حدث فى باكو
باكو هى عاصمة أذربيجان، التى كانت إحدى دول الاتحاد السوفيتى السابق، واعتمد مجلسها الأعلى فى أكتوبر ١٩٩١، إعلان استقلالها، الذى أكده استفتاء شعبى على الدستور، جرى فى ديسمبر التالى، فور حل الاتحاد، وكانت مصر من أوائل الدول التى اعترفت بذلك الاستقلال، ثم بدأت العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، فى مارس ١٩٩٢. ومع ذلك، كانت زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسى، التى بدأت أمس الأول الجمعة، هى أول زيارة يقوم بها رئيس مصرى إلى الدولة الصديقة!
تتشارك الدولتان فى حركة عدم الانحياز ومنظمة التعاون الإسلامى، ويجمعهما أكثر من ٦٠ اتفاقية تعاون، وتربط السياقات الاجتماعية والقيم المتماثلة والعادات المتقاربة بين شعبيهما، واعتاد إلهام علييف، رئيس أذربيجان، على أن يرسل، فى ٢٣ يوليو من كل عام، برقية تهنئة للرئيس المصرى، بمناسبة الاحتفال بذكرى ثورة ١٩٥٢، يوجه فيها التحية للمصريين، قيادة وحكومة وشعبًا. كما اعتاد الرئيس عبدالفتاح السيسى على إرسال برقية تهنئة لنظيره الأذرى والشعب الصديق، فى ٢٨ مايو، بمناسبة ذكرى الاحتفال بيوم الجمهورية: يوم إعلان قيام «جمهورية أذربيجان الديمقراطية المستقلة»، سنة ١٩١٨، والتى كان عمرها ٢٣ شهرًا فقط.
مع إشادة الرئيس «علييف» بالمسار الإصلاحى الاقتصادى فى مصر، تناولت مباحثات الرئيسين، أمس، فى قصر «زوجلوب» الرئاسى، مختلف تطورات القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، وعلى رأسها مستجدات القضية الفلسطينية، وتداعيات الأزمة الأوكرانية. وفى هذا الصدد، أشاد الرئيس الأذرى بالدور الإيجابى، الذى تقوم به مصر فى مجمل الأزمات القائمة فى محيطها الإقليمى، وتوافقت وجهات نظر الرئيسين بشأن أهمية دعم جهود التسوية السياسية فى سوريا وليبيا. ولدى مناقشة جهود مكافحة الإرهاب والفكر المتطرف، أثنى الرئيس «علييف» على المقاربة الشاملة، التى اتبعتها مصر فى الحرب على الإرهاب، والتى تقوم على علاج جذور المشكلة، عبر دعم التنمية الاقتصادية والاجتماعية ومحاربة الفكر المتطرف.
مباحثات الرئيسين تطرقت، أيضًا، إلى سبل تعزيز العلاقات الثنائية على مختلف الأصعدة، وأهمية البناء على عمق العلاقات التاريخية الطيبة بين البلدين، لتوطيد أطر التعاون والحوار السياسى، وتعزيز التبادل التجارى والشراكات الاقتصادية، من خلال تشكيل مجلس مشترك لرجال الأعمال، وتطوير التعاون فى عدد من القطاعات، خاصةً فى الإنشاءات والبنية التحتية، والنقل، والصناعات الدوائية، والسياحة والثقافة و... و... والطاقة، سواء الجديدة والمتجددة، أو الغاز الطبيعى، فى ضوء سعى مصر للتحول إلى مركز إقليمى للطاقة.
على ذكر الطاقة، نشير إلى أن أذربيجان عضو مراقب فى «منتدى الدول المصدرة للغاز»، الذى تأسس بمبادرة مصرية. وفى هذا السياق، بحث المهندس طارق الملا، وزير البترول، منتصف الشهر الجارى، مع الدكتور الخان بولو خوف، سفير أذربيجان لدى القاهرة، سبل دعم التعاون المشترك وتبادل الخبرات والفرص الاستثمارية المتاحة فى مجال البترول والغاز والطاقات الخضراء. وأكد السفير الأذرى أن بلاده تسعى إلى إنشاء محطة لإسالة الغاز وتعتزم الاستفادة من التجربة المصرية الرائدة فى هذا الشأن.
اللافت، هو أن الزيارة، التى تأتى ضمن مساعى دولة ٣٠ يونيو، لتجديد دوائر تحركها الخارجية، استهلها الرئيس السيسى باجتماع، أو حوار مفتوح، عقده مساء الجمعة، مع كبار رموز الاقتصاد ورجال الأعمال ورؤساء كبرى الشركات فى أذربيجان، الذين استعرضوا خططهم للاستثمار فى مصر، أو للتوسع فى مشروعاتهم القائمة، أو لتعزيز التواصل بين ممثلى القطاع الخاص المصرى، لدفع العلاقات الاقتصادية إلى آفاق أرحب تتلاقى مع طموحات الشعبين الصديقين، معربين عن تقديرهم لحرص الرئيس على الالتقاء بهم، شخصيًا، وما يلمسونه من متابعة شخصية منه لأنشطة الاستثمارات الأجنبية فى مصر.
.. وتبقى الإشارة إلى أن الرئيس السيسى، غادر باكو، أمس السبت، متوجهًا إلى العاصمة الأرمينية يريفان، فى زيارة هى الأولى، أيضًا، لرئيس مصرى منذ استقلال أرمينيا، فى أغسطس ١٩٩١، والتى كانت هى الأخرى، إحدى دول الاتحاد السوفيتى السابق، وأسفر نزاعها مع أذربيجان حول مرتفعات «ناجورنى قره باخ»، المستمر منذ بداية تسعينيات القرن الماضى، عن مقتل ٣٠ ألف شخص من الجانبين.