حدث فى مهرجان المنصورة المسرحى
وجود مهرجان مسرحى بالمنصورة فى توقيت كهذا هو أمر فى غاية الأهمية، ويستحق كل أشكال الدعم بالتأكيد، كما يستوجب توجيه التحية إلى محافظ الدقهلية الذى أدرك الدور الهام للمسرح والثقافة فى بناء الوعى، وكأداة فى الحد من الجريمة ومواجهة كل أشكال العنف والتطرف، ودعوته لاستكمال هذا الدور عبر توجيه دعم أكبر لفرق الشباب بالدقهلية.
وقد سعدت حقيقة بالحراك الذى عاينته مع زملائى من أعضاء لجنة التحكيم والنقاد والفنانين من مصر والدول العربية المشاركة، وإن كنت أعتقد أن المهرجان تعجل قليلًا فى خطوة أن يكون عربيًا، فكان لا بد أن يعمل فى البداية على ترسيخ هويته ووضوح رؤيته وفلسفته فى مجتمعه المحلى، لكن هو أمر يمكن تداركه بإطلاق العديد من الفعاليات التمهيدية التى تسعى إلى دمج شباب المسرح والمسرحيين عمومًا فى الدقهلية وإشراكهم فى تنظيم المهرجان.
لكن قبل ذلك يجب أن نعمل على طرح سؤال ربما بدا بديهيًا وأوليًا لكنه ضرورى: من نحن ولماذا نصنع مهرجانًا للمسرح؟
من نحن؟ هو سؤال متصل بهوية المهرجان المسرحى، هل هو مهرجان للهواة أم للمحترفين، مهرجان نوعى يهتم بنوع معين أو شكل معين للمسرح، أم مفتوح على أشكال مختلفة، مهرجان محلى أم إقليمى أم دولى؟، وسؤال الهوية هو السؤال الأساسى وهو السؤال الذى تتحدد وفقًا له بالضرورة أهداف المهرجان.
إلا أن علينا أن نتفق على أن المهرجان، أى مهرجان، هو احتفالية وحدث ترويجى من الدرجة الأولى، لذا فإن الهدف المشترك فى كل مهرجانات المسرح بالعالم هو التسويق، التسويق السياحى والثقافى والتسويق للمسرح المحلى، ما يستلزم فى البداية الاهتمام بجودة المنتج المسرحى الذى تقدمه بالمهرجان بغرض تسويقه.
لذا فإن لجنة المشاهدة فى أى مهرجان هى آلية من أهم آليات ضبط المستوى الفنى، وعملها يتطلب جهدًا أول فى الإعلان عن فتح باب التقدم وإتاحة الفرصة لأكبر كم ممكن من الفرق ووضع معايير وضوابط تتوافق مع هوية المهرجان والنشر على نطاق واسع بما يسمح بخلق مجال أكبر فى الاختيار والمفاضلة، وهناك سر ليس بسر، يعرفه كل من ينظمون مهرجانًا، الفنانون والجمهور يمكنهم أن يتساهلوا ويغفروا أي أخطاء تنظيمية طالما قدمت له المستوى الفنى المطلوب.
فى النهاية يظل مهرجان المنصورة رغم كل شىء حدثًا هامًا وعملًا كبيرًا تم إنجازه: عدد كبير من العروض والفنانين، والورش والفعاليات، والنشرة المميزة، خطوط كثيرة تحتاج فقط إلى من يلضمها فى رؤية شاملة، ورغم كل شىء فإن إضاءة مسرح تساوى إضاءة آلاف العقول والقلوب، تساوى فتح نافذة للأمل والحلم والحب والطاقة الإيجابية.
لذا لا نستطيع إغفال الجهد المبذول وعدم نسبته لأصحابه ممن لهم الفضل فى إقامة هذا المهرجان لها، بداية من النائب أحمد الشرقاوى، رئيس اللجنة التنفيذية للمهرجان، والمخرج أحمد عبدالجليل، مدير المهرجان إلى كل العاملين بالمهرجان ولجانه، وأدعوهم للضم الخيوط المبعثرة وفتح حوار مع المسرحيين بالمنصورة لضبط هوية وأهداف المهرجان بدقة ووضع الاستراتيجيات التى ستمكنهم من تحقيق فلسفته وأهدافه وإدراك احتياجاتهم والعمل على بناء قدرات فنانى المسرح وتقديم الدعم المالى والفنى اللازم لهم، حتى يصير مهرجان المنصورة فسحة مسرحية يتطلع كل مسرحى لها، وتظل المنصورة جزيرة الورد التى أثرت الفن فى مصر والعالم العربى برموز ما زالوا من أهم مصادر قوتنا الناعمة أم كلثوم وفاتن حمامة وعادل إمام.