رفض الاحتفال بعيد الجلاء!
الإخوانى هنا، مثل الإخوانى هناك. ولا فرق بين إخوانى يحمل الجنسية المصرية أو التونسية إلا فى أن الأخير أتيحت له فرصة أكبر، وفترة أطول، ليتقيأ المزيد ممّا فى جوفه، مثلما فعل المدعو كمال بن عمارة، الذى ظل رئيسًا لبلدية بنزرت، حتى صدر قرار إعفائه من منصبه، الذى نشرته الجريدة الرسمية، الخميس الماضى.
بحسب الجريدة الرسمية، أو «الرائد الرسمى للجمهورية التونسيّة»، فإن سبب أمر أو قرار الإعفاء هو «ثبوت ارتكابه أخطاءً جسيمة تنطوى على مخالفة للقانون والإضرار الفادح بالمصلحة العامة»، غير أن ما يعنينا هو أن المذكور رفض الاحتفال بعيد الجلاء، وزعم أن قرار الرفض جاء استجابة لـ«عريضة قدمها المواطنون»، وقال لإذاعة «شمس إف إم»، فى ١٣ أكتوبر الماضى، إن قراره «صحيح من جميع النواحى القانونية والأخلاقية والاجتماعية»، وإنه لن يتراجع عنه برغم التهديدات التى تلقاها!.
لعلك تعرف أن الإخوان، هنا، عارضوا اتفاقية الجلاء، التى خرج بموجبها آخر جندى بريطانى من مصر، فى ١٨ يونيو ١٩٥٦، بعد استعمار استمر ٧٣ سنة وتسعة أشهر وسبعة أيام. ولعلك تعرف، أيضًا، أنهم حاولوا اغتيال جمال عبدالناصر، فى ٢٦ أكتوبر ١٩٥٤، أى بعد أسبوع بالضبط من توقيعه الاتفاقية، بصفته رئيس مجلس الوزراء، مع حكومة «المملكة المتحدة لبريطانيا العظمى وشمال أيرلندا»، فى حادث المنشية الشهير.
المهم، هو أن التونسيين يحتفلون سنويًا بعيد الجلاء، فى ١٥ أكتوبر، تاريخ خروج آخر جندى فرنسى، سنة ١٩٦٣، من الأراضى التونسية، وتحديدًا من مدينة بنزرت، الذى أنهى، فعليًا، مرحلة الاستعمار الفرنسى، التى بدأت فى ١٢ مايو ١٨٨١ واستمرت ٨٢ سنة وعدة أشهر. غير أن الاحتفال بعيد الجلاء التاسع والخمسين، كان مختلفًا نسبيًا، إذ تعهّد خلاله الرئيس قيس سعيد بأن يصنع «تونس جديدة.. وجلاء جديدًا»، ووعد بتطهير البلاد «من كل من يريد أن يضرب استقلالها، أو يتعامل مع الخارج، أو من يكون عميلًا خائنًا».
الذى يصفه «إخوان تونس» بأنه «أول رئيس بلدية منتخب فى تاريخ بلدية بنزرت»، رشحه «حزب النهضة، لرئاسة بلدية بنزرت، التى جرت فى يوليو ٢٠١٨، وفاز بـ٢٠ صوتًا من إجمالى ٣٤ صوتًا، هى عدد أعضاء المجلس البلدى. واللافت، هو أن الصفحة الرسمية للولاية على «فيسبوك»، لا تزال تحت سيطرته، بعد صدور قرار عزله أو إعفائه، ونشر عليها مقطع فيديو أكد فيه، من قطر، أنه لن يستجيب للقرار.
الإشارة هنا قد تكون مهمة، إلى أن المذكور استقبل، فى ٤ نوفمبر الماضى، وفدًا من مدينة «دنكارك» الفرنسية، التى تربطها اتفاقية توأمة مع مدينة بنزرت. لكن مع اقتراب عقد القمة ١٨ للمنظمة «المنظمة الدولية للفرانكفونية»، التى استضافتها جزيرة جربة التونسية، فى ١٩ نوفمبر، تذكر الجرائم، التى ارتكبتها فرنسا فى مدينة بنزرت، وطالب بالاعتذار عنها ودفع تعويضات «عن الملك البلدى العام والخاص» المتضرر!.
مع كل ذلك، أو لكل ذلك، لا يزال الرئيس التونسى قيس سعيد، يواجه ضغوطًا خارجية، من أجل إطلاق حوار مع «إخوان تونس» وداعميهم، الذين أعلنوا عن مقاطعتهم الانتخابات البرلمانية، المقرر إجراؤها فى النصف الثانى من الشهر الجارى، كما سبق أن رفضوا الدستور الجديد، الذى أقره الشعب التونسى باستفتاء جرى فى يوليو الماضى، ورفضوا، أيضًا، القرارات الاستثنائية، التصحيحية أو التاريخية، التى صدرت، فى يوليو ٢٠٢١، وأنهت عشر سنوات من اختطاف «حركة النهضة» الإخوانية للدولة الشقيقة. ولعلك تتذكر أننا أشرنا، وقتها، إلى أن معركة التونسيين لاسترداد وطنهم، ستطول، لو لم يتم بتر أظافر الإخوان واستئصال جذورهم.
.. وتبقى الإشارة إلى أن ذلك الإخوانى، الذى كان يرأس بلدية بنزرت، زعم أن سبب وجوده فى قطر هو تشجيع المنتخب التونسى فى بطولة كأس العالم، كان يتوقع، وربما يتمنى، خروج المنتخب من الدور الأول، بدليل أنه دعا فى ٢٤ نوفمبر، أى قبل مباراتى تونس مع أستراليا وفرنسا، إلى انعقاد المجلس البلدى فى دورته العادية الرابعة لسنة ٢٠٢٢، يوم الثلاثاء ٢٩ نوفمبر، بداية من الساعة الرابعة!.