أزمة الغلاء
بلا شك إن مشكلة الارتفاع اليومي للأسعار تؤرق الشعب المصري كله بجميع طبقاته، وتشير أصابع الاتهام لجشع التجار تارة وللحكومة تارة ولتكاسل الشعب عن مقاطعة السلع تارة أخرى.
جشع التجار مردود عليه بأن التاجر يرى نفسه مظلومًا بحجة ارتفاع أسعار الدولار ومستلزمات الإنتاج المستوردة، والحكومة ترى أن الأزمة عالمية ولا دخل لها بها وأنها تبذل كل جهدها بتوفير العلف والدقيق بسعر مدعم، والمواطن العادي يسخر من كلمة مقاطعة اللحوم والدواجن والبيض، فهو بالفعل ليست لديه القدرة الشرائية اليومية لها.
لو استسلمنا لمبررات الأطراف الثلاثة سيستمر الارتفاع الجنوني لأسعار كل السلع وسنواجه حالات انهيار مجتمعي لكل الطبقات.
الحل المنطقي للخروج من هذه الأزمة من وجهة نظري يتلخص أولًا في محاربة الفساد بجدية أكثر، وسن عقوبات رادعة، ولنا في تجربة الصين قدوة؛ حيت يتم هناك الحكم على المرتشين والفسدة بالإعدام.
ثانيًا زيادة الرقابة الحكومية على أسعار السلع الأساسية، ولا مانع من وضع أسعار جبرية مرحلية لها، خاصة في وجود قانون الطوارئ.
ولتنمية مواردنا يجب كسر الروتين القاتل والتعامل بفكر مفتوح وراقٍ في مجالات السياحة والاستثمار، خصوصًا في المناطق الحرة.
قرأت أخيرًا أن الدولة تقوم حاليًا ببناء مدينة طربول وبها 13 ألف مصنع وشركة، والتي لقبتها وكالة «رويترز» بقلعة الصناعة العالمية الجديدة، وصنفتها المؤسسات الاقتصادية الدولية ضمن أكبر 20 مشروعا يتم انشاؤها في العالم.
بمجرد الإعلان فقط عن المرحلة الأولى من طربول، ارتفع سعر المتر من ٥٠٠ جنيه إلى ١٥ ألف جنيه، واستطاعت جذب في أول مرحلة استثمارات ٣ مليارات دولار، استثمارات مباشرة، بخلاف الشراكات المحلية والدولية والشركات العالمية الكبرى التي تعاقدت بالفعل، ١٢ شركة أجنبية تبني مصانعها فعليًا الآن في قطاعات الكيماويات والصناعات الاستراتيجية والهندسية والتصنيع الغذائي، بخلاف قائمة طويلة من أكبر الشركات التي تقدمت بطلبات تتم دراستها.
كذلك هناك مدينة بنبان فى أقصى صعيد مصر محافظة أسوان، أكبر مشروع لإنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية، وفي بني سويف، وما يجرى في المحلة من إعادة تطوير وتشغيل لمصانع النسيج.
دور مهم للدولة يلقي بصيصا من الأمل في حل الأزمة، لكننا نحتاج لإعلام تنموي يتابع ما تقوم به الدولة من جهود وينشرها ببساطة ووعي.
أما دور المواطن الصالح فيتلخص في الإنتاج ثم الإنتاج ثم الإنتاج، لا بد من تكاتف الكل لعبور هذه الأزمة قبل أن تكون طاحنة للجميع.