محاولة للتجسس أم انحراف عن المسار.. انقسام أمريكي بشأن أزمة المنطاد الصيني
سلطت وسائل الإعلام الأمريكية الضوء على المنطاد الصيني الذي تم رصده فوق المجال الجوي الأمريكي لبضعة أيام، لكن وزارة الدفاع الأمريكية قررت عدم إسقاطه بسبب مخاوف من إيذاء الناس على الأرض، وانقسم الاعلام الأمريكي بين من يعتقد ان المنطاد محاولة صينية للتجسس أو أن المنطاد انحرف عن مساره.
نيويورك تايمز: الولاية التي حلق بها البالون بها 150 صومعة للصواريخ الباليستية
وقالت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، إن البالون الذي تصر السلطات الصينية على أنه مركبة مدنية مصممة لتسجيلات الأرصاد الجوية أكثر منه للتجسس، وصل إلى مونتانا، وهي ولاية معروفة ببتربية المواشي والجمال الطبيعي المذهل وبخلاف ذلك تضم مواقع عسكرية سرية.
وتابعت الصحيفة أن بعض سكان مونتانا تسائلوا عن سبب إرسال الصين بالونًا في زمن أقمار التجسس الصناعية عالية التقنية.
وقال بيل كول، رئيس بلدية بيلينغز: "لست خبيراً، لكن لا يمكنني أن أفهم لماذا لم تقم الحكومة بإسقاط هذا الشيء"، مشيرا إلى أن مونتانا بها سبعة أشخاص فقط لكل ميل مربع في إشارة إلى عدم وقوع ضرر على السكان حال إسقاطه.
وأضافت الصحيفة الامريكية “بالنسبة للبعض، لم تكن المشكلة تتعلق بما إذا كان ينبغي ترك البالون ليبقى فوق مونتانا، ولكن لماذا سُمح له بالوصول إلى هناك في المقام الأول،لاسيما والولاية موطن لقاعدة مالمستروم الجوية و150 صومعة للصواريخ الباليستية العابرة للقارات”.
وأوضح بريان شفايتسر، الحاكم السابق لمونتانا، أنه يتفهم قلق الناس قائلا “في مونتانا، لا نحب أن ينظر الناس إلى أسوارنا ولكن صعب أن نصدق أن الصين تتجسس على صوامع الصواريخ بالولاية”، مشيرا إلى أن صوامع الصواريخ موجودة تحت الأرض وغير مرئية ولكن أماكنها معروفة ويمكن استئجار سيارة للوصول إلى أماكن قريبة من هذه الأماكن العسكرية والتقاط صورا لها بدلا من إرسال منطاد طائر يكلف الكثير.
إن بي أر: الحادث يأتي في وقت توترت فيه العلاقات بين بكين وواشنطن
من جهتها قالت إذاعة “بي ان ار” الأمريكية، ان الحادث يأتي الحادث في وقت متوتر للعلاقات بين الولايات المتحدة والصين، حيث تراوحت مخاوف الأمن القومي الأمريكية من تطبيق تيك توك الصيني وصولا إلى أزمة تايوان وقبل أن يلتقي بلينكين بالرئيس الصيني شي جين بينغ في بكين كجزء من محاولة لنزع فتيل هذه التوترات.
وجاءت الرحلة في أعقاب اجتماع الرئيس بايدن مع شي في بالي في نوفمبر، كذلك كان من المقرر أن يزرو بلينكين غدا الأحد بكين في أول زيارة لمسؤول من إدارة بايدن للصين.
وقالت الإذاعة الأمريكية إن هذه البالونات الكبيرة تحمل كاميرات أو معدات أخرى وتحلق فوق منطقة معينة، عادةً على ارتفاع يتراوح بين 80.000 و120.000 قدم، وفي المقابل، تحلق الطائرات التجارية بشكل عام على ارتفاع حوالي 35000 قدم.
وتقول خدمة المتنزهات الوطنية إن استخدام بالونات التجسس داخل الولايات المتحدة يعود إلى الحرب الأهلية، عندما استخدم طرفي الحرب بالونات الهواء الساخن (عادة ما تكون مرتبطة بالأرض وتصل إلى حوالي 1000 قدم) لجمع المعلومات وإجراء عمليات الاستطلاع.
وأصبحت هذه الممارسة أكثر انتشارًا خلال الحرب العالمية الأولى ثم خلال الحرب الباردة، عندما أطلقت الولايات المتحدة مئات البالونات لجمع معلومات استخبارية عن الصين والاتحاد السوفيتي.
وطغت الأقمار الصناعية والطائرات بدون طيار على بالونات المراقبة في العقود الأخيرة، على الرغم من أنها لا تزال تقدم مزايا معينة فهي أرخص في الإطلاق ويمكنها أن تستمر لفترة طويلة دون اكتشافها.
ومن المحتمل أن يعمل هذا البالون في طبقة الستراتوسفير، على ارتفاع يتراوح بين 80.000 و120.000 قدم، وفقًا لجيمس فلاتن ، الباحث في جامعة مينيسوتا الذي يعمل مع وكالة ناسا لتعليم الطلاب استخدام البالونات على ارتفاعات عالية، يقول فلاتن إن البالون يبدو أنه تم تجهيزه لمهمة طويلة الأمد.
ويقول: "من الواضح أنها تحتوي على ألواح شمسية وهذا يهدف إلى البقاء لفترة طويلة والسلطة نفسها."
وأوضح فلاتن أنه عند هذه الارتفاعات تميل الأشياء إلى التحرك أفقيًا حول العالم من الغرب إلى الشرق والالتزام بخط عرض ثابت، لذلك يمكن أن تكون الحكومة الصينية قد أطلقت هذا البالون من أراضيها.
ويضيف جيفري لويس، الأستاذ في معهد ميدلبري للدراسات الدولية في مونتيري، أن مواقع الصواريخ في مونتانا عمرها عقود، ومن السهل الوصول إليها عبر مواقع الكترونية مثل خرائط جوجل.
وأضاف لويس “موقع ومظهر صوامع الصواريخ ليس سريا، لكن يمكن استخدام البالونات لجمع بعض المعلومات الاستخبارية الأساسية حول البث اللاسلكي بين مواقع مختلفة، ويمكن لأقمار التجسس الصينية التي تدور في الفضاء أن تفعل الشيء نفسه وأكثر من ذلك، دون مشاكل دبلوماسية ولهذا ما فعلته بكين غير معروف”
سي ان ان: المنطاد يحلق في سماء أمريكا اللاتينية
فيما قال مسئول امريكي لشبكة سي ان ان الامريكية إن الولايات المتحدة اعترفت بـ "بيان الأسف" الذي أصدرت الصين، لكن وجود المنطاد في المجال الجوي الأمريكي كان "انتهاكًا واضحًا لسيادتنا وكذلك للقانون الدولي ، ومن غير المقبول حدوث ذلك".
وأضاف المسؤول "في هذه البيئة الحالية، أعتقد أنه كان سيقلص بشكل كبير جدول الأعمال الذي كان بإمكاننا معالجته".
وقال مسؤول عسكري أمريكي للشبكة الامريكية إن الحادث خطير بسبب "جرأة" الحكومة الصينية، و في حين أن الأقمار الصناعية الحالية قادرة على جمع كميات مماثلة من المعلومات، فإن توقيت بالون التجسس - قبل رحلة بلينكن المخطط لها - وحقيقة أنه يطير مباشرة فوق الولايات المتحدة تساهم في تعزيز المخاوف الحالية.
فورين بوليسي: الحادث قد يزيد العداء بين بكين وواشنطن
أما مجلة فورين بوليسي الأمريكية اعتبرت أن المنطاد الصيني أنهى رحلة دبلوماسية أمريكية مهمة للغاية في هذا التوقيت وهي زيارة وزير الخارجية الامريكي للصين.
وقالت المجلة الامريكية، إنه على الرغم من أن البالونات أداة مراقبة محتملة قوية، فمن الغريب أن تفعل بكين شيئًا استفزازيًا قبل رحلة دبلوماسية أمريكية مهمة، خاصة وأن الصين كانت تدفع لإصلاح العلاقات مع الولايات المتحدة بعد الوباء.
وأضافت أنه من المؤكد أن للصين مصلحة قوية في مراقبة المواقع النووية الأمريكية، وكانت واشنطن تتابع عن كثب التوسع النووي الصيني لكن الولايات المتحدة مليئة أيضًا بالمواقع العسكرية الحساسة من نوع أو آخر.
وقالت المجلة ان المنطاد قد يكون حادث دبرته بعض الفصائل المناهضة للولايات المتحدة، ربما ردًا على الضعف في الضغط على الصين من أجل علاقات أفضل مع واشنطن، ومن المرجح أن حادث المنطاد كان خطأ فادحًا وربما لم يكن القصد من البالون دخول أراضي الولايات المتحدة على الإطلاق.
ومن بين الاحتمالات الأخرى وفقا لفورين بوليسي ان المنطاد هو تقنية استخدمتها الصين منذ فترة وأن الولايات المتحدة كانت على علم بها لكنها اختارت دبلوماسيًا عدم الرد.
ووفقا لفورين بوليسي، قد يؤدي إلغاء رحلة بلينكين أو تأجيلها في اللحظة الأخيرة إلى تقوية معاداة الولايات المتحدة لاسيما وان المتشددين في القيادة الصينية سيقرأون هذا على أنه يظهر أن واشنطن لم تكن جادة على الإطلاق في محاولة إعادة بناء علاقات أمريكية صينية أفضل.