مجلس الشعب يوم 25 نوفمبر 2006
قضية الحجاب وفاروق حسني
عندما أعيد قراءة تلك القصة، أقول لنفسي بعد مرور 16عام على تلك الواقعة هل تغير شيء في تفكيرنا؟.
كان فاروق حسني وزير الثقافة المصري في توقيت سابق لتلك الجلسة قد صرح لصحيفة المصري اليوم يوم 16 نوفمبر 2006بأن الحجاب زي "طائفي" يميز بين المسلمين وغيرهم مما يهدد سلامة الوحدة الوطنية في حديث مع صحفيه، كان حديثا عاديا.
ثم جدد الوزير تصريحاته خلال استضافته في برنامج على قناة "المحور" الفضائية التي أدلى بها لصحيفة "المصري اليوم" حول أن "الحجاب عودة إلى الوراء".
أكد الوزير خلال البرنامج أن الحجاب يعد تخلفا، بمعني أنه كان عادة في الماضي ونحن نستعيدها الأن، مشيرا في الوقت نفسه أنه ليس فرض وليس من أركان الإسلام، مضيفا: "إذا كان شعر المرأة فتنة، إذا فشعر الرجل ووجهه وصدرة فتنة أيضا"!
وطلب حسني الاستشهاد بأراء "المفكر الإسلامي" محمد سليم العوا فيما يتعلق بعدم فرضية الحجاب.
والغريب أن البرنامج استجاب له، وعرض تسجيلا مصورا للعوا نفسه يؤكد فيه فرضية الحجاب مستشهدا بنص قرأني .
وهو نفس الرأي الذي ذهب إليه عدد من علماء الدين الذين أدلوا بمداخلات خلال الحلقة ، من بينهم الدكتور عبد الفتاح الشيخ ، عضو مجمع البحوث الإسلامية ، الذي استشهد على ذلك بنصوص من القرآن والسنة النبوية المطهرة.
كما أيد الرأي نفسه كل من الشيخ على أبو الحسن ،مستشار شيخ الأزهر لشئون الفتوى، ، إضافة للدكتورة سعاد صالح ،عميد كلية الدراسات الإسلامية، الأسبق بنات فرع بورسعيد.
أما الدكتور عبد المعطي حجازي ،عضو مجمع البحوث الإسلامية، فقد طالب وزير الثقافة بالاعتذار قائلا له : "انت لست أفضل من عمر بن الخطاب الذي قال أصابت امرأة وأخطأ عمر".
تقدم 161نائباً بطلبات مقدمة إلى رئيس مجلس الشعب الدكتور أحمد فتحي سرور، طالبوا فيها بإقالة الوزير فاروق حسني، بعد إصراره على عدم الاعتذار.
وإثر ذلك عقد مجلس الشعب جلسته يوم 25 نوفمبر 2006
بدأ الدكتور فتحي سرور رئيس مجلس الشعب التي سرعان ما تحولت الى مشادات كلامية حادة حيث اصر نواب ''الاخوان'' على اقالة الوزير فورا وهو الموقف الذي سرعان ما تبناه ايضا عدد من المستقلين بينهم مصطفى بكري• فيما طالب نائب الحزب الوطني محمد سيد أحمد بمحاسبة الوزير، وطالب النائب الوطني حيدر بغدادي ايضا باستقالة الوزير او تقديم اعتذار للشعب المصري في كافة وسائل الاعلام•
ورأت نائبة الوطني هيام عامر ان حسني لا يصلح لكي يكون وزيرا ولا أي شيء آخر ولا بد ان يستقيل فورا• فيما طالب النائب المعارض رجب حميدة مبارك بإقالته لأنه خان الامانة والعقيدة كوزير مسلم في بلد الأزهر•
وقال الدكتور حمدي حسن المتحدث باسم نواب الاخوان ان آراء وزير الثقافة تحمل اساءة كبيرة للمحجبات لان 80 في المائة من المصريات محجبات وأن الحجاب حشمة للمرأة، وقال إن المذيعات المحجبات حصلن على حكم قضائي بالسماح لهن بالظهور في البرامج وهذا يدل على احترام الحجاب، وطالب بضرورة أن يدفع حسني ثمن اهانته للمؤسسة الدينية كما دفع النائب طلعت السادات ثمن إهانته للمؤسسة العسكرية•
الحقيقة توقعت مصادر نيابية مصرية أن يبادر وزير الثقافة المصري، فاروق حسني، إلى تقديم استقالته من الوزارة بسبب استيائه الشديد من اشتراك نواب الحزب الوطني الحاكم ومنهم مسؤولون كبار مثل الدكتور فتحي سرور رئيس البرلمان، وزكريا عزمي رئيس ديوان الرئاسة، في حملة الهجوم والنقد ضده، على خلفية تصريحاته التي نعت فيها الحجاب بأنه "عودة للوراء" والتي أثارت استياءً عارماً في الشارع المصري الذي تسوده المحجبات.
لم يتدخل رئيس مجلس الشعب مرة واحدة لينبه النواب إلى أن هناك أيضا مواطنين مصريين آخرين ينتمون لديانات أخرى، أو يرفض التشكيك في إيمان وإسلام غير المحجبات من المسلمين! ومن المفارقات أيضا أن أغلب مناقشات النواب كانت تنطلق من إدانة تدخل الوزير في مناقشة أمر ديني، لأنه غير متخصص في الدين، رغم أن أغلب من تحدثوا من النواب ليسوا مختصين بالدين، ومع هذا فإن مداخلاتهم غلب عليها الإفتاء في الدين! أما الاختصاصي الوحيد في الدين بين من تحدثوا، فقد تحدث عن علاقة الحجاب بالأمن القومي!!! (انظر نص المضبطة في روزاليوسف 25 نوفمبر.
تعليقا على هذه الجلسة كتب د. جابر عصفور في الأهرام تحت عنوان "ليست هذه مصر"!
بينما سخر صلاح عيسى من مناقشات البرلمان باعتبارها "جلسة زار"، وهذا أيضا تهوين آخر، لأن إذا كان ضاربي الدفوف في هذا "الزار" شخصيات من نوع سرور وعزمي والشاذلي، فإن على كل "ديوك" البلد التي مازالت لديها قدرة على "الصياح" أن تتهيأ للذبح!