مخزن حبوب العالم
فى ثمانى جلسات وزارية، ناقش مؤتمر «صوت الجنوب»، الذى أقيم تحت الرئاسة الهندية لمجموعة العشرين، عددًا من القضايا ذات الأولوية والتحديات التى تواجه الدول المشاركة، كان أبرزها أزمة الغذاء العالمية. وعليه، أكدت مصر، مجددًا، بلسان وزير خارجيتها، استعدادها للتعاون مع المجتمع الدولى من أجل استضافة «مركز عالمى لتخزين وتوريد الحبوب»، وأعربت عن دعمها أهداف «مجموعة العمل الزراعية»، التابعة لمجموعة العشرين، من أجل صياغة خريطة طريق للأمن الغذائى والزراعة الذكية مناخيًا.
بين جلستين افتتاحيتين، على مستوى القادة، تناولت جلسة وزراء المالية كيفية التوصل إلى «تمويل يستهدف تحقيق التنمية للشعوب»، وناقشت جلسة وزراء البيئة إمكانية «تحقيق التوازن بين النمو وأنماط الحياة الصديقة للبيئة»، وطرحت جلسة وزراء الطاقة «خارطة طريق لتحقيق الازدهار»، وبحثت جلسة وزراء الصحة سبل «التعاون لبناء أنظمة رعاية صحية قوية وفعّالة»، وتركزت جلسة وزراء التعليم حول «تنمية الموارد البشرية وبناء القدرات»، ودارت مناقشات جلسة وزراء التجارة حول «تطوير التعاون بين دول الجنوب فى التجارة والتكنولوجيا والسياحة»، ثم طرح وزراء الخارجية مقترحات بشأن الرئاسة الهندية لمجموعة العشرين.
مجموعة العشرين، التى توصف بأنها مجلس إدارة العالم، يقع على عاتقها، خلال العام الجارى، تحديات كبيرة وشديدة الصعوبة، فى ضوء الأزمات الحادة، المتعاقبة والمتداخلة، التى يواجهها الاقتصاد العالمى: تأثيرات الأزمة الأوكرانية على الاقتصاد والغذاء والطاقة، والتحديات المناخية، وإصلاح هياكل المؤسسات والمنظمات الدولية الاقتصادية والمالية. خاصة بعد أن عجزت الدورات الثلاث السابقة لمجموعة العشرين، التى استضافتها وترأستها السعودية وإيطاليا وإندونيسيا، على الترتيب، عن التعامل مع ما صاحبها من تلك التحديات. وعليه، توقعنا، أو رجحنا، فى مقال سابق، أن تكون سنة الرئاسة الهندية هى الأصعب فى تاريخ المجموعة، وإنْ أسعدتنا دعوة مصر للمشاركة كضيف شرف فى اجتماعات هذه الدورة.
فى هذا السياق، تناول سامح شكرى، وزير الخارجية، خلال كلمته المسجلة، أبرز التحديات التى تواجه دول الجنوب جراء الأزمات الدولية المتلاحقة، مؤكدًا ضرورة تبنى نهج شامل للتعامل مع تلك التحديات والتوصل إلى حلول مشتركة وفعّالة. وأشار إلى أهمية دور مجموعة العشرين فى توفير الزخم اللازم لإعادة صياغة النظام الاقتصادى الدولى، حتى يتمكن من الاستجابة بصورة فعالة، وفى توقيت مناسب، للتحديات التى تواجهها دول الجنوب، و... و... وأكد، مجددًا، استعداد مصر للتعاون مع المجتمع الدولى من أجل استضافة مركز عالمى لتخزين وتوريد الحبوب، إسهامًا منها فى مواجهة أزمة الغذاء العالمية.
لم تكد تمر أربعة أشهر على تولى الرئيس عبدالفتاح السيسى الحكم، حتى أعطى، فى ٢٧ أكتوبر ٢٠١٤، الضوء الأخضر لإقامة مركز عالمى لوجستى لتخزين الحبوب، فى إطار رؤية أشمل تستهدف تعزيز كفاءة هذا القطاع وتحسين احتياطاتنا من المحاصيل الاستراتيجية، وجذب الاستثمارات، الوطنية والأجنبية الجادة، و... و... ووقتها اجتمع الرئيس مع وزيرى التموين والتخطيط لمناقشة تفاصيل هذا المشروع الذى استفاد من الخبرة الصينية فى أنظمة نقل وتخزين الحبوب، وقطعت به مصر عدة خطوات فى طريق تحولها إلى مركز عالمى لتداول وتخزين الحبوب وسلع أخرى مثل السكر والزيت والأعلاف.
تأسيًسا على ذلك، شددت مصر، أمام الدورة السابعة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة، على ضرورة التعامل مع أزمة الأمن الغذائى، التى تعد نتاجًا لسنوات طويلة من إخفاق المجتمع الدولى فى تحقيق أهداف التنمية المستدامة، بطرح استراتيجية متكاملة تستهدف أسبابها الجذرية، تقوم على تطوير نظم الزراعة والغذاء المستدامة، وتلبية الاحتياجات العاجلة للدول النامية المستوردة للأغذية، وضمان مشاركة منتجاتها فى سلاسل الإمداد دون عوائق. واستنادًا إلى موقعها الجغرافى الفريد، أعلنت عن استعدادها للتعاون مع المجتمع الدولى من أجل إنشاء مركز دولى لتخزين وتوريد وتجارة الحبوب، على أرضها.
.. وتبقى الإشارة إلى أن ناريندرا مودى، رئيس وزراء الهند، أكد حرص بلاده، خلال رئاستها مجموعة العشرين، على التشاور وتبادل وجهات النظر، ليس فقط مع دول المجموعة، ولكن أيضًا مع كل دول الجنوب، مؤكدًا أنها ستعمل على ضمان حصول هذه المشاورات والمناقشات على الاهتمام العالمى اللازم.