الاقتصاد المصرى.. وتقلبات الاقتصاد العالمى
تحت هذا العنوان عقدت جامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا حوارًا مفتوحًا مع الدكتور محمد معيط، وزير المالية، تصادف أن يأتى بعد ساعات قليلة من تحذير كريستالينا جورجيفا، المديرة التنفيذية لصندوق النقد الدولى، فى برنامج «واجه الأمة» على شبكة «سى بى إس»، من أن سنة ٢٠٢٣ ستكون أكثر صعوبة من السنة الماضية، إذ استمر تباطؤ الاقتصادات الرئيسية الثلاثة: الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبى والصين.
وسط غالبية التوقعات، التى تشير إلى أن الأسوأ قادم وأن النمو فى غالبية دول العالم، خلال السنة الجديدة، سيكون إما محدودًا جدًا أو منعدمًا، هناك متفائلون، كما أوضحنا أمس الأول، أبرزهم لويس دى جويندوز، نائب رئيس البنك المركزى الأوروبى، الذى توقّع أن تعانى منطقة اليورو «ركودًا قصير الأجل وبسيطًا» قبل أن تبدأ التعافى خلال الربع الثانى من العام الجديد. وبالمثل، أوضح الدكتور معيط أننا نستهدف، خلال السنة المالية الجديدة، ٢٠٢٣/٢٠٢٤، تحقيق فائض أولى بنسبة ٢٪ من الناتج المحلى وتسجيل معدل نمو بنسبة ٥.٥٪، والنزول بمعدلات الدين وعجز الموازنة.
فى أكتوبر الماضى، خفض صندوق النقد الدولى توقعاته للنمو الاقتصادى العالمى للسنة الجديدة. وفى حواره المفتوح مع أساتذة وطلاب الجامعة، قال وزير المالية إن الأزمات العالمية أثبتت صحة الرؤية المصرية فى إطلاق المشروعات التنموية، التى أسهمت فى تعظيم القدرات الإنتاجية والتصديرية، مشيرًا إلى أننا «عملنا بنية تحتية قوية ومتطورة وأكثر قدرة على استيعاب التوسعات الإنتاجية». ثم أكد أن الدولة المصرية ملتزمة بتلبية الاحتياجات الأساسية للمواطنين وتخفيف حدة الموجة التضخمية الدولية، مشددًا على أننا ماضون فى تنفيذ توصيات «المؤتمر الاقتصادى» و«قمة المناخ»؛ لإرساء دعائم اقتصاد أكثر استدامة، وتنافسية، لديه قدرات أكبر على تجاوز التحديات العالمية، وتحقيق معدلات نمو مرتفعة غنية بفرص العمل.
الإشارة هنا قد تكون مهمة إلى أن توصيات «المؤتمر الاقتصادى مصر ٢٠٢٢»، الذى أقيم أواخر أكتوبر الماضى، رسمت خارطة طريق مستقبلية، لتحقيق المستهدفات القومية، وتجاوز التحديات التى تواجهها القطاعات ذات الأولوية، وتهيئة مناخ أكثر تحفيزًا للاستثمار، وتحسين جودة الحياة، وتوفير مليون فرصة عمل سنويًا. والأهم، هو أن الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء، شدّد على أن الحكومة ستقوم، على الفور، بتنفيذ هذه التوصيات، وستتخذ كل ما يتطلبه ذلك من قرارات وإجراءات تنفيذية.
الاقتصاد المصرى، كما قال معيط وأكده الواقع، بات أكثر مرونة فى مواجهة التقلبات العالمية، بقطاعات أكثر تنوعًا وشمولًا ومشروعات تنموية أكثر تأثيرًا على حياة المواطنين منها «حياة كريمة»، الذى يُسهم فى تطوير الريف والارتقاء بجودة حياة أكثر من نصف المصريين، ويخلق فرص عمل منتجة ويساعد فى التوزيع العادل لثمار التنمية. وفى هذا السياق، أوضح الوزير أننا نُراهن خلال المرحلة المقبلة على دور أكبر للقطاع الخاص فى استمرار النمو الاقتصادى المستدام، والتعافى من الأزمات العالمية المركبة، لافتًا إلى أن وثيقة «سياسة ملكية الدولة» التى وافق عليها الرئيس عبدالفتاح السيسى، مؤخرًا، تخلق بيئة داعمة وجاذبة للاستثمارات المحلية والأجنبية، وتسهم فى تعزيز دوران عجلة الاقتصاد وتوفير مساحة مالية كافية، لتوسيع مظلة الحماية الاجتماعية للفئات الأولى بالرعاية التى تتصدر الأولويات الرئاسية.
.. وتبقى الإشارة إلى أن مشروع الموازنة الجديدة للسنة المالية ٢٠٢٣/٢٠٢٤، التى ستبدأ فى ١ يوليو المقبل، يركز على تعزيز أوجه الإنفاق على التنمية البشرية، بمحوريها الصحة والتعليم، واستكمال مسيرة بناء الإنسان والتنمية الاجتماعية ذات الاستهداف الأعلى للشرائح الأكثر احتياجًا. كما يركز، أيضًا، على التنمية الاقتصادية، بتعزيز توطين وتعميق التصنيع المحلى وتشجيع التصدير، مع الاستغلال الأمثل لما يتيحه التحول الأخضر من فرص واعدة للنمو الأكثر استدامة، على النحو الذى يجعل الدولة أكثر قدرة على التعامل الإيجابى المرن مع آثار التحديات الخارجية والداخلية المترتبة على الصدمات العالمية بالغة القسوة.