الأسعار والسُّعار والتسعيرة
هدف الحكومة، خلال هذه الفترة، هو ضبط الأسعار، حتى لا تحدث مبالغة تمثل عبئًا على المواطن، بحسب تأكيد الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء، الذى أوضح أن المدى السعرى للسلع الاستراتيجية الأساسية معروف، وينبغى الحفاظ عليه، وأن الدولة لن تصمت على أى نوع من المغالاة أو أى محاولة لاستغلال الموقف، لكنه أشار، فى الوقت نفسه، إلى أن القطاع الخاص له الحق فى تحقيق مكاسب عادلة.
لا نعتقد أنك تتذكر عدد المرات، التى قرأت أو سمعت فيها تصريحات للدكتور مدبولى، أو لرؤساء وزراء سابقين، عن إدراك حكوماتهم مسئوليتها عن تخفيف العبء عن كاهل المواطنين، وجهودها فى تفعيل آليات الرقابة والمتابعة على الأسواق لضبط الأسعار والتأكد من توافر السلع الرئيسية بالأسعار والكميات المناسبة. لكن ما اختلف هذه المرة هو أن رئيس الوزراء أكد أنه سيتم التنسيق مع اتحاد الغرف التجارية واتحاد الصناعات، من أجل تحديد مدى سعرى، للسلع الاستراتيجية، التى تمس حياة المواطن اليومية، طبقًا لمعايير يتم التوافق بشأنها، على أن يتم الإعلان عن هذا المدى السعرى، للالتزام به، مع مراجعته وتعديله، بصورة شهرية، للتأكد فى كل حين من أنه متوافق مع أسعار السلع ومدخلاتها، بالتنسيق بين الدولة وأجهزتها.
فى المؤتمر الصحفى، الذى عقده، أمس الأول الأربعاء، بحضور الدكتور على المصيلحى، وزير التموين والتجارة الداخلية، واللواء هشام آمنة، وزير التنمية المحلية، عقب اجتماع الحكومة برئاسته، فى مقر العاصمة الإدارية الجديدة، أكد رئيس مجلس الوزراء، أن هناك حرصًا شديدًا من الدولة، فى ظل الوضع الاقتصادى العالمى وتداعياته العالمية والمحلية، على إحاطة المواطن بالمستجدات والإجراءات التى تتم على أرض الواقع، وأوضح أن هدف الدولة فى تلك المرحلة يتمثل فى تخفيف وطأة وأثر الأزمة الطاحنة على المواطن.
شكاوى المواطنين المستمرة، التى تم رصدها مباشرة من خلال منظومة الشكاوى التابعة لمجلس الوزراء، والمقالات الصحفية ووسائل التواصل الاجتماعى، أظهرت لرئيس الوزراء أن أكثر ما يؤرِّق المواطن هو «عدم انضباط الأسعار» واستغلال البعض الأزمة. وعليه، أوضح مدبولى أن القوانين واللوائح تجبر جميع المنافذ على وضع الأسعار على السلع بمختلف أشكالها؛ وقرر منح مهلة أسبوعين، فقط لا غير، لكل المنافذ التجارية، لوضع أسعار السلع، بحيث تكون واضحة. ودعا المواطنين إلى أن يقوموا، بمجرد انقضاء مدة الأسبوعين، بإبلاغ الجهات المعنية فورًا، إذا وجدوا منفذ بيع لا يضع الأسعار، أو يغالى فيها.
فى هذا السياق، شدّد رئيس الوزراء على أن الحكومة لا يمكنها فى ظل هذه الظروف أن تترك فئة تتاجر بالمواطنين، وتسعى لاستغلال الظرف لتحقيق مكسب زائد عن المنطق، وأكد أن الدولة لم تتدخل لتحديد أسعار السلع، لكنها ستفرض أن يكون السعر مُعلنًا على كل سلعة معروضة، لافتًا إلى أنه بعد انتهاء الأسبوعين، سيتم تكليف وزارة التموين، وجهاز حماية المستهلك، والمحافظات، ووزارة الداخلية، بالنزول إلى الأرض والتحرى، للتأكد من وجود الأسعار بشكل واضح، وسيتم اتخاذ إجراءات عقابية حاسمة ضد المنافذ غير الملتزِمة بذلك، ستصل إلى الغلق وإعادة بيع السلع الموجودة فيها بمنافذ الدولة بسعرٍ معلن.
.. وتبقى الإشارة إلى أن المادة رقم ١٠ من قانون حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية، تجيز لمجلس الوزراء «تحديد سعر بيع منتج أساسى أو أكثر لفترة زمنية محددة»، كما نصت على أنه «لا يعتبر نشاطًا ضارًا بالمنافسة أى اتفاق تبرمه الحكومة بقصد تطبيق الأسعار التى يتم تحديدها». غير أن ذلك قد لا يكون، عمليًا، فى مصلحة المواطن، لأن تحديد السعر، أو وجود تسعيرة جبرية، مع قلة المعروض، سيؤدى إلى ظهور سوق سوداء. وبالتالى، كان البديل، الذى نراه وجيهًا، هو فكرة تحديد المدى السعرى للسلع الاستراتيجية، بالتنسيق، أو بالتفاوض، أو بالتراضى، وستكون الفكرة أكثر وجاهة، لو صاحبتها مصادرة، وإعادة طرح، ما لدى المصابين بالسُّعار، لو أصروا على أكل لحوم المواطنين ومص دمائهم ومصمصة عظامهم.