الوقفة، بناء على قرار قضائى رأى أن «المخاطر الأمنية» المرتبطة بحرق المصحف لا تبرر منعها، عادت وأعلنت، لاحقًا، عن اتهامها لـ«موميكا» بالتحريض على الكراهية وإشعال النار فى مكان عام!
مؤسستان رسميتان سويديتان، على الأقل، شاركتا المذكور، إذًا، فى ارتكاب جريمته، ويمكنك أن تضيف إليهما ينس ستولتنبرج، الأمين العام لحلف شمال الأطلسى، الناتو، الذى وصف هذه الجريمة بأنها نوع من «حرية التعبير»، وتمنى ألا تعرقل انضمام السويد إلى الحلف. إذ لا تزال ثالث أكبر دول الاتحاد الأوروبى من حيث المساحة، تسعى إلى أن تكون العضو رقم ٣٢ فى الناتو، ولم يعد يعرقل انضمامها غير مفاوضات، مساومات أو مقايضات، مع تركيا، من المقرر أن يستكملها وزيرا خارجية البلدين، فى بروكسل، الأسبوع المقبل!
المولود فى ٢٣ يونيو ١٩٨٦، بمحافظة نينوى العراقية، اسمه الكامل سلون صباح متى موميكا، وتخرج فى معهد نينوى للسياحة والفندقة، وكان يقود «جماعة مسلحة» فى العراق اسمها «قوات صقور السريان»، وحين ألقت «قوات الحشد الشعبى» القبض عليه، فى مارس ٢٠١٧، لم تصمد أكثر من ١٨ يومًا أمام الضغوط، واضطرت إلى إطلاق سراحه. بالضبط كما اضطرت السويد، غالبًا، إلى منحه حق اللجوء السياسى. ما يعنى، ببساطة، أن مَنْ ضغطوا على قوات الحشد، ثم على الحكومة السويدية، هم الذين يحركون المذكور، أو يستعملونه، كما يقومون، على الأرجح، بتحريك واستعمال عناصر داخل المؤسستين الرسميتين السويدتين.
بحسبة منطقية بسيطة، ستدرك أن السويد، مفعول بها، أو فيها، وأنها أكثر المتضررين من هذه الجريمة، التى لم تدنها دول العالمين العربى والإسلامى فقط، بل أدانتها دول أخرى عديدة، أبرزها روسيا، التى ظهر رئيسها فلاديمير بوتين، يوم الأربعاء، وهو يحتضن نسخة من المصحف، خلال زيارته «مسجد الجمعة» فى مدينة دربند، لافتًا إلى أن بطريرك روسيا يؤكد لهم دومًا أن المسلمين إخوتهم، قبل أن يؤكد أن «روسيا تكن احترامًا شديدًا للقرآن ولمشاعر المسلمين الدينية»، وأن «عدم احترام هذا الكتاب المقدس فى روسيا جريمة».
موقف الرئيس الروسى، أشاد به الأزهر الشريف، فى بيان، ودعا، فى بيان آخر، حكومات الدول الإسلامية والعربية إلى اتخاذ مواقف جادة وموحدة تجاه تلك الانتهاكات، مشددًا على أن سماح السلطات السويدية للإرهابيين المتطرفين بحرق المصحف وتمزيقه، يعد دعوة صريحة للعداء والعنف وإشعال الفتن، ولا يليق بأى دولة متحضرة أو مسئولة عن قراراتها. وبالمثل، شددت الخارجية المصرية على مسئولية الدول فى منع دعوات التحريض وجرائم الكراهية، ووقف تلك الممارسات التى من شأنها تقويض أمن واستقرار المجتمعات، مؤكدةً ضرورة إعلاء القواسم المشتركة من التسامح وقبول الآخر والتعايش السلمى بين الشعوب.
فى بيان الخارجية، الصادر مساء الأربعاء، عبّرت مصر عن بالغ إدانتها لما فعله ذلك المتطرف ووصفته بأنه «فعل مخزٍ يستفز مشاعر المسلمين حول العالم فى أول أيام عيد الأضحى المبارك، ويتنافى مع قيم احترام الآخر ومقدساته، ويؤجج من مشاعر الكراهية». كما أعربت مصر عن بالغ قلقها إزاء تكرار حوادث إحراق المصحف الشريف وتصاعد ظاهرة الإسلاموفوبيا وجرائم ازدراء الأديان، مؤخرًا، فى بعض الدول الأوروبية، مؤكدةً رفضها التام كل الممارسات البغيضة التى تمس الثوابت والمعتقدات الدينية للمسلمين.
.. وتبقى الإشارة إلى أن صباح متى موميكا، تبرأ من ابنه الضال، فى مقطع فيديو، وقال له نصًا: «لو كان هناك شريف لن يبقيك على قيد الحياة». ومع ذلك، نقلت جريدة «إكسبرسن» السويدية، أمس الأول الخميس، عن ذلك الضال، المستخدَم، بفتح الدال، أو المستعمَل، بفتح الميم الثانية، أنه سيحرق العلم العراقى ومصحفًا، فى غضون ١٠ أيام، أمام السفارة العراقية فى ستوكهولم، زاعمًا أنه تلقى آلاف التهديدات بالقتل!