القمع فى BBC بزعم الحياد!
لم يحصل جارى لينيكر، لاعب كرة القدم الإنجليزى السابق، على أى بطاقات إنذار، حمراء أو صفراء، طوال مسيرته الكروية، لكن «هيئة الإذاعة البريطانية»، BBC، منحت الرجل، الذى كان يقدم أشهر برنامج رياضى على شاشتها، بطاقة صفراء ولوّحت بالحمراء، لمجرد أنه كتب تغريدة على «تويتر» انتقد فيها سياسات الحكومة البريطانية الجديدة بشأن الهجرة وطالبى اللجوء، التى وصفها بأنها «قاسية جدًا وتستهدف الأشخاص الأكثر ضعفًا ولا تختلف عن تلك التى استخدمتها ألمانيا فى ثلاثينيات القرن الماضى».
بلا مذيع أو معلقين، شاهد البريطانيون حلقة أمس الأول، السبت، من البرنامج التليفزيونى الشهير «ماتش أوف ذا دى» أو «مباراة اليوم»، بعد انسحاب المعلقين المنتظمين، أيضًا، من البرنامج تضامنًا مع «لينكر»، الذى أوقفته «بى بى سى» عن العمل بزعم أن «نشاطه الأخير على وسائل التواصل الاجتماعى» ينتهك قواعدها، معاييرها، أو إرشاداتها، التى توجب عليه «تجنب الانحياز فى القضايا السياسية». مع أن الواقع أكد، ويؤكد، أن هذه القواعد، المعايير أو الإرشادات، المزعومة، ينتهكها، يوميًا، مذيعات ومذيعون، متواطئون مع تنظيمات إرهابية، إما بالدفاع عنها أو الدعاية لها، أو بالهجوم على الدول والحكومات التى تحاربها.
الواقع أكد ويؤكد، أيضًا، أن بريطانيا، لا تزال تفتح أبوابها وأحضانها وتمنح جنسيتها، حضوريًا وغيابيًا، لعملائها ولقادة الجماعات الإرهابية وأعضائها وحلفائها ومركوبيها، وتسمح لهم بالسيطرة على مساجدها، وامتلاك منصات إعلامية فيها. ومع ذلك، تحاول بالقوانين أو السياسات الجديدة منع الذاهبين إليها على متن قوارب صغيرة من طلب اللجوء، وتتيح للسلطات إبعادهم إلى بلد ثالث، على ألا يعودوا إلى الأبد.
المهم، هو أن «لينيكر»، Gary Lineker، المولود فى ٣٠ نوفمبر ١٩٦٠، لعب مع منتخب إنجلترا لكرة القدم ٨٠ مباراة دولية، سجل خلالها ٤٨ هدفًا، جعلته ستة منها هداف كأس العالم سنة ١٩٨٦، كما أحرز أربعة أهداف فى مونديال ١٩٩٠، ويُعد ثانى أفضل هداف فى تاريخ المنتخب الإنجليزى، و... و... وبعد ذلك كله، زعمت هيئة الإذاعة البريطانية، فى تقرير نشرته على موقعها الإلكترونى، أن متابعى حسابه على «تويتر» يتابعونه فقط، بسبب ظهوره على شاشتها، ولذلك «يجب عليه اتباع قواعدها»، معاييرها، أو إرشاداتها!.
بعد مسيرته الكروية الحافلة بالإنجازات مع منتخب بلاده، وأيضًا مع أندية ليستر سيتى وإيفرتون وتوتنهام هوتسبير فى إنجلترا، ونادى برشلونة فى إسبانيا، اعتزل «لينيكر» اللعب، سنة ١٩٩٤، ثم التحق سنة ١٩٩٩ بهيئة الإذاعة البريطانية ليقدم أهم برامجها الرياضية، ويصبح من أبرز وجوهها والأعلى أجرًا بين مذيعيها.
إلى جانب تقديمه برنامج «مباراة اليوم» كل سبت، يشارك الرجل، أيضًا، فى تغطية «بى بى سى» لبطولات كرة القدم الكبرى، وتقديم شخصية العام الرياضية، وبرنامج «لاليجا تى فى»، الذى يغطى كرة القدم الإسبانية للمشاهدين فى بريطانيا وأيرلندا، و... و... وبعد ربع قرن تقريبًا من عمله فى الهيئة، اتضح أنه «يعمل من الناحية الفنية بالقطعة وليس موظفًا»، كما ذكر التقرير المنشور، أمس الأول، الذى اتهم «لينيكر» بأنه «لم يتورع عن استخدام مكانته البارزة للتعبير عن آرائه السياسية»، و«لم يلجم لسانه»، وأشار إلى أن مواقفه بشأن القضايا الخلافية «تسببت فى بعض الأحيان بمتاعب لقيادات بى بى سى»!.
.. وتبقى الإشارة إلى أن ريتشارد شارب، رئيس هيئة الإذاعة البريطانية، أو زعيم «قيادات بى بى سى»، الذى من المفترض أنه «يحدد الاتجاه الاستراتيجى للمؤسسة ويدعم استقلاليتها»، كان يعمل فى بنك «جولدمان ساكس»، وقدم تبرعات كبيرة لحزب «المحافظين» الحاكم، وساعد بوريس جونسون، رئيس الوزراء الأسبق، فى الحصول على ضامن لقرض قيمته ٨٠٠ ألف إسترلينى، قبل أسابيع من تزكية جونسون له لتولى المنصب، الذى تولاه بالفعل فى يناير ٢٠٢١، وتجدد الجدل حول ملابسات شغله له، الشهر الماضى، واستدعاه مجلس العموم، وجرى تكليف ويليام شوكروس، مفوّض التعيينات العامة، بإجراء تحقيق فى هذا الشأن، ثم اضُطر الأخير إلى التنحّى عن التحقيق، لأن ابنته تعمل مع ريشى سوناك، رئيس الوزراء الحالى!.