مسرح «الشمس».. ذوو الهمم ينتجون الجمال
فى ٢٢/٣/ ٢٠١٨ صدر القرار الوزارى بإنشاء فرقة الشمس لذوى الاحتياجات الخاصة، ومقرها مسرح الحديقة الدولية بمدينة نصر، وذلك إعمالًا لمبادئ دستور مصر ٢٠١٤، الذى نص فى مادته رقم ٨١ على أنه «تلتزم الدولة بضمان حقوق الأشخاص ذوى الإعاقة وقصار القامة صحيًا وثقافيًا واقتصاديًا واجتماعيًا وترفيهيًا ورياضيًا وتعليميًا وتوفير فرص العمل لهم وتهيئة المرافق العامة والبيئة المحيطة بهم وممارستهم جميع الحقوق السياسية ودمجهم مع غيرهم من المواطنين إعمالًا لمبادئ العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص».
تلك المادة الراقية والإنسانية فى دستورنا المصرى منحها السيد رئيس الجمهورية أولوية التحقق على أرض الواقع.. فذوو الهمم لم يكونوا أبدًا فى بؤرة الضوء ولم يكونوا مرئيين ولم تكن هناك خطط لتفجير طاقاتهم الإبداعية وتفعيل دورهم فى خطط التنمية وإيجاد مكان لهم وتهيئتهم لسوق العمل، بل كانوا منبوذين مستبعدين من المجال العام، يخبئهم الأهالى فى البيوت، ولا يجيدون التعامل معهم، يتعرضون للتنمر والإيذاء الجسدى والنفسى من أقرانهم الأصحاء، وأحيانًا من ذويهم.
وحسب تقارير وزارة التضامن الاجتماعى فقد وصلت أعداد ذوى الاحتياجات بمصر إلى ١٦ مليونًا و٦٨٠ ألف مواطن، تبلغ نسبة الإعاقة الذهنية منهم قرابة ٤٢٪، وكان على كل الوزارات والهيئات المعنية أن تقوم بدورها فى هذا الشأن، وأكاد أدعى أن أحد أهم المشاريع والأفكار الملهمة الذى قدم لهم هو إنشاء فرقة مسرح الشمس لذوى الاحتياجات الخاصة، فلا يوجد أفضل من الفن والمسرح كأداة لعلاجهم ودمجهم اجتماعيًا وتفجير طاقاتهم وتحويلهم إلى قوة جبارة منتجة، وقد استطاع المشروع فى أربع سنوات تقديم مخرجات كبيرة شملت ١٩ عرضًا مسرحيًا و٨٧٧ ليلة عرض و٣٢ ورشة فنية و١٦ معرض فنون تشكيلية وبلغ عدد المشاهدين ٣٩٨٢٢٠، واستفاد منها ٢٥٠٠ فرد من ذوى الاحتياجات من إعاقات مختلفة.
يحتاج مسرح الشمس إلى تضافر جهود الدولة ورجال الأعمال من أصحاب رءوس الأموال الوطنية وذوى المسئولية الاجتماعية، وأن يشاركوا فى تطوير هذا المنجز الحضارى الكبير، فالمسرح يحتاج إلى تطوير فى بنيته، حتى يصبح مهيأ على نحو أفضل لاستقبال كل الحالات من ذوى الاحتياجات، كما نحتاج إلى نشر الفكرة الملهمة داخل مصر، فلماذا لا تشرق تلك الشمس فى محافظاتنا وقرانا أيضًا وما أحوجها إلى ذلك.
إن هذا المنجز الكبير هو واجهة حضارية مهمة لمصر، تجربة غير مسبوقة فى الوطن العربى وإفريقيا تستحق كل الدعم والمساندة، كما تستحق أيضًا الانتشار، وهنا يتبادر إلى الذهن هذا السؤال انطلاقًا من ريادة مصر الثقافية فى المنطقة ومن مسئوليتنا التاريخية ثقافيًا وحضاريًا: لماذا لا نستنسخ التجربة فى الوطن العربى وإفريقيا؟.. إن الاضطلاع بتلك المسئوليات هو بالضرورة جزء من قوة مصر الناعمة، مصر التى ما زال لديها معين لا ينفد من الأفكار المبتكرة والقدرة على تقديم الدعم الثقافى ونقل الخبرات.. فعلينا أن نضمن ذلك فى استراتيجيتنا للقوى الناعمة، ومصر عبر تاريخها تعى جيدًا أن الدول تطرح الاستراتيجيات انطلاقًا من مصالحها لكن الاستراتيجية الناجحة هى التى تحقق مصالح للآخرين بجوار مصالحها.
مشرفو «مسرح الشمس»: التدريب فجّر مواهبهم.. وصنعنا معهم عروضًا مبهرة
مديرة المسرح وفاء الحكيم: ١٢ من أبنائنا التحقوا بأكاديمية الفنون
المدير التنفيذى: نستعد لنقل التجربة إلى دول عربية والتوسع فى العروض بالمحافظات