مصر والهند.. يوم الجمهورية
اليوم، ٢٦ يناير، هو «يوم الجمهورية» فى الهند، إذ بدأ فيه، سنة ١٩٥٠، العمل بالدستور، الذى تحولت بموجبه الدولة الصديقة إلى جمهورية، بعد عشرين سنة من «إعلان استقلال لاهور»، الذى صدر أيضًا فى مثل هذا اليوم، سنة ١٩٣٠، وبعد ثلاث سنوات تقريبًا من طرد الهنود للمستعمر البريطانى.
كثير من المدن الكبرى، فى مختلف ولايات الهند، تنظم احتفالات خاصة بها فى هذا اليوم، إلى جانب الاحتفال الرئيسى، الذى يقام فى العاصمة نيوديلهى، والذى يشارك فيه، هذا العام، الرئيس عبدالفتاح السيسى كـ«ضيف شرف رئيسى»، حسب ناريندرا مودى، رئيس الوزراء الهندى، الذى أعرب، فى حسابه على «تويتر»، أمس الأول الثلاثاء، عن ترحيبه الحار بالرئيس السيسى، واصفًا زيارته للهند بأنها «تاريخية» ومؤكدًا أن مشاركته فى احتفالاتها بيوم الجمهورية مبعث سعادة هائلة لجميع الهنود.
ثلاثة أيام فقط فصلت بين استقلال الهند، فى ١٥ أغسطس ١٩٤٧، وبداية العلاقات الدبلوماسية المصرية الهندية، التى احتفلنا فى أغسطس الماضى بيوبيلها الماسى. كما نتمنى أن نحتفل معًا، مصريين وهنودًا، الإثنين المقبل، بالذكرى الخامسة والسبعين، لرحيل المهاتما غاندى، الزعيم الأكثر شعبية للهند خلال معركة استقلالها، والذى ركّز عمله العام، حتى رحيله، فى ٣٠ يناير ١٩٤٨، على النضال ضد الاستعمار والظلم الاجتماعى.
على قبر «غاندى»، وضع الرئيس السيسى، صباح أمس الأربعاء، إكليلًا من الزهور، وفى كلمة كتبها فى سجل كبار الزوار، عبر عن خالص اعتزازه بزيارة ضريح الزعيم الهندى الراحل، الذى شَكَّلَ علامةً فارقة فى التاريخ الإنسانى بتجسيده مبادئ وقيم العدالة والسلام والمُساواة ونبذ العنف، وكذلك لمواقفه الوطنية الشجاعة وانحيازه غير المشروط لخيار المقاومة السلمية. كما أكد الرئيس أن العالم يحتاج إلى أن يستلهم هذه المبادئ السامية، التى ساهمت فى وحدة ونهضة الأمة الهندية، والتى نؤمن ونتمسك بها فى مصر عبر مختلف العصور والأزمان. وأشار إلى أن مصر والهند تجمعهما روابط حضارية وتاريخية مشتركة، وتتشابهان فى التزامهما الراسخ بنشر الأمن والسلام والاستقرار ودعم جهود التنمية والرخاء والعمران.
الروابط الحضارية والتاريخية المشتركة بين البلدين، والعلاقات الأخوية الممتدة والحافلة بين الشعبين، أكدتها جلسة مباحثات مغلقة، فى قصر حيدر آباد بالعاصمة نيودلهى، بين الرئيس السيسى ورئيس الوزراء الهندى، الذى أعرب عن تقدير بلاده الكبير للرئيس ولقيادته الحكيمة، التى حافظت على الأمن والاستقرار فى مصر عقب ما شهدته المنطقة من أحداث فوضى وعنف خلال ما عرف بالربيع العربى، وكذلك للنهضة التنموية غير المسبوقة التى تشهدها مصر حاليًا، وأشار إلى أن بلاده تتطلع إلى تعزيز الاستثمارات المتبادلة وتعظيم حجم التبادل التجارى، من خلال مشاركة الشركات الهندية فى تنفيذ المشروعات القومية العملاقة فى مصر.
وبالمثل، رحب الرئيس السيسى بتعظيم التعاون مع الهند فى مختلف المجالات، خاصة على مستوى التعاون العسكرى والاقتصادى والتجارى والسياحى والثقافى، وفى قطاعى الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات وإنتاج الأمصال والأدوية. وتعزيز الاستفادة المشتركة من القدرات والمزايا الإنتاجية والتصديرية للبلدين، تكوين قنوات منتظمة تتيح تبادل الخبرات والمعرفة فيما يرتبط بالتجارب والمبادرات الناجحة، خاصة على صعيد تطوير الصناعة المحلية، والمشروعات الصغيرة والمتوسطة، وتوفير حياة كريمة للمواطنين.
تطرقت المباحثات، أيضًا، إلى مختلف تطورات القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك. وفى هذا الصدد، أشاد رئيس الوزراء الهندى بالدور الإيجابى الذى تقوم به مصر فى إطار العمل على التسوية السياسية لمجمل الأزمات القائمة فى محيطها الإقليمى، إضافة لجهودها فى مكافحة الإرهاب والفكر المتطرف و... و... وعقب اللقاء، شارك الزعيمان فى مراسم توقيع عدد من مذكرات التفاهم والتعاون بين البلدين الصديقين فى مجالات تكنولوجيا المعلومات، الأمن السيبرانى، الشباب، الرياضة، الإذاعة، والثقافة.
.. وأخيرًا، نتوقع، ننتظر، أو نتمنى أن تحقق مصر والهند أهدافهما المشتركة، فى مختلف مجالات التعاون، بعد أن شهدت مباحثات أمس نقاشًا مفعمًا بالإرادة المشتركة بين الزعيمين، السيسى ومودى، للارتقاء بالعلاقات بين البلدين إلى مرحلة الشراكة الاستراتيجية، واتفاقهما على ضرورة عقد اللجنة المصرية الهندية المشتركة فى أقرب وقت، ووضع الآليات التنفيذية لخطط التعاون المشترك.