الصين توحد الأمريكيين!
بموافقة ٢١٩ نائبًا جمهوريًا و١٤٦ ديمقراطيًا، أى بأغلبية ٣٦٥ صوتًا مقابل ٦٥ فقط، قرّر مجلس النواب الأمريكى تأسيس لجنة خاصة بالمنافسة الاستراتيجية بين الولايات المتحدة والصين، يتلخص دورها فى مواجهة تفوق بكين الاقتصادى والتكنولوجى على واشنطن، أو ما وصفه نواب من الحزبين بـ«التهديد الصينى الوجودى للولايات المتحدة»، مع إعادة النظر فى كل القطاعات والأنشطة التى تحاول الصين السيطرة عليها!.
هذا التوافق الحزبى النادر، أرجعه كيفين مكارثى، رئيس المجلس، إلى أن «هذه القضية تتخطى الخلافات الحزبية»، واصفًا تأسيس هذه اللجنة بأنه «أفضل طريقة لموجهة التهديد الصينى»، ومؤكدًا أن الأمر لا يحتاج إلى «تقرير من الأغلبية وآخر من الأقلية، بل إلى فلسفة واحدة ومبدأ واحد؛ كى تصبح الولايات المتحدة أقوى مستقبلاً». ومن جانبه قال حكيم جيفريز، زعيم الأقلية الجمهورية فى المجلس، إن «الديمقراطيين سيمدون يد العون للجمهوريين فى أى قضايا يمكن التعاون فيها لمصلحة الشعب الأمريكى». وبعد أن شدّد على ضرورة العمل بأسلوب جدى وصارم لتقييم العلاقات مع الحكومة الصينية، أكد «جيفريز» أن حزبه سيتصدى للجنة لو انخرطت فى قضايا قد تؤدى إلى زيادة جرائم الكراهية ضد الآسيويين فى الولايات المتحدة!.
اللجنة، التى ستتكون من ٧ جمهوريين و٥ ديمقراطيين، سيرأسها الجمهورى مايك جالاجر، الذى استقبل تعيينه بالتشديد على ضرورة أن تقوم بلاده بتخفيض اعتمادها الاقتصادى على الصين، وتعزيز قوتها للدفاع عن تايوان. ومن المقرر أن تبدأ اللجنة عملها بعقد جلسات استماع، موزعة على أربعة محاور، اقتصادية وأمنية وتقنية واجتماعية، هى: إعادة تأهيل سلاسل الإمداد وإنهاء الاعتماد الاقتصادى على الصين.. تقوية الجيش الأمريكى.. «إنهاء سرقة بكين» للمعلومات الشخصية الأمريكية والملكية الفكرية.. ومواجهة الصين بـ«قيم العالم الحر».. وبعدها، ستقدم اللجنة توصيات ومقترحات بشأن كيفية تجنب الولايات المتحدة التفوق الصينى.
هكذا، جرى تشكيل اللجنة، التى اختاروا لها اسم «لجنة شئون المنافسة الاستراتيجية بين الولايات المتحدة والحزب الشيوعى الصينى». وهنا قد تكون الإشارة المهمة إلى أن الرئيس الصينى، شى جين بينج، لم يتناول علاقات بلاده مع الولايات المتحدة بشكل صريح، خلال افتتاحه المؤتمر العشرين للحزب، فى ١٦ أكتوبر الماضى، مكتفيًا بالإشارة إلى أن «الصين تعارض بحزم جميع أشكال الهيمنة والسياسات القائمة على القوة، وتعارض عقلية الحرب الباردة والتدخل فى الشئون الداخلية للدول الأخرى وازدواجية المعايير».
الإشارة قد تكون مهمة أيضًا إلى أن الاستراتيجية الأمريكية لمواجهة نفوذ الصين المتنامى، تعتمد أيضًا على القمم والتحالفات والشراكات. إذ كانت واشنطن قد عقدت، فى ديسمبر ٢٠٢١، «قمة من أجل الديمقراطية»، جمعت فيها ممثلين عن حوالى مائة حكومة، حليفة أو تابعة. وفى يونيو الماضى، أعلن بايدن عن إطلاق «شراكة للازدهار الاقتصادى»، فى «قمة الأمريكتين»، التى استضافتها مدينة لوس أنجلوس. وقبل هذه وتلك، تشاركت الولايات المتحدة مع بريطانيا والهند، منتصف سبتمبر ٢٠٢١، فى تحالف «أوكوس»، لينضم إلى التحالف الرباعى، «كواد»، الذى يجمعها بالهند وأستراليا واليابان. وكذا تحالف «العيون الخمس» المخابراتى، القديم، الذى أسسته مع بريطانيا وكندا وأستراليا ونيوزيلندا، فى منتصف القرن الماضى، وصار يكرس جهوده، خلال السنوات الأخيرة لمواجهة الصين، و... و... وأواخر سبتمبر الماضى اجتمع الرئيس الأمريكى بعدد من قادة جزر المحيط الهادئ، فى واشنطن، لمواجهة النفوذ الصينى المتزايد فى تلك الجُزر.
.. وأخيرًا، من المتوقع أن تشتعل الخلافات بين الحزبين، بمجرد أن تبدأ لجنة الرقابة والمساءلة، التى يرأسها الجمهورى جيمس كومر، التحقيقات فى الأنشطة المالية التجارية لعائلة الرئيس جو بايدن، والتى قالت اللجنة إن الهدف منها هو التأكد من عدم وجود أى مخالفات مالية أو أخلاقية فى المؤسسات والوكالات الفيدرالية، بعد أن حصل فريق عمل «كومر» على نسخة من محتويات جهاز كومبيوتر محمول يملكه هانتر بايدن، نجل الرئيس، الذى تخضع أنشطته التجارية لتحقيق فيدرالى.