متفائلون فى عالم متشائم
مع ثمانية مليارات شخص، ودّعنا سنة مضطربة، دون أن نرى نهاية تلوح فى الأفق للتضخم والركود وارتفاع الأسعار والمخاوف الصحية والأزمة الأوكرانية المتواصلة منذ أكثر من ١٠ أشهر. ومع أن غالبية التوقعات تشير إلى أن الأسوأ قادم، وأن النمو فى غالبية دول العالم سيكون إما محدودًا جدًا أو منعدمًا، هناك متفائلون يرجحون أن تشهد 2023 نموًا أكثر شمولًا واستدامة ونظامًا ماليًا أكثر استقرارًا.
قبلنا، وقبل العالم كله بساعات، استقبلت العام الجديد جمهورية «كيريباتى»، التى تتكون من ٣٢ جزيرة، تقع فى المحيط الهادى، واستقلت عن بريطانيا سنة ١٩٧٩، وصارت عضوًا فى الأمم المتحدة سنة ١٩٩٩، ويسكنها حوالى ١٢٠ ألف نسمة، وتتوقع وكالة «ناسا» أن تكون أولى الجزر التى ستغرق، بسبب ارتفاع مستوى سطح البحر الناتج عن تغير المناخ. وفى أبريل ٢٠١٣، حث رئيسها السابق، أنوتى تونج، المواطنين، على الهجرة إلى أماكن أخرى. ومع ذلك، أعلنت كامالا هاريس، نائبة الرئيس الأمريكى، فى يوليو الماضى، عن اعتزام بلادها بناء سفارة جديدة فى «تيناينانو» وإعادة إرسال فيلق أمريكى إلى تلك المنطقة!
تستحق «تيناينانو»، عاصمة جزر كيريباتى، إذن، أن تكون «العاصمة العالمية لرأس السنة»، لكن مدينة سيدنى الأسترالية اقتنصت الصفة، أو اللقب، بزعم أنها أولى المدن، التى ستعلن عن الانتقال إلى العام الجديد، عبر إضاءة سماء المدينة بأكثر من ١٠٠ ألف سهم نارى، لا نعتقد أنها ستقلل من قلق نصف مليار شخص، قالت السلطات الأسترالية إنهم سيشاهدون العرض، على التليفزيون أو عبر الإنترنت، من القادم الأسوأ، أو ستجعلهم يقتنعون بترجيحات المتفائلين، الذين كان أبرزهم لويس دى جويندوز، نائب رئيس البنك المركزى الأوروبى.
أمام مؤتمر الاتحاد الإسبانى لصغار المستثمرين، أقر دى جويندوز، الثلاثاء الماضى، بأن منطقة اليورو تواجه «وضعًا اقتصاديًا بالغ الصعوبة سيؤثر على الأفراد والشركات». وأوضح أن «معدلات التضخم المرتفعة التى نراها الآن فى مختلف أنحاء أوروبا تتزامن مع تباطؤ اقتصادى ونمو منخفض»، لكنه توقّع أن تعانى المنطقة «ركودًا قصير الأجل وبسيطًا»، قبل أن تبدأ التعافى خلال الربع الثانى من العام الجديد.
على عكس بريطانيا، التى سجلت أعلى معدل تضخم منذ عقود، وشهدت خلال الشهور الأخيرة إضرابات غير مسبوقة، وقال رئيس وزرائها ريشى سوناك، فى رسالة بمناسبة العام الجديد، إن مشكلات بلاده «لن تختفى» فى ٢٠٢٣، يتوقع باحثون فى «جى بى مورجان» أن يشهد الاقتصاد الصينى «فترة ألم انتقالية»، قبل أن يبدأ تعافيًا قويًا. ولوكالة الأنباء الصينية الرسمية، شينخوا، قال هان ونشيو، عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعى الصينى، نائب المدير التنفيذى للمكتب المركزى للمجموعة القيادية المالية، إن إلغاء قواعد كورونا المستجد قد يزعج الاقتصاد على المدى القصير، لكنه لن يمنع تعافيه فى النصف الأول من العام المقبل، خاصة فى الربع الثانى، مؤكدًا أن لديهم الثقة والظروف والقدرات لدفع اقتصادهم الوطنى إلى التحسن.
ما قد يدعو للتفاؤل، أيضًا، هو أن برنامج الإصلاح الاقتصادى المصرى، تضمّن مجموعة متسقة ومتكاملة من التدابير، التى تسهم فى زيادة تنافسية الاقتصاد المصرى، وتحسين بيئة الأعمال ودفع معدلات الإنتاجية ومعدلات التصدير السلعية والخدمية، و... و... كان مطمئنًا أن يذهب الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء، فى اليوم الأخير من ٢٠٢٢، إلى ميناء الإسكندرية، لمتابعة إجراءات الإفراج الجمركى عن سلع وبضائع، وليؤكد أن الحكومة ماضية فى تنفيذ التكليفات الرئاسية، بتذليل أى عقبات قد تواجه المستوردين، على نحو يتكامل مع جهود الدولة فى مواجهة الظروف الاستثنائية، التى يشهدها الاقتصاد العالمى.
.. وتبقى الإشارة إلى أن الولايات المتحدة ودّعت ٢٠٢٢ بالإعراب عن قلقها من «مساندة الصين لروسيا مع استمرار الحرب فى أوكرانيا»، بحسب الخارجية الأمريكية، التى قال المتحدث باسمها، بعد لقاء نهاية العام، أو لقاء العام، بين الرئيسين الروسى والصينى، إن واشنطن «تراقب أنشطة بكين عن قرب»، متهمًا الصين بأنها تدعى الحياد لكن سلوكها يوضح أنها ما زالت تستثمر فى علاقات قوية مع روسيا.