لا يريدون لها فلاحًا ولا نجاحًا
هجوم غير طبيعي على مصر، من الداخل والخارج، وبتنسيق بينهما شديد، فاق ما حدث في 25 يناير وما أعقب 30 يونيو.. هجوم وراءه انعقاد مؤتمر المناخ، بعد أيام بشرم الشيخ، بحضور رؤساء وملوك ورؤساء وزراء العالم، وحشد عالمي، ربما فاق الثلاثة آلاف مُشارك، تغطيه قنوات العالم ووسائل إعلامه.. هذا المؤتمر الفاصل في مسيرة الدولة المصرية، الذي يمكن له أن يضع مصر في مكانة أخرى تمامًا.. والذي يُطالع الإعلام الغربي، يمكنه أن يلحظ أن مصر التي ستصبح مركزًا عالميًا للطاقة المتجددة، لابد أن تتعرض لمثل هذا الهجوم، من القريب والبعيد.. فمصر التي ظلت لزمن طويل، كمن يقف وسط بحيرة من الماء، يصل حد أنفه، فلا هو يغرق ولا هو بقادر على الخروج أو الحركة، فإذا بها فجأة تقرر أن تتحرك، بل وتجري بأقصى سرعة، نحو مستقبل رحب، غير ذلك الذي رسمه لها أهل الشر في أماكن كثيرة، لابد من حربها والوقوف ضد مسيرتها.
لقد واجهت مصر، بإرادة قوية، آثار 25 يناير المدمرة وما نجم عن ثورة الشعب في 30 يونيو، وتجاوزت محنة كورونا، والآن تخوض غمار ما جلبته الحرب الروسية ـ الأوكرانية ـ على العالم من أزمات.. ولكنها في كل مرة تستطيع إدارة أزماتها بذكاء شديد، وقدرة على المضي في طريقها التي رسمته لنفسها.. صحيح، هناك أزمنة طاحنة، انعكست آثارها الاقتصادية على حياة المواطن المصري، لكنا مازلنا قادرين على تجاوز الصعاب، مع أن العالم يعاني ويلات أزماته، وقد شهد أهل الخبرة، من غير المصريين، أن مصر تستهدف نموًا بأكثر من 5%، رغم مخاوف الركود العالمي.. وبينما يوشك العالم على الدخول في كساد مرعب، فإن مصر، في ذات الوقت، تقلل نسب البطالة، وينخفض فيها الفقر إلى مادون الـ30%، لأول مرة منذ عشرين عامًا.
وعندما تبحث أوروبا عن مصادر للغاز تقي مواطنيها شر برد الشتاء، تحقق مصر اكتفاءها الذاتي منه، بعد أن كانت تستورده، بل وتصدر الفائض الفائض منه مقابل مليارات الدولارات، جنبًا إلى جنب عوائدها السنوية من رسوم العبور في قناة السويس.. وللحق أقول، إنني أجد عُذرًا لأولئك الذين يحقدون على بلادي.. لكل ما سبق ذكره، ولمثل إشادة الأمم المتحدة بالتقدم المصري في قطاع الطاقة المتجددة.. وعندما يعترف السفير البريطاني في القاهرة، بأن مصر ستكون مركز العالم في هذه الطاقة، وتتحدث الصحيفة الألمانية (دويتش فيله) ـ التي تهاجمنا دائمًا ـ وتتحدث عن نفس ما تحدث عنه سفير بريطانيا.. ألا يعد ذلك نجاحًا مصريًا يوغر صدور الحاقدين عليها؟
وللمرة الثانية، خلال العام الحالي، تُبقي وكالة (ستاندر آند بورز) على تصنيف مصر عند درجة B، مع نظرة مستقبلية مستقرة، وسط عالم يغلي من أزماته.. نفس هذه الدولة ـ مصر ـ لم يكن البحث العلمي يحظى فيها بالاهتمام، فإذا بها تحتل المركز الثاني عربياً في هذا المجال، كتقرير اليونسكو.. ثم ماذا يعني أن يكون الجيش المصري قويًا قادرًا؛ حتى على التحرك، لأول مرة، خارج حدوده ـ إن استدعت الظروف ـ مع ارتفاع تصنيفه ضمن أكبر عشرة جيوش في العالم.. والتصنيع الحربي، الذي اعترفت به، حتى القنوات التي كانت تهاجمنا فيما سبق، وقالت مؤخرًا (صحوة مارد) يتجه نحو التصنيع العسكري، بالشراكة مع بعض دول العالم، كألمانيا والهند، تصل حد الطائرات.
خرجت مصر من مائها، وبدأت الجري نحو المستقبل، مما شجع دول الخليج على تعظيم استثماراتها في هذا البلد الناهض، بأرقام ضخمة.. وهذا يعني أن دولًا كانت تستفيد من الاستثمارات الخليجية على أرضها، منها إنجلترا التي تعيش على هذه الاستثمارات، وكذلك الولايات المتحدة ومعظم دول أوروبا، فإذا بمصر تحصل على حصة كبيرة من استثمارات الخليج هذه.. فهل تنتظر منهم الصمت على مصر؟.. من هنا، يجب أن نفطن إلى مصدر عبارة (هو بيبيع البلد)، ونتساءل: هل يبيع حكام بريطانيا وأمريكا ودول أوروبا بلدانهم للخليج، عندما حصلت على استثمارات خليجية على أراضيها؟.. أحلال على هذه الدول، حرام على مصر؟.. إذن هي الحرب.. حرب إعلامية غير مسبوقة، لم تجد ـ إلى حد ما ـ من يتصدى لفضح أكاذيبها ودحض افتراءاتها، رغم أن كل المشروعات القومية على امتداد مصر، تعبر عن نفسها.
هل تذكرون ما قاله د. مصطفي مدبولي، رئيس الوزراء، في بيانه أمام المؤتمر الاقتصادي الأخير، من أن الجاهلين هاجموا وزير الإسكان الأسبق ـ حسب الله الكفراوي ـ رحمه الله ـ عندما أنشأ مدينة السادس من أكتوبر، مثالًا، وقالوا إنه أقام مدينة للأشباح في الصحراء، و(ضيّع فلوس البلد)، فهل يُنكر أحد قيمة هذه المدينة الصناعية ـ السكنية الآن؟.. نفس الكلام يروجونه الآن على مشروعات الدولة المصرية، التي يقودها الرئيس عبدالفتاح السيسي.
يا سادة.. هناك صفحة جديدة على الإنترنت، تُدشنها خلايا الإخوان كل ربع ساعة، لمهاجمة الدولة المصرية والتشكيك في جدوى مشروعاتها القومية، ولمن لا يعرف، فإن قناتين فضائيتين جديدتين قد أُنشئتا مؤخرًا لنفس الغرض، ومن أجل التحريض ضد مصر خلال مؤتمر المناخ بشرم الشيخ.. سينفقون الملايين حتى 11 نوفمبر القادم، في إطار خطة الإخوان الأخيرة، بل وفرصتهم الأخيرة لهدم الدولة المصرية.. في حرب نفسية على الشعب المصري، بدأت وسائلها تحوطه من كل جانب، تهاجم الرئيس، باعتباره رأس الدولة المطلوب إسقاطها.. فهل سنبتلع الطعم؟.
إن جازت أفعال وحيل هذه الجماعة المارقة فينا، وأحدثت تأثيرها في بعض أفراد الشعب، فالذنب ذنب من صدق وتأثر، وتعامل مع الأكاذيب على أنها الحقيقة.. لكني على يقين من أن الشعب الذي هب في 30 يونيو لاستئصال شأفة الإخوان، لن تخيل عليه ألاعيبهم، ولن يسمح لهم، ولا لغيرهم، مرة أخرى، بسقوط الدولة المصرية، مستغلين في ذلك أزمة لا تعانيها مصر منفردة، بل يئن منها كل العالم.. وتعالوا نقرأ معاً ما نشرته (دويتش فيله) عن زيادة الضغط على بنوك الطعام في ألمانيا، وسط حاجة ماسة للتبرعات، في إطار استمرار معدلات الفقر هناك، بالرغم من قوة الاقتصاد الألماني ووجود أنظمة حماية اجتماعية.. وعن فراغ رفوف المتاجر الألمانية من بضائع كثيرة بسبب زيادة أسعار السلع والمنتجات الغذائية، كما قالت (يورونيوز ـ عربي)، وهي نفسها التي أذاعت فيديو عن طوابير الجوع أمام بنوك الطعام في إسبانيا، وسط أزمة ارتفاع الأسعار هناك.. هذه دول غنية أساسًا وليست دولًا من إفريقيا، تعاني الجوع الحقيقي، ويموت منها الآلاف، دون سؤال من أحد، ممن يدّعون حقوق الإنسان في العالم.. وفي بريطانيا، عجز الإنجليز عن دفع فواتير الكهرباء والغاز، وأصبحت الكثرة منهم غير قادرة على دفع نفقات الطعام، وهناك أنباء عن نية الملايين للهجرة بسبب أزمة بلادهم الاقتصادية، التي كانت وراء تغيير رئيسي وزراء، في أقل من شهرين.
لدى المغرضين، هناك عذر مقبول لبريطانيا وألمانيا وفرنسا وغيرهم، يلتمسون الأعذار لحكومات هذه البلدان، في جائحة كورونا وأزمة الحرب الروسية ـ الأوكرانية، إلا مصر، التي كانت أكثر من عانى من هذه الأزمات، بشعب كبير يعيش على مساحة ضيقة حول وادي النيل، لكنه عظيم، لأنه من المفروض أن يعاني مما يعاني منه شعوب هذه الدول، بل وأكثر، لكنه يعلم أن غلاء الأسعار، في مصر وغيرها، ليس في أيدي الحكومة، أي حكومة، لأننا نعيش تضخمًا عالميًا، حتى في دول الخليج التي استفادت كثيرًا من زيادة أسعار الطاقة.. فلماذا الهجوم على مصر بذاتها، إن لم يكن وراء الأكمة ما وراءها؟!.
خلاصة القول.. إن مؤتمر المناخ في شرم الشيخ، فاتحة خير على مصر وشعبها، بما سيتم خلاله من تعاقدات تُقدر بمئات المليارات، من وراء الطاقة المتجددة، التي ستكون مصر مركزًا لها في العالم.. ولذا فإن التحريض عليها هو ديدن أهل الشر، لكن الله لا يُفلح كيد المفسدين.. حفظ الله مصر من كيد الكائدين.. آمين.