روسيا تسترد سيّد الحرب!
سيد الحرب، وتاجر الموت، وأغنى وأخطر وأكثر المجرمين دموية فى التاريخ، هى صفات أطلقتها كتب وأفلام ووسائل إعلام أمريكية على رجل الأعمال الروسى فيكتور بوت، الذى وصل، مساء أمس الأول الخميس، إلى موسكو، على متن طائرة حملته من أبوظبى، حيث جرت عملية مبادلته بلاعبة كرة السلة الأمريكية بريتنى جرينر. وقال بيان سعودى إماراتى مشترك، إن نجاح وساطة تبادل السجينين، يعكس الدور المهم الذى تلعبه قيادتا البلدين فى تعزيز الحوار بين جميع الأطراف.
صفقة تبادل السجينين، كانت أبرز الملفات، التى تناولها وليام بيرنز وسيرجى ناريشكين، مديرا وكالتى المخابرات الأمريكية والروسية، خلال لقائهما، منتصف نوفمبر الماضى، فى العاصمة التركية أنقرة، بمبادرة أمريكية. ووقتها، قال البيت الأبيض، فى بيان، إن بيرنز، الذى يتحدث الروسية وكان سفيرًا للولايات المتحدة فى روسيا بين ٢٠٠٥ و٢٠٠٨، لم يناقش مع نظيره الروسى ملف الحرب فى أوكرانيا!.
قيل إن فيكتور بوت هو نفسه «يورى أورلوف»، بطل فيلم «سيّد الحرب»، Lord of War، الذى كتبه وأخرجه أندرو نيكول، سنة ٢٠٠٥، وقام ببطولته نيكولاس كيدج. غير أن ما جاء فى الفيلم يقل كثيرًا عما تضمنه كتاب «تاجر الموت: المال، البنادق، الطائرات، والرجل الذى يجعل الحرب ممكنة»، الصادر سنة ٢٠٠٧، والذى زعم فيه دوجلاس فرح وستيفان براون، أنهما يتناولان محطات من سيرة ومسيرة «بوت» المهنية. وكذا، عشرات الكتب، التى لم يكن أحدثها «عملية لا هوادة فيها: مطاردة أغنى وأخطر وأكثر المجرمين دموية فى التاريخ»، الذى صدر سنة ٢٠١٧، للصحفى البريطانى داميان لويس.
المولود فى ١٣ يناير ١٩٦٧، درس اللغة البرتغالية فى المعهد العسكرى السوفيتى، وأتقن معها خمس لغات أخرى، غير الروسية، وعمل مترجمًا فوريًا فى موزمبيق وأنجولا، مع وحدة تابعة للأمم المتحدة. وكان عمره ٢٨ سنة حين أسس، فى ليبيريا، شركة «إير سيس»، AIR CESS، للشحن الجوى، وقبل أن يتم عامه الثامن والثلاثين، صدر قرار الاتحاد الأوروبى بتجميد أمواله ومدير أعماله ريشارد الشيشكلى، السورى الجنسية.
بفخ نصبته وكالة مكافحة المخدرات الأمريكية «دى إى إيه»، اعتقلته تايلاند، سنة ٢٠٠٨، وقامت بتسليمه، بعد سنتين، إلى الولايات المتحدة، التى عاقبته فى ٢٠١٢، بالسجن لمدة ٢٥ سنة، بزعم قيامه بالتخطيط لقتل عسكريين أمريكيين، ودعم الإرهاب، وتهريب مائة صاروخ أرض- جو، إلى مقاتلى حركة فارك، FARC، الكولومبية.
ما قد يجعلك تضرب كفًا بكف، وأخماسًا فى أسداس، هو أن شركة «بوت» عملت مع الحكومة الفرنسية فى نقل معونات إلى رواندا، واستعانت بها الأمم المتحدة لنقل قوات حفظ السلام ومساعدات إلى دول إفريقية وآسيوية منكوبة، كما استخدمها الجيش الأمريكى فى نقل جنوده وعتاده، خلال غزوه العراق، وعملت، أيضًا، مع شركة «هاليبرتون»، كبرى شركات الطاقة الأمريكية، فى مرحلة إعادة بناء حقول النفط العراقية، وكان مسموحًا لطائراتها، بموجب تعاقد مع وزارة الدفاع الأمريكية بتعبئة الوقود فى المطارات العسكرية!.
قد تضرب كفًا بكف، أيضًا، أو «راسك فى الحيط»، لو عرفت أن صحفًا أمريكية، من بينها «واشنطن بوست» أبدت دهشتها من اهتمام الحكومة الروسية بمواطن روسى، وأكدت، فى تقرير نشرته، أمس الجمعة، أن ذلك الاهتمام «يشير بقوة» إلى علاقته بالمخابرات الروسية، ونقلت عن سايمون سارادجيان، عضو مركز بيلفر للعلوم والشئون الدولية بجامعة هارفارد، أن الحكومة الروسية كانت حريصة على استعادته حتى يحافظ على صمته ولا يكشف عن علاقاته بها. كما رأى مارك جاليوتى، الخبير فى الشئون الروسية، أن الإفراج عن بوت، يحمل رسالة من المخابرات الروسية إلى كل عملائها، والمتعاونين معها، بأنها لن تنساهم.
.. وتبقى الإشارة إلى أن الرئيس الأمريكى جو بايدن، ونائبته ووزير خارجيته، احتفلوا، فى البيت الأبيض، بإطلاق سراح لاعبة كرة السلة، بريتنى جرينر، بحضور زوجتها الأستاذة شيريل واتسون. غير أن بايدن وإدارته واجهوا انتقادات حادة، لأنهم فشلوا فى استعادة بول ويلان، الضابط السابق فى قوات المارينز الأمريكى، المسجون فى روسيا، منذ أربع سنوات، بتهمة التجسس.