العائلة الملكية.. أسرار غرف النوم
أسرار مثيرة يكشفها الموسم الجديد من مسلسل «التاج The Crown» الذى صدر مؤخرًا على إحدى المنصات الإلكترونية، متقدمًا المسلسلات الأكثر مشاهدة بمواسمه الأربعة السابقة التى عرضت قصة حياة الملكة إليزابيث فى مراحل الطفولة والمراهقة والشباب، وكيف تم إعدادها لتولى عرش بريطانيا، والصعوبات التى نجحت فى تخطيها للحفاظ عليه، بالإضافة إلى كواليس العلاقات الخاصة والحميمة لأفراد العائلة الملكية مثل العلاقة السرية للأميرة مارجريت شقيقة الملكة مع پيتر تاونسند، قبل أن تغرم بالمصور ديفيد جونز وتتزوجه.
أسرار أكثر حساسية يتطرق إليها الموسم الجديد أبرزها كواليس المقابلة التليفزيونية الشهيرة للأميرة ديانا عام ١٩٩٥، والتى كانت حديث العالم، حيث فضحت من خلالها القصر الملكى بعد كشفها عن العديد من أسراره، أبرزها الخيانة من قبل زوجها الأمير تشارلز عبر تصريحها الشهير والصادم: «لقد كنا ثلاثة فى هذا الزواج»، إلا أن المسلسل يكشف كيف تعرضت الأميرة لمؤامرة من قبل مارتن بشير الصحفى المغمور فى شبكة BBC، الذى خدعها للحصول على تلك المقابلة، مستغلًا معرفته بشقيقها ليقنعها من خلاله كذبًا أن الجهات الأمنية تدفع أموالًا طائلة للتجسس عليها، وتجند المقربين منها لهذا الغرض مثل سكرتيرها الخاص وغيره.
قوة النص هو أبرز ما يحسب للمسلسل وتعمقه فى تقديم أبعاد شخصياته وتفاصيل نشأتهم التى أسهمت فى تكوين نقاط ضعفهم وقوتهم، فهو لم يقدم أفراد العائلة كملائكة، بل بشر مكبلين بالكثير من القيود، دون التطرق إلى الحد الذى يظهرهم كشياطين.. هم نتاج ظروف وطريقة تربية دفعتهم فى كثير من الأحيان إلى تنحية العواطف جانبًا للحفاظ على استقرار التاج الملكى وصورتهم أمام الناس، فنرى الملكة مثلًا وهى ترفض احتضان الأميرة ديانا أو احتواءها عاطفيًا، فى الوقت الذى تتوق فيه لرؤية أبنائها وأحفادها، بل وتتعاطف مع شاب عاطل من أفراد الشعب يدعى مايكل فوجان بطل الواقعة الشهيرة التى اقتحم فيها غرفة نومها عام ١٩٨٢ بعد تسلقه أسوار قصرها فى غفلة من حراسه.
على نفس النحو، قدم المسلسل شخصية الابن الأكبر للملكة الأمير تشارلز، فهو من ناحية المتسبب الرئيسى فى معاناة الأميرة المحبوبة وهى عدم تكيفها مع تعليمات القصر الصارمة وجفاء أفراده، ما أدى لتدهور صحتها نتيجة عدم تفهمه مشاعرها، وعدم قدرته على منحها الوقت الكافى كزوج وزوجة بعيدًا عن انشغالاته كولى للعهد، بينما نراه من ناحية أخرى رجلًا يتوق للعاطفة والاحتواء، وهو ما وجده مع عشيقته كاميلا باركر، قبل أن تصبح زوجته رسميًا، نفس الأمر بالنسبة لأفراد العائلة، التى لم يقصد أى منهم اضطهاد الأميرة بقدر ما كانوا غير متفهمين طبيعتها المرهفة، وهو ما حاولت الملكة توضيحه لها فى مشهد المواجهة الأخير بينهما، وهو أن العائلة الملكية لا تضمر لها كراهية بل على العكس، مؤكدة أن أفرادها بذلوا ما فى وسعهم لإسعادها لكن دون جدوى، بالإضافة إلى تمسكها الشديد باستمرار زواجها بابنها تشارلز، على اعتبار أنها ليست ملكة فحسب، بل راعية الكنيسة، التى ترفض الطلاق وتنظر للزواج على أنه سياج أبدى بين طرفيه.
تميز المسلسل للغاية فى عناصر عدة مثل الملابس والديكور، حيث جاءت متطابقة بشكل لافت لزمن الأحداث والحقائق المؤرخة، وبدا سخاء الإنتاج واضحًا، خاصة فى تلك المشاهد التى تطلبت حشدًا جماهيريًا، إلا أن الأداء التمثيلى كان عنصرًا بارزًا فى تأثير المسلسل ونجاحه، حيث قدم أبطاله أداءً مدهشًا شديد الإتقان خاصة إليزابيث ديبكا، التى قدمت أداءً مذهلًا للأميرة ديانا فى الموسم الخامس، بعد أن قدمت إيما كورن دورها فى الموسم السابق أيضا بمهارة ملفتة، لاحظوا هنا إسناد دور نفس الشخصية لممثل مختلف كل موسم، حيث أدى دور الملكة إليزابيث على سبيل المثال ٤ ممثلات فى المواسم الأربعة شملت مراحل الطفولة والمراهقة والشباب والشيخوخة، دون أن يؤثر ذلك على مصداقية الأداء أو ارتباط المشاهدين بشخصيات كل موسم، إنه الإتقان حين يظل العامل الرئيسى فى صناعة العمل الفنى.