برلمانات العرب وأمنهم الغذائى
ملف الأمن الغذائى يتصدّر أولويات العمل العربى المشترك، منذ سنوات طويلة، وتجدّد الاهتمام به بعد التطورات الدولية الأخيرة، المقلقة والخطيرة، التى أدت لتراجع الأمن الغذائى العربى، الإقليمى، والدولى، وعليه، كان طبيعيًا، منطقيًا، وضروريًا، أن يتصدر هذا الملف جدول أعمال المؤتمر الخامس لرؤساء المجالس والبرلمانات العربية، الذى انطلقت فعالياته أمس، السبت، بمقر الأمانة العامة لجامعة الدول العربية فى القاهرة.
لدى جامعة الدول العربية «دراسة استراتيجية تكاملية حول سبل تعزيز الأمن الغذائى»، ناقشتها القمة العربية الحادية والثلاثون، التى استضافتها الجزائر، فى نوفمبر الماضى. وفى سبتمبر الماضى، استضافت القاهرة ورشة عمل إقليمية حول «التخطيط الاستراتيجى وتطوير السياسات فى مجال الأمن الغذائى»، عقدتها «المنظمة الإسلامية للأمن الغذائى». وفى هذا السياق، جاءت الوثيقة، التى أعدّها «البرلمان العربى»، تحت عنوان «رؤية برلمانية لتعزيز الأمن الغذائى العربى»، لتتناول التحديات والتهديدات، التى تواجهها الدول العربية فى هذا الملف، والدور الذى يمكن أن يقوم به البرلمانيون العرب، لتجاوز تلك التحديات أو التهديدات.
الوثيقة، التى قامت لجنة تحضيرية بمناقشتها وتنقيحها، تتضمن توصيات أو مقترحات، يمكن أن تساعد، بشكل أو بآخر، فى التصدى لمشكلة الأمن الغذائى العربى، ومن المقرر أن يتم رفعها إلى القادة العرب، لتكون على جدول الأعمال فى القمة العربية الثانية والثلاثين، المقرر أن تستضيفها السعودية، خلال العام الجارى. وعلى الأرجح، كان الرئيس عبدالفتاح السيسى هو أول قائد عربى يتلقى نسخة من هذه الوثيقة.
بحضور الدكتور حنفى جبالى، رئيس مجلس النواب، استقبل الرئيس السيسى، صباح أمس، وفدًا من رؤساء المجالس والبرلمانات، المشاركين فى المؤتمر، يتقدمهم عادل العسومى، رئيس البرلمان العربى، وتشيف تشارومبيرا، رئيس برلمان عموم إفريقيا، الذى أسعدنا أن يكون ضيف شرف المؤتمر. كما أسعدنا، أيضًا، أن يؤكد البرلمانيون، أعضاء الوفد، حرصهم على بلورة رؤية برلمانية مشتركة لمواجهة التحديات التى تواجه الأمة العربية، وأن يثمنّوا جهود مصر، ومواقفها المشرفة، المشهود لها، فى الدفاع عن الأمن القومى العربى، وأن يعربوا عن تقدير الشعوب العربية للمسار السياسى والتنموى البَنَّاء الذى سارت فيه الدولة المصرية، خلال السنوات الماضية، والذى مكّنها من الصمود أمام التحديات الهائلة التى طالت دول المنطقة.
دعم مصر لجهود تعزيز التواصل والتعاون البرلمانى العربى، ولتبادل الخبرات ودفع جهود التكاتف والتكامل بين الدول العربية إجمالًا، أكده الرئيس السيسى للبرلمانيين الأشقاء، مثمنًا قرار البرلمان العربى بالتركيز، خلال مؤتمره الخامس، على الأمن الغذائى، الذى تتعاظم أهميته فى ظل أزمة الغذاء العالمية الراهنة. كما أكد الرئيس حرص مصر على تعزيز العلاقات العربية المشتركة ودعم جميع الدول العربية فى مساعيها لتحقيق الاستقرار والتنمية، مشددًا على أن استقرار وسلام كل دولة عربية هو استقرار وسلام لمصر.
بعد ساعات قليلة من هذا اللقاء، انطلقت فعاليات المؤتمر الخامس لرؤساء المجالس والبرلمانات العربية، ودعا عادل العسومى، رئيس البرلمان العربى، فى كلمته بالجلسة الافتتاحية، إلى تعزيز التعاون والتكامل والاستغلال الأمثل للميزات النسبية التى تتمتع بها كل دولة عربية، حتى نحقق الاكتفاء الغذائى ذاتيًا، وألا نترك قوت شعبنا العربى رهنًا بمصادر خارجية تخضع لتقلبات المصالح والتحالفات، محذرًا من خطورة تفاقم مشكلة الأمن الغذائى بشكل أكبر، ما لم نتكامل لتلبية احتياجات شعبنا العربى من الغذاء، وحمايته من أى اضطرابات مستقبلية. وبعد إقرار العسومى بأن العديد من الأزمات، التى تشهدها منطقتنا العربية، لا تزال عصيّة على الحل، أكد أن مشكلة الأمن الغذائى لا تحتمل الانتظار، وأننا لا نملك رفاهية الوقت فى التصدى لها.
.. وتبقى الإشارة إلى أن البرلمان العربى، قام خلال زيارة مدير عام «المنظمة الإسلامية للأمن الغذائى» للقاهرة، فى ١٩ سبتمبر الماضى، بتوقيع مذكرة تفاهم مع المنظمة، لنشر ثقافة وأدوات وآليات تمكين النظم الغذائية المستدامة، وبناء المؤشر العربى للأمن الغذائى. كما اتفق رئيسا البرلمانين العربى والإفريقى، أواخر يناير الماضى، على ضرورة تعزيز التعاون بين الجانبين والعمل على تحقيق التنمية الشاملة والمستدامة، فى عموم الدول العربية والإفريقية، ومواجهة التدخلات الخارجية، التى قامت باستغلال دولنا طمعًا فى ثرواتها.