اتفاق «صندوق النقد» الجديد
البيان الصادر عن صندوق النقد الدولى، أمس الأول الجمعة، قال إن المجلس التنفيذى للصندوق وافق على عقد اتفاق، مدته ٤٦ شهرًا، مع مصر، فى إطار «تسهيل الصندوق الممدّد»، بما يعادل ١١٥.٤٪ من حصة العضوية فى الصندوق، أو حوالى ٣ مليارات دولار. وأوضح البيان أن القرار يتيح صرف دفعة فورية قيمتها ٣٤٧ مليون دولار، للمساعدة فى تلبية احتياجات ميزان المدفوعات ودعم الموازنة.
الاتفاق، الذى أقره مجلس إدارة الصندوق، بحسب البيان، سيتيح لمصر الحصول على حزمة تمويل إضافية قيمتها ١٤ مليار دولار تقريبًا من شركائها الدوليين والإقليميين، وقنوات التمويل التقليدية من الدائنين الثنائيين ومتعددى الأطراف. كما أشار البيان إلى أن السلطات المصرية طلبت الاستفادة من موارد «صندوق المرونة والاستدامة»، وهو ما يمكن أن يتيح تمويلًا إضافيًا، لدعم أهداف السياسات المرتبطة بالمناخ. و«يُعد سجل الأداء القوى للسلطات بشأن البرامج التى دعمها الصندوق فى السابق، والتأييد السياسى لحزمة السياسات عاملين مهمين من شأنهما التخفيف من حدة المخاطر وتحقيق أهداف البرنامج الحالى الذى يدعمه الصندوق»، وما بين التنصيص من تصريحات أدلت بها كريستالينا جورجييفا، المدير العام لصندوق النقد الدولى.
سبق أن أشاد، أيضًا، بيير أوليفيه جورينشاس، كبير الاقتصاديين فى الصندوق، بالمرونة، التى تعاملت بها الحكومة المصرية مع تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية، وأكد أنها تبنت سياسات استباقية، للتكيف مع الصدمات الخارجية. ولو عدت إلى تقرير «آفاق الاقتصاد العالمى» الصادر، فى ١١ أكتوبر الماضى، ستجد الصندوق يتوقع أن يواصل الاقتصاد المصرى تحقيق معدلات نمو مرتفعة، وأن تتحسن مؤشراته لأعوام مقبلة، ويؤكد أنه اكتسب قدرًا من الصلابة يمكنه من التعامل الإيجابى المرن مع الأزمات.
برنامج الإصلاح الاقتصادى الوطنى الشامل، الذى يدعمه الصندوق، يتضمن حزمة شاملة من السياسات الهادفة إلى الحفاظ على الاستقرار الاقتصادى الكلى، واستعادة الاحتياطيات الوقائية، وتمهيد الطريق نحو تحقيق نمو مستدام وشامل بقيادة القطاع الخاص، من بينها التحول الدائم إلى نظام سعر الصرف المرن لتعزيز الصلابة فى مواجهة الصدمات الخارجية.. وتنفيذ سياسة نقدية تهدف إلى تخفيض معدلات التضخم تدريجيًا.. والضبط المالى لضمان تراجع نسبة الدين العام إلى إجمالى الناتج المحلى واحتواء إجمالى الاحتياجات التمويلية.. وتعزيز شبكة الأمان الاجتماعى لحماية الفئات الضعيفة.. وإصلاحات هيكلية واسعة النطاق لتقليص بصمة الدولة، وتسهيل تحقيق النمو بقيادة القطاع الخاص، وتعزيز الحوكمة والشفافية فى القطاع العام.
الأهم، هو أن برنامج الحكومة المصرية تضمّن مجموعة متسقة ومتكاملة من التدابير، التى تسهم فى زيادة تنافسية الاقتصاد المصرى، وتحسين بيئة الأعمال ودفع معدلات الانتاجية ومعدلات التصدير السلعية والخدمية، و... و... والعمل على عودة مسار المديونية الحكومية إلى التراجع، وصولًا إلى مستويات تقل عن ٨٠٪ من الناتج المحلى فى المدى المتوسط. كما تضمن البرنامج، أيضًا، محورًا يتعلق بتوسيع شبكة الأمان الاجتماعى، وتحقيق أكبر قدر من الحماية للفئات الأولى بالرعاية. وبالفعل، قامت الحكومة المصرية، فى استجابة سريعة لتكليفات الرئيس عبدالفتاح السيسى، بتوفير التمويل الكافى لحزمة حماية إضافية، استكمالًا لما تم إقراره فى بداية العام المالى الجارى من إجراءات، كان من بينها تعزيز برنامجى «تكافل وكرامة» وزيادة أعداد المستفيدين منهما إلى نحو ٥ ملايين أسرة، واستمرار العمل على توفير التمويل المطلوب لبرنامج «حياة كريمة»، الذى يستهدف تحسين كل أوجه الحياة والبنية التحتية بجميع قرى مصر والمناطق الريفية.
.. وتبقى الإشارة إلى أن موافقة صندوق النقد الدولى على الاتفاق، وبالتالى على برنامج الإصلاح الاقتصادى الوطنى، تمثل تأكيدًا إضافيًا على مساندة المجتمع الدولى وشركاء التنمية لهذا البرنامج، وتعكس الثقة فى قدرة مصر على الوفاء بالتزاماتها الدولية وقدرتها على تحقيق معدلات النمو الاقتصادى المستهدفة. كما أن موافقة مجلس إدارة الصندوق على تقرير الخبراء، الذى تم الاتفاق عليه مع الحكومة المصرية والبنك المركزى، فى أكتوبر الماضى، دون أى شروط أو أعباء إضافية، تمنح الاقتصاد المصرى شهادة ثقة جديدة، وتعطى إشارة إيجابية للأسواق المحلية والخارجية، وتشجّع الاستثمار والتصدير وحركة التجارة الدولية مع مصر.