سقف الدين الأمريكى
سقف الدين الأمريكى، الذى حدده الكونجرس، فى ديسمبر ٢٠٢١، بـ٣١.٤ تريليون دولار، تجاوزته الولايات المتحدة، الخميس الماضى. ومساء أمس الأول الجمعة، أعلن الجمهورى كيفن مكارثى، رئيس مجلس النواب، عن قبوله دعوة الرئيس جو بايدن لمناقشة هذا الأمر، ولـ«التفاوض بشأن الإنفاق العام غير المسئول». مع أن إدارة بايدن كانت قد أكدت أنه «لن تكون هناك مفاوضات»، وطالبت الكونجرس بمعالجة المسألة دون شروط، كما فعل ثلاث مرات فى عهد الرئيس السابق دونالد ترامب!
فى خطاب أرسلته إلى زعماء الكونجرس، قالت جانيت يلين، وزيرة الخزانة، إن وزارتها اتخذت إجراءات استثنائية، تسمح بمواصلة تمويل عمليات الحكومة الفيدرالية بشكل مؤقت، ويمكنها تجنيب البلاد خطر التخلف عن سداد أقساط ديونها حتى الخامس من يونيو المقبل، على أقصى تقدير. ثم طالبت بـ«التصرف بسرعة لحماية سمعة الولايات المتحدة ومصداقيتها»، لافتة إلى أن عجز الحكومة عن الوفاء بالتزاماتها سيؤدى إلى «أضرارٍ لا يمكن إصلاحها للاقتصاد الأمريكى، وسُبل عيش الأمريكيين، وحتى الاستقرار المالى العالمى». وفى السياق نفسه، حذّر «صندوق النقد الدولى» من أن عدم رفع سقف الدين الأمريكى قد يؤدى إلى «تداعيات خطيرة» على الاقتصاد الأمريكى، أكبر اقتصاد فى العالم، وبالتالى على الاقتصاد العالمى ككل.
لا يوجد سبب منطقى لوجود هذا السقف، الذى تم رفعه ٧٨ مرة منذ سنة ١٩٦٠، وسيستمر رفعه حتى يصل إلى ٢٠٢٪ من الناتج الاقتصادى بحلول سنة ٢٠٥٠، وفقًا لتقرير أصدره الكونجرس فى أكتوبر الماضى. ومع ذلك، اعتدنا أن يتصارع الحزبان، الجمهورى والديمقراطى، حول هذا الأمر، لدرجة دفعت وكالة «ستاندرد أند بور»، Standard & Poor، سنة ٢٠١١، إلى خفض التصنيف الائتمانى للولايات المتحدة، لأول مرة فى التاريخ، كما أدى الصراع على رفع سقف الدين، أيضًا، إلى تعطيل عمل الحكومة الأمريكية لعدة مرات، كان أحدثها وأطولها منذ ٢٢ ديسمبر ٢٠١٨ إلى ٢٥ يناير ٢٠١٩، وتسبب فى خسائر فادحة.
هذه المرة، يسعى الجمهوريون، الذين انتزعوا أغلبية مجلس النواب مؤخرًا، إلى استخدام أزمة سقف الديون، كورقة ضغط لإجبار إدارة بايدن ومجلس الشيوخ، الذى يقوده الديمقراطيون، على خفض الإنفاق وتحقيق التوازن فى الميزانية الأمريكية، والحد بشكل جذرى من الاقتراض. فى حين يقول البيت الأبيض إن أى خفض فى الإنفاق سيؤثر فى برامج رئيسية مثل الضمان الاجتماعى والإنفاق العسكرى، أو قد يستدعى فرض ضرائب جديدة كبيرة. ما يعنى أن الولايات المتحدة قد تشهد عدة أشهر من المفاوضات والمشاحنات والتسريبات.
على الخط، دخل الرئيس السابق دونالد ترامب، وقال فى مقطع فيديو نشره على شبكة التواصل الاجتماعى «تروث سوشيال»، إن «الإنفاق الجنونى لجو بايدن» تجاوز أى شىء تم القيام به فى تاريخ الولايات المتحدة. واتهم الرئيس الديمقراطى بـ«تضخيم الميزانية الفيدرالية، لصرف المليارات على جنون اليسار»، مشيرًا إلى أنه «فتح الخزانة والحدود للمهاجرين القادمين من السجون ومستشفيات الأمراض العقلية»، مؤكدًا أن الحدود، التى كانت تحت قيادته هى الأكثر أمانًا فى تاريخ الولايات المتحدة، صارت الأسوأ فى تاريخ العالم كله. ثم طالب الجمهوريين فى الكونجرس بـ«وقف إنفاق بايدن الخارج عن السيطرة»، مشدّدًا على أن بلاده فى حاجة ماسّة إلى التوقف عن إرسال مئات المليارات من الدولارات إلى «الدول الأجنبية الفاسدة».
.. وتبقى الإشارة إلى أن أزمة الدين الأمريكى، لخصتها عدة أرقام نشرتها «الدستور»، أمس، فى صفحتها الأولى: ٣١.٤ تريليون دولار حجم ديون الحكومة الفيدرالية الأمريكية، ٩٤ ألف دولار نصيب كل مواطن أمريكى من الدين العام، ٢٣٩ ألف دولار نصيب كل عائلة أمريكية من الدين العام، ١٢٥٪ حجم الدين العام بالنسبة للناتج الاقتصادى الأمريكى السنوى، و... و... وصولًا إلى قيام الكونجرس فى ديسمبر ٢٠٢١ برفع مستوى سقف الدين بمقدار ٢.٥ تريليون دولار، ليصبح ٣١.٤ تريليون دولار.