الصين والعرب.. وإفريقيا
فى إطار حرص مصر على دعم وتطوير أواصر العلاقات التاريخية المتميزة بين الدول العربية والصين، وصل الرئيس عبدالفتاح السيسى، صباح أمس، الخميس، إلى العاصمة السعودية الرياض، للمشاركة فى «القمة العربية الصينية الأولى»، التى تهدف إلى البناء على الحوار السياسى الممتد بين الجانبين، والتشاور والتنسيق بشأن سبل تعظيم آفاق التعاون على الصعيدين الاقتصادى والتنموى، وبحث مساعى الحفاظ على الاستقرار الإقليمى والدولى.
ليس للصين تاريخ استعمارى فى المنطقة العربية أو قارة إفريقيا، ولا نعتقد أن لها أهدافًا، فى الحاضر أو المستقبل، غير التنمية والاستثمار، بغض النظر عن وجود أبعاد الاستراتيجية للتعاون المشترك. وفى خطاب افتتاح المؤتمر العشرين للحزب الشيوعى الحاكم، منتصف أكتوبر الماضى، قال الرئيس الصينى بوضوح إن بلاده «تعارض بحزم جميع أشكال الهيمنة والسياسات القائمة على القوة، وتعارض عقلية الحرب الباردة، والتدخل فى الشئون الداخلية للدول الأخرى وازدواجية المعايير»، وأكد أن بكين «لن تسعى إطلاقًا إلى الهيمنة، ولن تنخرط فى أنشطة توسعية».
فى مقاله المنشور، أمس، تحت عنوان «توارث الصداقة الممتدة لآلاف السنين والعمل سويًا على خلق مستقبل جميل»، أشار الرئيس الصينى إلى مؤتمر الحزب الشيوعى الصينى، موضحًا أن الحزب «يتحد، حاليًا، مع الشعب الصينى ويقوده للمضى قدمًا نحو بناء دولة اشتراكية حديثة على نحو شامل. وأكد أن الصين «باعتبارها قوة ثابتة تحافظ على السلام فى العالم وتعزز التنمية المشتركة»، ستعمل بعزيمة لا تتزعزع على توفير فرص جديدة لدول العالم، بما فيها الدول العربية، بتنميتها الجديدة، وستعمل مع «الإخوة العرب» على توارث الصداقة التاريخية، وخلق مستقبل جميل والانطلاق سويًا نحو غد أكثر إشراقًا!.
يجمع الصينيين بالعرب «منتدى التعاون الصينى العربى»، وهو مبادرة رسمية بين الصين وجامعة الدول العربية، تم إطلاقها سنة ٢٠٠٤، خلال زيارة الرئيس الصينى السابق هو جينتاو مقر الجامعة بالقاهرة. ويجمعهم بالأفارقة «منتدى التعاون الصينى الإفريقى»، الذى تأسس بمبادرة مشتركة، فى أكتوبر ٢٠٠٠، بهدف تعميق التعاون لتحقيق التنمية الاقتصادية ومواجهة تحديات العولمة. ومع التطورات الـ«دراماتيكية» التى شهدتها، وتشهدها، الساحة الدولية، وباستمرار فشل الإدارة الأمريكية فى إدارة سياستها الخارجية، واصل التنين الصينى صعوده السريع، وسعى جاهدًا إلى تعزيز علاقاته بدول المنطقة العربية والقارة السمراء.
الدورة الأولى لاجتماع «منتدى التعاون الصينى العربى» الوزارى، استضافه مقر جامعة الدول العربية بالقاهرة، فى ١٤ ديسمبر ٢٠٠٤، وخلال ٩ دورات عقدها المنتدى، على مستوى الوزراء، تبنى الجانبان سلسلة من الوثائق، وحققا إنجازات ملحوظة فى مجالات عديدة، وأقيمت ١٧ آلية تعاون شملت الحوار السياسى الاستراتيجى على مستوى كبار المسئولين، والحوار بين الحضارتين الصينية والعربية والمنتدى الصينى العربى للإصلاح والتنمية ومؤتمر رجال الأعمال الصينيين والعرب، ومؤتمر التعاون الصينى العربى فى مجال الطاقة، ومنتدى التعاون الصينى العربى فى مجال الصحة، وملتقى التعاون الصينى العربى فى الإذاعة والتليفزيون، و.... و.... ومؤتمر التعاون الصينى العربى لنقل التكنولوجيا والإبداع.
بخطوات أقدم نسبيًا، وأسرع كثيرًا، سار «منتدى التعاون الصينى الإفريقى»، الذى عقد مؤتمره الوزارى الأول فى ١٠ أكتوبر ٢٠٠٠، ثم عقد قادة الدول الأعضاء، سنة ٢٠٠٦، قمتهم الأولى، فى العاصمة الصينية بكين، سنة ٢٠٠٦، والثانية فى عاصمة جنوب إفريقيا «جوهانسبرج»، سنة ٢٠١٥، وبين القمتين، انعقدت خمسة اجتماعات وزارية، استضافت مدينة شرم الشيخ الرابع منها، فى ٢٠٠٩، وجرى خلاله إقرار إعلان شرم الشيخ» و«خطة عمل شرم الشيخ» وبرامج جديدة للتعاون بين الجانبين خلال الأعوام الثلاثة التالية.
.. وأخيرًا، نرى أن مصر، صاحبة الدور الأكبر فى إنجاح «منتدى التعاون الصينى الإفريقى»، سيكون لها دور مهم، أو الدور الأهم، فى ترجمة أعمال «القمة العربية الصينية الأولى»، إلى نتائج عملية، وتعزيز مختلف أوجه التعاون بين الجانبين، نظرًا لثقلها العربى، وعلاقاتها التاريخية والممتدة مع الصين، التى شهدت تطورات كبيرة خلال الثمانى سنوات الماضية، بالإضافة إلى موقعها على الخريطة وفى منظومة «الحزام والطريق»، التى تمثل محور السياسة الخارجية الصينية.