رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

السعودية ومصر.. قدر الأشقاء الكبار

قدر الأشقاء الكبار دومًا هو "تحمل المسئولية" سواء داخل الأسرة الصغيرة، أو في إطار العائلة، ربما خلقوا لمثل هذه المهمة الفريدة من نوعها فقط، يمارسونها بالفطرة، بكل حبٍ، وتفانٍ، وتضحيةٍ، والأهم من ذلك "العقلانية والقوة"، توصيف بسيط ربما يمكننا نقله إلى عالم السياسية، ونطبقه - بكل ما يحمله في طياته- على مصر والممكلة العربية السعودية.

تجمع مصر والمملكة علاقات تاريخية راسخة، قدرًا قبل أن تكون اختيارًا، تنظر إلى أوجه الترابط، فتُحاصر بالكثير، سياسيًا، جغرافيًا، أمنيًا، جيوسياسيًا، اقتصاديًا، والحرب على الإرهاب، إلخ.. والعنصر الأهم في تقوية كل ذلك هو "المسئولية" التي تتحملها كل دولة تجاه شقيقتها، بل وتجاه الاستقرار في العالم العربي والشرق الأوسط ككل.

1

تتمتع القاهرة والرياض بتعاون وثيق وتنسيق مواقف وتوافق مرن، بالإضافة إلى قيادتين حكيمتين، لا تؤتي ثمارها على بلديهما فقط، بل ترسم مستقبلًا مزدهرًا لشعب الدولتين، وتضعان أساسًا مثل الوتد لاستقرار المنطقة، وتوحيد الصف فيها.

ولم تخطئ سهام العلاقات المصرية السعودية في طريقها أبدًا، فبيننا أهداف استراتيجية قوية ذو رؤية موحدة، تمثل عمودًا فقاريًا لأمن ومستقبل المنطقة، "مسئولية" خاصة تجمعهما لمواجهة الأزمات الإقليمية والعالمية، وصد محاولات النيل من أي مكون في الجسد العربي المتراص كالبنيان.

2

أما على الصعيد الثنائي ففي حال تطرقنا إليه سنحتاج إلى مجلدات نسرد خلالها ما يجمع البلدين منذ تأسيس المملكة، مرورًا بالتلاحم ضد "المحتل"، واستخدام السعودية والخليج "سلاح النفط" في حرب أكتوبر 1973، حتى نصل إلى تاريخ مصر الحديث، بعد الزلزال الذي ضرب الدول العربية في 2011 وطال القاهرة، ومساندتهم المهمة المصرية في الخلاص من "كابوس الإخوان الإرهابية"، وحتى دعم بناء مصر العظمى من جديد.

كل ذلك، لمحة سريعة في علاقة تمتد عبر تاريخ مليئ بالدعم والمساندة والتوافق، والتعاون المكثف في مواجهة التحديات التي تتولد عبر الساحات المختلفة، فمصر والسعودية يتشاركان في الجغرافيا، السياسية، الأمن، والقوة، لن يميل أحدهما طالما معه الآخر.

3

هل يهم السعودية "استعادة مصر العظمي"؟ نعم، دون شك، ليس تحليلًا أو تأويلًا، ولن نسرد الحفاوة وعمق العلاقات التي تجمع بين الرئيس عبدالفتاح السيسي، وملك السعودية سلمان بن عبدالعزيز، أو ولي عهده، لكنه ما نطق به ولي العهد محمد بن سلمان "أمير المملكة الشاب"، فخلال حديثه – عام 2018- عما تشهده مصر من تنمية وما يراه خلال زياراته المختلفة إليها، اهتم بإبراز "ما يفعله المسئولون المصريون بشكل لا يصدقه هو لاستعادة مصر العظمى.. مصر القوية".

ليس اللافت هنا حديث بن سلمان عما يراه في مصر بوضوح وصراحة مطلقة، لكنها تلك النبرة الفرحة والمتفاخرة بما يحدث في أرض الكنانة، ذلك التطور السريع والتنمية الاقتصادية والاجتماعية التي تجري على قدمٍ وساق، أثارت حبه الفطري إلى ذلك البلد، وتفاؤله برؤيتها أعظم وأقوى.

4

هل يهم مصر العلاقات مع السعودية؟ بكل تأكيد، وقالها الرئيس السيسي – بالفم المليان– "حينما يتعرض الأمن القومي العربي لتهديد حقيقي.. مسافة السكة"، وأعادها لمن لم يدركها جيدًا، فقال الرئيس، في مناسبة أخرى بحضور الأمير محمد بن سلمان: "مصر والسعودية جناحا الأمن القومي العربي.. ولن ترونا إلا معًا".

لم يكن تأكيد الرئيس السيسي هنا عبارة عن كلمات تقليدية تصف عمق العلاقات، لكنها كانت رسالة علنية، ورؤية ثاقبة، لسد الطريق أمام أهل الشر ممن يخططون إلى "الإيذاء والفرقة" بالنيل من الرياض أو القاهرة أو الاثنين معًا، ليتسللا إلى النسيج العربي فيحرقونه.

5

حسنًا، أين الخلاف؟ أجيبك ببساطة، بريق هذه العلاقات الممتدة والمنعكس في أعين هؤلاء المتطرفين هو الخلاف "الكاذب" الذي يحبون خلفه، يؤرقهم ذلك الترابط، ويسعون لنبشه، وزعزعته، أو بالأحرى تخريبه.

إذًا، لدينا فرصة الآن لاستمرار العمل معًا، لكمة جديدة دون مجهود نوجهها، ستطرحهم أرضًا، وتبدد آمالهم المسمومة، وتقضي على مخططاتهم السوداء، وتريهم مجددًا أن مصر والسعودية "لن تروهما إلا معًا".