لأول مرة فى الصحافة المصرية.. ننشر المشاهد الأولى من مسرحية « رابعة العدوية- فليتك تحلو»
مدخل
اُختلف كثيرًا على حياة رابعة، ووجد المؤرخون ومنهم الدكتور عبدالرحمن بدوى صعوبة فى التحقق والتأكد من المصادر التى حكت عن حياتها، كما أشار معظمهم إلى الخلط بينها وبين رابعة بنت إسماعيل الشامية.. بل شكك البعض فى وجودها.. وفى الأشعار المنسوبة لها.. وفى سيرتها الذاتية الشائعة.. لذا فرابعة فى المسرحية ليست رابعة العدوية، ولم نلتزم سوى الضرورة الأدبية، النص يستلهم فقط سيرة التحرر التى مرت برابعة ويمر بها العديد من النساء أيًا كانت طريقتهن فى الوصول إلى الحرية.
الشخصيات
رابعة: فتاة ممشوقة القوام فى أوائل العشرينيات، ملامح وجهها تجمع على نحو عجيب بين البراءة والإغواء.
رابعة الطفلة: فتاة جميلة منطلقة واثقة فى ذاتها.
إسماعيل: والد رابعة: ضعيف البنية لكنه قوى الشخصية.. يائس لكنه لين القلب.
أم الخير: والدة رابعة: امرأة جميلة وحكيمة فى الأربعينيات، لكن يظهر عليها الشقا.
المتطفل/ النخاس: قوى البنيان غليظ.
عبدالله: رجل فى الأربعين من عمره، معتز بذكورته، قاسى الملامح.
سعاد زوجة عبدالله: امرأة فى الثلاثينيات- جميلة ومقهورة.
شمس: شاب فى الثلاثينيات من عمره- وسيم ورقيق الملامح.
حسن البصرى: رجل ضعيف البنيان يرتدى الخيش.. صوته مميز.
مجموعات: «ضيوف عبدالله- رجال الحضرة- الجوارى»
المشهد الأول
افتتاحية/ القيد
امرأة مكبلة تحاول وتقاوم القيد، بينما نسمع صوتًا أنثويًا من الخارج يغنى أشعار جلال الدين الرومى:
أقصى ما أعوزه أن أقفز خارجًا عن هذا الجسد
ثم أجلس بعيدًا عن تلك الوثبة
لقد عشت طويلًا حيث يمكن أن أصاد
مع نهاية الغنوة تبدأ المرأة المقيدة «ويمكن أن يصرن عددًا من النساء» فى مغالبة قيدها/ قيدهن:
المرأة المكبلة: أينزاح القيد
هل أستطيع الإفلات منه
صوتى خافت
جسدى ضعيف مثقل بالرغبات
جسدى ضعيف مثقل بالحنين
«تصرخ صرخة طويلة»
المشهد الثانى:
الجوع أصدق أنباءً من الكتب:
طفل صغير يبكى بكاءً متصلًا لا ينقطع.
إسماعيل: أسكتيها.. لا طاقة بى لاحتمال صوتها
أم الخير: لقد جف ضرعى وهى أيضًا جائعة وتبكى.
إسماعيل: اطبقى على فمها.. اخرسيها.
أم الخير: أو تهون رابعة عليك يا إسماعيل؟
إسماعيل: لو استطعت لأجهزت عليها بمجرد ولادتها فأنقذتها من هذا البؤس وأنقذتنا.
أم الخير: لا تدرى فلربما ازددنا رزقًا بها.
إسماعيل: بل ازددنا فمًا جديدًا يقتسم معنا هذا الرزق الشحيح.
أم الخير: إسماعيل.. لمَ لا تذهب للسوق ربما يحتاج أحدهم حمالًا؟
إسماعيل: يا أم الخير «يضحك» لا يشترى الناس فى البصرة هذه الأيام ما يستدعى حمله.. ومن يشترى يجلب خادمه معه فلا يريد للغرباء أن يطلعوا عليه.
تعود رابعة للبكاء
إسماعيل: قلت لكِ أطبقى على فمها، أخرسيها فلربما سمعها أحدهم؟
أم الخير: أحدهم مَن يا رجل؟
إسماعيل: بعض الناس توحشوا من الجوع وما إن يعرفو أن ثمة مولودًا جديدًا يأتون لسرقته والتهامه.
أم الخير «تشهق»: يلتهمون الرضع.. أو تصدق تلك الأكاذيب يا إسماعيل؟
إسماعيل: أصدق الجوع.
ينام إسماعيل ثم يسمع صوت هاتف فى نومه: لا تحزن فابنتك ستكون ذات شأن جليل.. إن سبعين ألف رجل سيرجون شفاعتها.
يستيقظ إسماعيل يجرى على ابنته ويحتضنها.
المشهد الثالث:
الموسيقى ينبوع فى الصحراء
رابعة وقد صارت فتاة صغيرة، تفتحت أزهار أنوثتها، تعزف على ناى فى مجال مفتوح كالصحراء، وبينما تعزف يعاد تشكيل الفضاء «يزهر- يتراقص- تتفجر ينابيع الماء».
فى جانب المسرح يقف أبوها يتأملها وقد بدأت ترقص بمصاحبة نايها، ثم يظهر رجل يتلصص، يراه الأب فيتجه نحوه ويحتدم بينهما الحوار، يبدو أن الأمر متعلق برابعة «ذات الرجل هو النخاس فيما بعد».
إسماعيل: لماذا تختلس النظر على هذا النحو يا رجل؟ مَن أنت وماذا تفعل؟
المتلصص: أتحاسبنى «يضحك» أنا من يجب أن يحاسبك، هذب ابنتك يا رجل.
إسماعيل: أنت من يجب أن تتهذب؟ لماذا تتلصص علىّ وعلى ابنتى؟
المتلصص: أتلصص؟! إنها ترقص فى الخلاء، ولقد أتيتك ناصحًا، فابنتك تفتننا.
إسماعيل: إنها طفلة تمرح.. تفتن مَن؟
المتلصص: تفتن الناس.
إسماعيل: أنت من اختلست النظر إلينا.. غُض بصرك.. فليس ثمة إنسان آخر سواك.. إنها ترقص فى الخلاء.
المتلصص: وهل هذا الخلاء هو بيتكم.. إنه مباح للجميع.. وحتى ولو لم أنظر لها.. سيصل لسمعى صوت عزفها على الناى.. أستغفر الله العظيم.
إسماعيل: وهل ضرك أن تنصت لصوت الموسيقى.
المتلصص: الناى هو صوت الشيطان يا رجل.. والموسيقى هى الشيطان نفسه.. إن ابنتك تعزف على مزمار الشيطان.
رابعة تنتبه وتتجه نحوهما
إسماعيل: لا شأن لك بنا.
المتلصص: من رأى منكم منكرًا..
إسماعيل «يتصدى للمتلصص بقوة ويدفعه بعيدًا»: ابعد عن هنا يا هذا.. فالمنكر هو أنت.. تلصصك واستراقك السمع والنظر هو المنكر.. تدخلك فيما لا يعنيك هو المنكر.. أما الموسيقى فهى نور ينسال فى الروح لا يدركه أمثالك.. ابنتى حرة.. روحها حرة.. جسدها حر.. وسينسال اللحن من روحها وجسدها رغمًا عنكم.
«يخرج المتلصص غاضبًا وترتمى رابعة فى أحضان أبيها فخورة به وبدفاعه عنها وعن الموسيقى».
«تبدأ هنا رقصة تعبر عن علاقتها بأبيها وقربه منها وتنتهى بفراقه.. لتعود رابعة وحيدة فى مواجهة الحياة».
المشهد الثالث:
التوهة تيه فى الصحراء
رابعة «وقد صارت أنثى مكتملة.. تائهة تتخبط فى الصحراء.. تعزف على الناى وترقص»:
أبى.. أشتاق إليك.. أترانى.. أتشعر بى.. أتعرف ما ألم بى أنا وإخوتى.. تفرقت بنا السبل.. شتتنا الفقر والجوع ومطاردة لقمة العيش.. الحياة قاسية يا أبى وأنا يتيمة.. وحيدة.. أتخبط كلما جعت.. اقتت على ذكرى طبيخ أمى الساخن.. كلما شعرت بالبرد تدفأت بذكريات ضحكنا وغنائنا ببيتنا الدافئ.. لقد تهدم الآن.. لماذا تركتانا أنت وأمى وحيدين فى حياة تنشب أظافرها فى وجوهنا.. تختبر نقاءنا.. بينما تغسل يديها المتسخة فى دمائنا.. الحياة مريعة.. قاسية يا أبى.. وأنا الآن يتيمة.. وحيدة.. تائهة فى الصحراء.. لكننى رغم التوهة أشعر بالتيه.. أزهو على الحياة بخطواتى الثابتة.. لا أخجل من طلبى العيش.. أرتحل من بلد لبلد لأعمل بأى عمل مهما كان شاقًا طالما سأبقى شريفة وحرة.. وكلما اهتززت وانتابنى الخوف تشممت رائحتك.. ويدك الدافئة تربت على كتفى.. أأتنس بصوتك وتطمئننى كلماتك التى ما زالت عالقة بقلبى «ابنتى حرة وسينسال اللحن من روحها وجسدها رغمًا عنكم» فأحسن الظن بالله وأشعر بأن يد الله ستحنو علىّ.
يظهر ذات الرجل المتلصص يضحك بصوت مرتفع
النخاس/ المتلصص: تائهة أنت يا فتاة؟
رابعة: لقد قطعت طريقًا طويلًا لكنى فقدت بوصلتى
النخاس: سأساعدك لأنك فتاة شريفة وحرة.. اعتمدى علىّ وسأكون بوصلتك.
رابعة: أتعرف الطريق؟
النخاس: طبعًا.. يبدو أن الله سخرنى لأكون دليلك فى تلك الصحراء..
«يلف يده حولها ويحملها عنوة.. تنتبه له رابعة وتتذكره.. وهنا تبدأ رقصة تحاول الإفلات فيها منه.. بعد مقاومة كبيرة تستسلم فى النهاية».
المشهد الرابع:
رابعة فى سوق النخاسة
رابعة مقيدة ويبدو أنها معذبة وشبه غائبة عن الوعى بفعل العذاب والتخدير..
النخاس: انظروا إليهن.. ما أجملهن..
هذه للفراش
وهذه للمجالسة والمؤانسة
وهذه للمطبخ
وهذه للأحمال
وهذه للحقل
أما هذه «يمسك برابعة» فهى نساء عديدات فى امرأة واحدة
عيناها تثيران الفتن
ثغرها بستان كرز
ثدياها ناتئتان كرمانتين
قوامها المنحوت يطوق لتطويقه
فخذاها رخاميتان كعمودى معبد يتوسطهما المذبح «يضحك»
ترقص وتغنى وتعزف على الناى
تحكى الحكايات وتقرض الشعر
تكنس وتمسح وتطبخ أشهى الطعام
تغنج وتنخر وتلون صوتها
تمتطيها وإن شئت تمتطيك
امرأة كاملة متفجرة الأنوثة
تستطيع أن تشتريها جملة وقطاعى «يضحك»
بـ100 دينار فقط نفتتح المزاد:
«نرى رجلًا يرغب فى شرائها لكن يلمح كدمات بوجهها وأنها غير متزنة فيتركها بعدما يتفحصها- يبدأ الباقون المزايدة لشرائها:
150 دينارًا
200
220
300
350
400
أثناء ذلك تتخطفها الأيدى من يد ليد.. مع المزايدة بالأرقام.. إلا أن تستقر فى يدى عبدالله، رجل ضخم الجثة، قوى البنيان، تبدو عليه مظاهر الثراء.
عبدالله: 500 دينار
يبدو أنه رجل ذو سطوة ومكانة، بحيث لا يجرؤ أحد منهم على المزايدة عليه فينسحب الجميع، يدفع الدنانير للنخاس ويأخذها.
المشهد الخامس:
ترويض الفيلة
يدخل السيد مصطحبًا رابعة التى ما زالت تترنح.. زوجته واقفة تتأمله:
سعاد: جارية جديدة يا عبدالله.
عبدالله: لا شأن لك.
سعاد: حقًا لا شأن لى فما أنا إلا مجرد زوجتك.
عبدالله: زوجتى؟ من زمن لم أسمع تلك الكلمة؟ ومن قبل أن تكونى زوجتى.. ماذا كنت؟
سعاد «بغيظ»: جاريتك.
عبدالله: وما زلت.. أردتك فقط أن تنطقيها.. لتعرفى أن كونى حررتك ورفعت قدرك من جارية لزوجة أمام الناس.. لا يعطيك الحق أن تعاملى سيدك وكأنك سيدته.. فهمت؟
سعاد: «يختنق صوتها بالبكاء لكنها توجه كلامها لرابعة التى ما زالت تحت أثر المخدر» اسمعى يا حلوة أنت مجرد لعبة جديدة.. قريبًا سيملها.. وحينها ربما تصيرين زوجته.
تخرج سعاد.. يأخذ عبدالله رابعة ويربطها فى عمود رخام فى حجرة ضيقة، تحاول أن تفلت لا تقوى، تعيد المحاولة فلا تقدر.. يقدم لها الطعام فترفضه، يرفع الطعام، تحاول مرة أخرى أن تفلت من القيد.. يقدم لها الماء.. فتزيحه.. تحاول ثانية الإفلات من القيد، يعود فيقدم لها الطعام فترفضه.. تعيد الكرة.. يقدم لها الماء فتشرب هذه المرة.. منهكة جدًا وعطشى جدًا.. يفك القيد من العمود ويربطه بحجر تحاول أن تفلت من القيد فتجر معها الحجر.. تسير والحجر الثقيل بموازاتها.. لا تقوى على جره فتقع مغشيًا عليها.. يقترب منها يسقيها ويطعمها.. حين تستفيق تكون قد استسلمت تمامًا.. واقتنعت أنها أضعف من الحجر.. أضعف من القيد.. تتردد فى أذنها كلمات أبيها وما ظنته من أن الحياة ستحنو عليها.. تضحك ساخرة من سذاجتها.. رابعة الآن قابلة للتطويع مستسلمة.. غاضبة مما فعله بها القدر.
تقرر رابعة أن تكفى نفسها شرور سيدها وأن تصير طوعًا لما أريد لها دون حاجة للقيد.. لكن وعلى نحو ما فإن أفعالها صادرة أيضًا عن غضب ونزق واختصام للعالم.. ورغبة فى الانتقام من هذا الوجود القاسى.
المشهد السادس:
لعبة الأدوار المقلوبة
رابعة وعبدالله فى غرفة نومه يقلبان الأدوار فى إطار متطلبات الشهوة فتكون رابعة هى السيد وهو العبد.
رابعة: اسمع.. تعال.. احملنى.. «تضربه بالسياط حين يحاول حملها بذراعه».. ليس هكذا يا بغل.. «تركبه كحمار يتجول بها داخل الغرفة.. تضحك وتزجره بقدمها ليحث الخطى فتضحك» أيسعدك هذا؟
عبدالله: أيما سعادة يا سيدتى «تعود لضربه بالسياط».
رابعة: أنا ستك يا بغل.. وست ستك أيضًا.
«تصمت قليلًا ثم تستطرد»: نعم أنا ستك فى تلك الغرفة المغلقة أنا ستك.. ماذا لو غرزت سكينى فى فخذيك ثم رششت الملح فوق جروحك.. ما رأيك ألن يكون أمرًا مثيرًا؟
عبدالله: افعلى بى ما تشاءين.
رابعة: اطمئن سأفعل.. لكن..
عبدالله: لكن ماذا يا تاج راسى؟
رابعة: قل يا ستى «تضربه».
عبدالله: ستى والله.
رابعة: هل أنا ستك هنا فقط؟
عبدالله: أنت ستى وأنا عبدك أينما تريدين.
رابعة: إذن فلتتجول بى خارج الغرفة..
عبدالله: ترحمى بعبدك سيدتى.
رابعة: سيدتك لا تعرف الرحمة.. هيا اخرج قبل أن ألهب ظهرك بالسياط.
عبدالله: فلتلهبى ظهرى بسياطك، أنا ملكك.
رابعة: وأنا أرغب فى أن ألهب ظهرك بالسياط فى بهو البيت.
عبدالله يدفعها ويقلبها من فوق ظهره: تعقلى يا رابعة لا تنسى من أكون؟
رابعة: لست أنا من ينسى.. أنت من طلبت أن تنسى.. لكن يبدو أنك لا تستطيع الاندماج.
عبدالله: إنها مجرد لعبة للاستمتاع.
رابعة: نعم هى لعبة كما قالت زوجتك، أليس كذلك؟.. لعبة تأسست على قلب الأدوار.. فلتندمج فى دورك.. ولتكمل لعبتك لنهايتها.. اتركها تستبيحك وتسحقك وتجز عنقك إذا لزم الأمر وإلا صارت لعبة بليدة كاذبة واستنفدت أغراضها.. اسمع.. ماذا لو أضفنا عاملًا جديدًا للتشويق والإثارة.. أتظن أننى أفعل ما أفعل من أجلى.. بل من أجلك أنت.. تصور مدى الإذلال الذى ستشعر به وأنت تتجول بى فى باحة المنزل وأنا ألهب ظهرك بسياطى وأذيقك كل أنواع العذاب.. أليس الأمر مثيرًا.. ألا يستحق التضحية.. مغامرة قصيرة.. وأنت تعرف أن البهو خالٍ فقد ذهب الجميع للنوم. «عبدالله وقد اقتنع يحمل رابعة ويجول بها فى باحة البيت».
أما وقد لعبناها مرارًا هنا.. حان وقت الإثارة.
أثناء ذلك تخرج زوجة عبدالله وتراه
سعاد: عبدالله.. ماذا تفعل؟
عبدالله يزيح رابعة من فوقه ويقف معدلًا من هيئته شارعًا فى الشرح لزوجته لكنها تنظر إليه مصدومة وتغادر مسرعة.
يغتاظ عبدالله ويبدأ فى ضرب رابعة
عبدالله: هل هذا ما أردتيه.. أنت سعيدة الآن؟ أليس كذلك؟
تعود سعاد وتخلصها منه صارخة فيه: كفى.. كفى.
تخرج رابعة مسرعة
سعاد: لماذا تزوجتنى يا عبدالله؟
عبدالله: ألم يكن ذلك أكرم لك.
سعاد: على العكس.. قبل أن أتزوجك كنت جارية ككل الجوارى.. أعرف ماذا لى وماذا على.. أعرف أننى مكرسة لمتعتك وسعادتك ومهما كان هذا قاسيًا علىّ لكن كونى مجبورة عليه كان عزاء لى.. لم أكن لأنزعج حين أعاينك مع امرأة أخرى تؤدى ما هى أيضًا مجبورة عليه.. لكننى الآن لا أنا مجبورة.. ولا أنا حرة.
عبدالله: إنك امرأة تعشق اللغو.. لمَ لا تتركين الأمور تسير فى مساراتها وتحمدين الله على ما أنت فيه يا امرأة.
سعاد: امرأة.. اسمى سعاد.. لماذا لم تعد تنادينى باسمى.. حين كنت جارية كنت تنادينى به.. هل كونى زوجتك أفقدنى اسمى.. هل كان تجهيلى أحد شروط إعتاقى من الرق.. أما أن الزوجة لا اسم لها.. أما أن صمتى وصبرى على أفعالك جعلنى فى عينيك ظلًا باهتًا.
عبدالله: صبرك؟!
سعاد: نعم لقد صبرت كثيرًا على اعوجاجك.. وفى كل مرة أقول إنها الأخيرة.. ثم تعود.. فأحبط.. ثم يتجدد الأمل وأقول هذه المرة هى الأخيرة.. ثم تعود.. ثم أحبط.. ثم يتجدد الأمل.. لقد أنهكتنى.
عبدالله: هذا ما كان ينقصنى حقًا.. امرأة غبية تتجرأ على سيدها وتدعى أنها صابرة عليه؟؟!! «يمسك بشعرها ويجذبه نحوه بقسوة» أغلقى فمك يا سعاد.. ها.. سعيدة الآن.. لقد نطقت اسمك «يجذب رأسها يمنة ويسارًا وهو ممسك بشعرها» أنت غبية يا سعاد.. أفسدتى علىّ ليلتى يا سعاد.. أنت أكثر نساء العالم حبًا للكآبة يا سعاد «يدفعها بعيدًا فتقع على الأرض».
سعاد «باكية»: حررنى يا عبدالله.
عبدالله: سبق وحررتك «يصمت ثم يستدرك» يا سعاد.
سعاد: حررنى يا عبدالله.
عبدالله ساخرًا»: مما أحررك أيتها المخبولة؟
سعاد: من أملى فيك.
عبدالله: ماذا؟؟!! «يضحك ثم يقهقه».
سعاد: حررنى من أملى فيك يا عبدالله.. أغلق بابك بإحكام فقد أنهكنى الأمل.
يصمت عبدالله لكن يبدو عليه التأثر بكلامها رغم مكابرته.. يغادر بهو المنزل.. تنهار سعاد باكية وهى تكرر: أغلق بابك بإحكام فقد أنهكنى الأمل.