موانئ النيل.. هبْد مزدوج!
قانون «إعادة تنظيم الهيئة العامة للنقل النهرى»، رقم ١٦٧ لسنة ٢٠٢٢، وافق مجلس النواب على مشروعه، أواخر أكتوبر الماضى، وصدّق عليه رئيس الجمهورية، ونشرته الجريدة الرسمية، فى ١٩ نوفمبر، وبدأ العمل به اعتبارًا من اليوم التالى، وبموجبه حلّت «الهيئة العامة للنقل النهرى» محل «إدارة الملاحة الداخلية المختصة بالمحافظات»، فى إصدار التراخيص الملاحية للوحدات النهرية والعائمات الثابتة والذهبيات وأطقم العاملين عليها، وخطوط التزام المعديات، بالتنسيق مع الوزارات والجهات ذات الصلة.
حلّت الهيئة، أيضًا، محل «قطاع تطوير وحماية نهر النيل» بوزارة الموارد المائية والرى، فى تحديد المراسى بكل أنواعها، والموانئ، وإصدار الترخيص بإنشائها وتشغيلها وإدارتها، ووضع القواعد الخاصة باستخدامها، والرسو عليها. وفى سبيل تحقيق الهدف الذى أنشئت من أجله أتاح «القانون» للهيئة وضع تخطيط شامل لمرفق النقل النهرى وكل الأعمال الصناعية المتعلقة به، وإجراء التعديلات اللازمة لمواجهة متطلبات التنمية، واعتماد البرامج والمشروعات اللازمة والإشراف على تنفيذها، بالتنسيق مع الجهات المختصة، مع مراعاة ما تقرره وزارة الدفاع من شروط وقواعد تتطلبها شئون الدفاع عن الدولة.
بعد شهر تقريبًا من صدور القانون وبدء العمل به، تداولت مواقع إلكترونية، تحت مستوى الشبهات، وصفحات التواصل الاجتماعى، شائعات بشأن اعتزام الدولة التنازل عن موانئ نهر النيل بموجب «مشروع قانون». وعليه، قام «المركز الإعلامى لمجلس الوزراء»، طبقًا لبيان أصدرته رئاسة المجلس، أمس السبت، بالتواصل مع وزارة النقل، التى نفت تلك الشائعات، التى وصفتها بـ«الأنباء»، مؤكدةً أنه «لا صحة للتنازل عن موانئ نهر النيل لصالح دولة أجنبية بموجب مشروع قانون إعادة تنظيم الهيئة العامة للنقل النهرى»، مشددةً على أن «الموانئ المصرية مملوكة بالكامل للدولة وتخضع للسيادة المصرية وستظل كذلك».
وزارة النقل أوضحت، بحسب البيان، أن «مشروع القانون يستهدف تشجيع القطاع الخاص للاستثمار فى مجال النقل النهرى، دون البيع أو التنازل عن ملكية أى من الموانئ، من خلال توحيد جهة إصدار تراخيص مزاولة أعمال نقل الركاب والبضائع والمهمات والمواد بجميع أنواعها والحاويات وإدارة وتشغيل الخطوط الملاحية والموانئ، مؤكدةً أنه سيتم منح التزامات المرافق العامة للمستثمرين سواء المصريين أو الأجانب، بغرض إنشاء وإدارة وتشغيل وصيانة واستغلال الموانئ والمراسى والأهوسة والطرق الملاحية، وفقًا لنظام التعاقدات بحسب طبيعة كل مشروع، مع الالتزام بالشروط والإجراءات التى تضمن حماية ذلك المرفق، مشيرةً إلى أن تلك المرافق والمنشآت ستؤول إلى الدولة فى نهاية مدة الالتزام دون مقابل وبحالة جيدة».
التوضيح لم يأت بأى جديد، لأنك لو عدت إلى المادة ١٥ من القانون، المعمول به منذ ٢٠ نوفمبر، ستجد أنها أجازت لمجلس إدارة الهيئة العامة للنقل النهرى «منح التزامات المرافق العامة للمستثمرين المصريين والأجانب، سواء أكانوا أشخاصًا طبيعيين أم اعتباريين لإنشاء أو إدارة أو تشغيل أو صيانة الموانئ والأرصفة والمراسى على نهر النيل وقنواته الملاحية بعد موافقة مجلس الوزراء، وذلك وفقًا لإحدى الطرق المبينة بقانون تنظيم التعاقدات التى تبرمها الجهات العامة، بحسب طبيعة كل مشروع مع الالتزام بالشروط التى تتطلبها وزارة الدفاع». كما اشترطت المادة نفسها على المستثمرين مراعاة عدد من القواعد والإجراءات، من بينها عدم التنازل عن الالتزام للغير دون الحصول على إذن من مجلس الوزراء، وأيلولة جميع المنشآت إلى الدولة فى نهاية مدة الالتزام دون مقابل وبحالة جيدة. كما ستجد، أيضًا، أن المادة ١٦ جعلت الحد الأقصى لمدة عقد الالتزام ١٥ سنة، واشترطت الحصول مسبقًا على موافقة وزارة الدفاع بالنسبة لمواقع الموانئ.
.. أخيرًا، وبغض النظر عن سقطة وصف «قانون» صدر بالفعل وبدأ العمل به منذ أكثر من شهر بأنه لا يزال «مشروع قانون»، نرى ضرورة أن نناشد، مع رئاسة مجلس الوزراء، جميع وسائل الإعلام، ومرتادى مواقع التواصل الاجتماعى، والمركز الإعلامى للمجلس ووزارة النقل، بالمرة، تحرى الدقة والموضوعية فى نشر الأخبار، والتواصل مع الجهات المعنية قبل نشر معلومات لا تستند إلى أى حقائق، وتؤدى إلى إثارة البلبلة.