فى ذكراه .. سر خلاف فيودور دوستويفسكي مع تورجنييف
فيودور دوستويفسكي، مبدع روسيا الأكبر، والمولود في مثل هذا اليوم من العام 1821، وهو صاحب أكثر الأعمال الأدبية مقرؤية حول العالم في مختلف اللغات، ويعد علامة من أبرز علامات الأدب الإنساني.
كتب وألف العشرات من الأعمال الأدبية والقصصية، والتي حول العديد منها عبر الوسائط المقرؤة والمسموعة والمرئية، سواء في مسلسلات إذاعية وتليفزيونية أو على خشبة المسرح وشاشات السينما.
ومن أشهر أعمال فيودور دوستويفسكي: الأخوة كارامازوف، الليالي البيضاء، المزدوج، الأبله، المقامر، مذكرات قبو، المراهق، الفقراء، الجريمة والعقاب، الزوج الأبدي، مذلون ومهانون، حلم رجل مضحك، المساكين، الشياطين، الإنسان الصرصار، الوديعة، رسائل من أعماق الأرض، عودة الإنسان وغيرها.
وفيودور دوستويفسكي، أديب روائي وقاص، وفيسلسوف مفكر، لقب بــ “أديب الفقراء”، ونجا قبل دقائق من إعدامه. خلد أسمه في صفحات الأدب العالمي الإنساني، وواحد من أشهر مبدعي العالم وأدباءه علي مر التاريخ.
ــ هل منعت نرجسية تورجنييف فيودور دوستويفسكي في صداقته؟
يذكر نجل فيودور دوستويفسكي “لوبوف”، في كتابه المعنون بــ “أبي فيودور دوستويفسكي”، والصادر عن الدار المصرية اللبنانية للنشر، بترجمة الكاتب المترجم دكتور أنور إبراهيم: تعرف أبي علي تورجنييف، عندما كانا شابين مفعمين بالأفكار الطموحة مثل غالبية الشباب في مطلع طريقهم الإبداعي.
في تلك الفترة لم يكونا معروفين بعد لدى الجمهور الروسي، كانت موهبتهما قد بدأت لتوها في الازدهار. كان يترددان على نفس الصالونات الأدبية، ينحنيان أمام عظمة الشعراء والأدباء المفضلين لديهما. كان أبي معجبا للغاية بتورجنييف، كما يعجب طالب في المدرسة بزميل له أكثر منه جمالا وأناقة، رجل يحظي بنجاح كبير لدي النساء، ويمثل له نموذجا للرجل المثالي.
ويستطرد “لوبوف”، حول علاقة الصداقة التي جمعت بين والده فيودور دوستويفسكي، وتورجنييف: “علي أنه كلما ازدادت معرفة فيودور دوستويفسكي بتورجنييف، كلما راح هذا الإعجاب يتبدل شيئا فشيئا ليصبح نفورا. فيما بعد يسمي تورجنييف بــ ”المتغطرس"، وقد دخلت هذه الكلمة إلي روسيا في هذا الوقت لتحل محل كلمتي “المتكلف”، و"المدعي". كان غالبية زملاء أبي من الأدباء يشاركونه هذا الرأي.
ويلفت “لوبوف” إلي أنه: "لم يمنع جنون العظمة عند تورجنييف، وهو مرض كان شائعا في روسيا، أن يظل أبي صديقا له. إن الكبر داء بشع يجتاح بشكل أسوأ من الأنفلونزا، فإذا ما اضطررت وقطعت صلتك بكل معارفك المتكبرين، فسوف تجد نفسك ناسكا.
كان فيودور دوستويفسكي يغفر لــ “تورجنييف”، بطبيعة الحال كبره، كما يغفر أولئك الذين يحبهم. علي أن أبي قد قطع علاقته بتورجنييف قبل فترة وجيزة من اعتقاله والحكم عليه بالإعدام. وكان أبي قد توقف عن التردد علي الصالونات الأدبية.
ويشدد “لوبوف” علي أن والده فيودور دوستويفسكي: كان لثبات أبي علي مبدئه أثر كبير علي الكتاب الروس، لقد أدركوا أن الإحساس بالكرامة لديه أقوى من معاصريه، ومن ثم يصبح من المستحيل التعامل معه بهذه الوقاحة، التي كانت دارجة في أوساط الكتاب.
عندما عاد من سيبريا كان أصدقاؤه الجدد موظفو مجلة “الزمن” يعاملونه باحترام جم. لم يكن أبي يرغب في شئ سوي أن يعيش في جو من الصداقة مع زملائه، دون أن يضحي بشرفه من أجل هذه الصداقة، أصبح صديقهم المخلص وظل وفيا لهم طول حياته.
حذا "تورجنييف" حذو الكتاب الآخرين، وراح يعامل أبي علي نحو مهذب، وإن لم يكن من دون حب. نادرا ما كانا يلتقيان، في تلك الفترة وكان أبي قد أنهي مدته في سيبريا. في كل مرة كان أبي يلتقي فيها بـ “تورجنييف” في الخارج، كان يحاول أن يشرح له كيف أنه يضر بروسيا باحتقاره الظالم لها. لم يكن تورجنييف يرغب في الاستماع لأي شئ يقال له، وكان الجدل ينتهي في كل مرة بالشجار.