اقتصاد مصر الرقمى
استراتيجية مصر لبناء اقتصاد رقمى قوى، والجهود التى تبذلها الدولة لتطوير البنية التحتية الرقمية وتحسين خدمات الاتصالات، استعرضها الدكتور عمرو طلعت، وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، خلال الجلسة العامة لمجلس الشيوخ، أمس الأول الأحد، وعرفنا أنها تستهدف زيادة الصادرات الرقمية، وخلق فرص عمل متميزة فى مجال الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، ارتكازًا على ثلاثة محاور رئيسية: تحقيق التحول الرقمى، توفير خدمات اتصالات ذات كفاءة عالية، وتشجيع ريادة الأعمال.
فى مرحلة مفصلية من تاريخها، تعاملت مصر، منذ منتصف ٢٠١٤، بشكل جذرى مع عدد كبير من المشكلات المزمنة، وتمكنت من إرساء قواعد قوية لبنية تحتية حديثة ومتكاملة، أتاحت لها تنفيذ خطة قومية شاملة للتنمية، وتحفيز الفكر الابتكارى الخلاق، والعمل على بناء الإنسان المصرى، وتنمية مهاراته وقدراته، لإعداد جيل متخصص فى كل مجالات الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات قادر على تنفيذ مشروعات الرقمنة المحلية، وتصدير الخدمات الرقمية، والالتحاق بالعمل فى الأسواق الدولية. ولعلك تتذكر أن «مستقبل التحول الرقمى» تصدّر أولويات «منتدى الشباب»، بنسخته المحلية والدولية، منذ إطلاقه، وحتى الدورة الرابعة من منتدى شباب العالم، التى استضافتها مدينة شرم الشيخ فى يناير الماضى.
الأرقام تؤكد تضاعف أعداد المتدربين ٥٦ مرة، وميزانية التدريب ٢٦ مرة، منذ سنة ٢٠١٧: من ٤ آلاف متدرب بميزانية ٥٠ مليون جنيه، إلى ٢٢٥ ألف متدرب بميزانية ١.٣ مليار جنيه فى العام الجارى. وبالإضافة إلى إقامة شراكات مع كبرى المؤسسات والجامعات الدولية المرموقة، والتوسع فى مراكز التميز التى تقيمها شركات عالمية، يجرى نشر مراكز إبداع مصر الرقمية فى كل المحافظات، وزيادة عددها من ٣ مراكز إلى ٣٠ مركزًا، باستثمارات قيمتها ٥ مليارات جنيه؛ وبالفعل تم افتتاح ٨ مراكز، ويجرى إنشاء ١٢ مركزًا جديدًا ضمن المرحلة الثانية للمشروع، وتستهدف المرحلة الثالثة إنشاء ٧ مراكز أخرى.
مع السياسات والإجراءات، وقرارات المجلس الأعلى للمجتمع الرقمى، وحوكمة البيئة الرقمية، جرى تطوير البنية التحتية للاتصالات بتكلفة بلغت ١٠٠ مليار جنيه، للمرحلتين الأولى والثانية من مشروع رفع كفاءة الإنترنت الثابت، و٦٠ مليار جنيه لتوفير الإنترنت فائق السرعة بقرى مصر ضمن المراحل الثلاث لمبادرة «حياة كريمة». إضافة إلى ربط ٣٣ ألف مبنى حكومى بشبكة الألياف الضوئية بتكلفة ٧ مليارات جنيه، وإطلاق أكثر من ١٦٥ خدمة حكومية على منصة مصر الرقمية، وتنفيذ عدد كبير من مشروعات التحول الرقمى باستثمارات تصل إلى ٥٠ مليار دولار، بالتعاون مع مختلف قطاعات الدولة، و... و... وإنشاء «مدينة المعرفة» بالعاصمة الجديدة، التى ستكون موطنًا للإبداع الرقمى، ومجتمعًا متكاملًا لتكنولوجيا المعلومات.
أيضًا، فى منتصف فبراير الماضى، تم إطلاق «استراتيجية مصر الرقمية لصناعة التعهيد ٢٠٢٢- ٢٠٢٦»، التى ترتكز على تطوير المهارات الرقمية والقدرات اللغوية للشباب وتعزيز مكانة مصر فى الأسواق المستهدفة. وفى ضوء هذه الاستراتيجية، قامت هيئة «تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات»، أواخر الشهر الماضى، بتوقيع اتفاقيات مع ٢٩ شركة دولية، متعددة الجنسيات، لفتح مقرات لها فى مصر، أو لزيادة حجم استثماراتها وتوسيع نطاق أعمال مراكزها فى السوق المصرية. ومن المنتظر أن تضيف هذه الاتفاقيات حوالى مليار دولار إلى عائدات مصر السنوية، وأن تخلق أكثر من ٣٤ ألف فرصة عمل جديدة، من إجمالى ٢١٥ ألف فرصة تستهدف الاستراتيجية خلقها خلال السنوات الأربع المقبلة. وصناعة التعهيد تعنى، ببساطة، تقديم الخدمات وإدارة نظم الأعمال عبر وسيط متخصص، تتوفر لديه القدرات والخبرات الفنية اللازمة.
.. وتبقى الإشارة إلى أن معدل نمو قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات خلال العام المالى ٢٠٢١/ ٢٠٢٢ بلغ ١٦.٧٪، وأن مؤشر «جاهزية الحكومة الرقمية» لسنة ٢٠٢٢، الصادر عن «البنك الدولى» منذ أيام، قام بتصنيف مصر ضمن أعلى فئة، الفئة A، التى تضم مجموعة الدول الرائدة، مقارنة بالفئة B فى ٢٠٢٠، والفئة C فى ٢٠١٨. كما ارتفع ترتيب مصر، أيضًا، فى سرعة الإنترنت الثابت، لتصبح الأولى إفريقيًا خلال العام الحالى، بعد أن كانت فى المركز الأربعين سنة ٢٠١٩، وفقًا لشركة «أوكلا» العالمية.