مع وزراء خارجية العشرين
بنجاح روسيا والصين فى عرقلة بيان جماعى يدين «الحرب فى أوكرانيا»، انتهت أمس الأول الخميس، اجتماعات وزراء خارجية مجموعة العشرين، التى استضافتها العاصمة الهندية نيودلهى، وشارك فيها سامح شكرى، وزير الخارجية، فى إطار الدعوة الموجهة إلى مصر، بصفتها ضيف الرئاسة الهندية للمجموعة.
توصف مجموعة العشرين، بأنها مجلس إدارة العالم. وكنا قد توقعنا، فى مقال سابق، أن تكون هذه الدورة، أو سنة الرئاسة الهندية، هى الأصعب فى تاريخ المجموعة، ليس فقط بسبب الأزمات الحادة، المتعاقبة والمتداخلة، التى يواجهها الاقتصاد العالمى، ولكن أيضًا لأن الدورات الثلاث السابقة، التى ترأستها السعودية وإيطاليا وإندونيسيا، على الترتيب، عجزت عن التعامل مع ما صاحبها من كوارث. وعليه، استوقفتنا مطالبة وزير خارجيتنا، لوزراء خارجية دول المجموعة، فى كلمته خلال الجلسة الأولى، بتوجيه رسالة سياسية داعمة للاستقرار والتضامن الدوليين وحل الخلافات، حتى يتمكن الاقتصاد العالمى من استعادة حيويته.
مع هذه المطالبة، شدّد وزير خارجية مصر على ضرورة تعزيز البنية الاقتصادية الدولية لمساعدة الدول النامية على تجاوز التقلبات الاقتصادية، وتحقيق أهداف أجندة التنمية المستدامة ٢٠٣٠، سواء بإصلاح آليات التعامل مع الديون أو بدعم انخراط بنوك التنمية الدولية فى مكافحة الفقر. ولدى تناوله تأثير أزمة نقص الغذاء، وارتفاع أسعاره، على دول القارة الإفريقية، أبدى سامح شكرى، مجددًا، استعداد مصر للتعاون مع المجتمع الدولى من أجل استضافة مركز لإمداد وتخزين الحبوب، يسهم فى توفيرها ويقلل من تقلب أسعارها خلال أوقات الأزمات، معربًا عن تطلع الدولة المصرية إلى التعاون مع مجموعة العشرين فى هذا الشأن.
الإشارة هنا قد تكون مهمة إلى أن أخيم شتاينر، مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائى، كان قد طالب دول المجموعة، خلال مشاركته فى اجتماع وزراء المالية ومحافظى البنوك المركزية، الأسبوع الماضى، بإعادة هيكلة ديون الدول الضعيفة، أو الفقيرة، وتخفيض الدين بنسبة ٣٠٪ عن ٥٢ دولة قال إنها على وشك مواجهة أزمات كبيرة. وربما تكون الإشارة مهمة، أيضًا، إلى أن البيان الختامى لقمة العشرين السابقة حاول أن يتجاوب مع أولويات الرئاسة الإندونيسية، وأقر، للمرة الأولى، بوجود «أزمة ديون متفاقمة» تواجهها الدول متوسطة الدخل، وليس فقط الدول الضعيفة أو الفقيرة، ودعا جميع الدائنين إلى الاستجابة سريعًا لطلبات معالجة الديون.
المهم، هو أن وزير خارجيتنا شارك، أيضًا، فى جلستى عمل، إحداهما تناولت «أمن الغذاء والطاقة والعمل متعدد الأطراف والتعاون التنموى»، والأخرى عن «مكافحة الإرهاب ورسم الخارطة العالمية للمهارات والمساعدات الإنسانية والإغاثة فى حالة الكوارث». إضافة إلى مشاركته فى أعمال «حوار رايسينا»، التى بدأت أمس الأول الخميس وتنتهى اليوم السبت، متحدثًا فى جلسة عنوانها «من المتوسط لبحر العرب: إقليم من الفرص»، وجلسة أخرى بشأن التغير المناخى والانتقال العادل للطاقة. وعلى هامش مشاركته فى هذه الاجتماعات، والحوارات، أجرى وزير خارجيتنا محادثات ثنائية مع غالبية وزراء خارجية دول المجموعة.
جيمس كليفرلى، وزير خارجية بريطانيا، ميلانى جولى وزيرة خارجية كندا، ماورو فييرا، وزير خارجية البرازيل، سانتياجو كافيرو، وزير خارجية الأرجنتين، لارس راسموسن وزير خارجية الدنمارك، ومارسيلو إبرارد وزير خارجية المكسيك، و... و... والتقى شكرى، أيضًا، سوبرامانيام جايشنكار، وزير خارجية الهند، الذى أشاد بالعلاقات المصرية الهندية، وأشار إلى وجود توجيهات من ناريندرا مودى، رئيس الوزراء، بتعزيز التعاون بين البلدين على مختلف الأصعدة، وأكد أن زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسى، الأخيرة، للهند، شهدت زخمًا كبيرًا، وأن رئيس الوزراء الهندى يتطلع إلى زيارة مصر قريبًا. كما تبادل الوزيران الرؤى حول الأزمة الأوكرانية وأزمتى الغذاء وتغير المناخ، ومختلف القضايا الإقليمية والدولية محل الاهتمام المشترك.
.. وتبقى الإشارة إلى أن مصر سبق أن شاركت فى اجتماعات مجموعة العشرين، سنة ٢٠١٦، خلال فترة الرئاسة الصينية، وسنة ٢٠١٩ خلال فترة الرئاسة اليابانية. كما شاركت، بشكل مستمر، فى قمة «مجموعة العشرين وإفريقيا»، منذ تم إطلاق دورتها الأولى، سنة ٢٠١٧، بمبادرة ألمانية.