ابدأ.. بعد 100 سنة صناعة
منذ مائة سنة، تأسست «رابطة الصناعات فى مصر»، التى تغير اسمها لاحقًا إلى «اتحاد الصناعات المصرية». واحتفالًا بهذه المناسبة، أطلق الاتحاد، صباح أمس، السبت، «الملتقى والمعرض الدولى الأول للصناعة»، فى مركز المنارة للمؤتمرات، بحضور وتحت رعاية الرئيس عبدالفتاح السيسى، الذى شهد، أيضًا، عبر الفيديو كونفرانس، افتتاح عدد من مشروعات مبادرة «ابدأ»: المبادرة الوطنية لتطوير الصناعة المصرية.
كانت سنة ١٩٢٢ مليئة بالأحداث. إذ استعاد فيها الوفد وحدته بعودة المُنشقين إليه، بعد نفى سعد زغلول، وانتشرت دعوات مُقاطعة المنتجات والشركات والبنوك الإنجليزية. وفى ٢٨ فبراير، أصدر اللورد اللنبى، ممثلًا لحكومة «المملكة المتحدة لبريطانيا العظمى وأيرلندا»، ذلك التصريح، الذى أعلن فيه، من جانب واحد، عن إنهاء الحماية البريطانية، والاعتراف بمصر «دولة مستقلة ذات سيادة»، وهو الإعلان الذى كانت نتيجته الوحيدة تغيير لقب فؤاد من السلطان إلى الملك، بينما كان الاستقلال شكليًا، صوريًا أو مجرد حبر على ورق.
بصدور القانون رقم ٧٣ لسنة ١٩٤٧ تغير اسم «رابطة الصناعات فى مصر» إلى «اتحاد الصناعات المصرية». ولأن الاحتلال عبارة عن خليط من كل أشكال وأنواع الفساد، احتاج الاستقلال الصورى إلى ٣٠ سنة ليتحول فى ٢٣ يوليو ١٩٥٢ إلى استقلال فعلى، جرى استكماله بتوقيع اتفاقية الجلاء فى ١٩ أكتوبر ١٩٥٤، التى خرج بموجبها، فى ١٨ يونيو ١٩٥٦ آخر جندى بريطانى من مصر. وبعد سنتين، صدر القانون رقم ٢١ لسنة ١٩٥٨ بشأن تنظيم الصناعة وتشجيعها، الذى قالت مذكرته الإيضاحية إن «التصنيع يحقق لكل بلد استقلاله واكتفاءه الذاتى، ويضمن نمو إنتاجه نموًا متوازنًا، ويمنع تعرضه للهزات الدورية العنيفة، التى يتعرض لها عادة اقتصاد البلاد الزراعية، وذلك فضلًا عمّا يؤدى إليه انتشار الصناعة الحديثة من استثمار القوى الإنتاجية العاطلة، ما يزيد الدخل القومى ويدفع عجلة التطور بقوة إلى الأمام».
ما قالته، أو حلمت به، تلك المذكرة الإيضاحية، الصادرة منذ ٦٤ سنة، تقوم بتحقيقه، الآن، مبادرة «ابدأ»، التى تستوفى كل مشروعاتها معايير توطين أحدث التكنولوجيات فى الصناعة، ورفع نسبة المكوّن المحلى، وزيادتها بشكل تدريجى، والتكامل بين الصناعات الكبيرة والمتوسطة والصغيرة، فى إطار توجيهات الرئيس السيسى لخريجى «البرنامج الرئاسى لتأهيل الشباب للقيادة»، بربط مبادرة «حياة كريمة» مع مشروع متكامل للصناعة وتنمية العنصر البشرى وتوطين التنمية. وعليه، جرى تأسيس شركة «ابدأ» لتنمية المشروعات، الذراع التنفيذية للمبادرة، التى تسهم فيها «مؤسسة حياة كريمة» بحصة حاكمة، والتى تقوم بتنفيذ ٦٤ مشروعًا صناعيًا بالشراكة مع ٣٣ شركة مصرية خاصة، و٢٠ شركة أجنبية من ١٢ دولة.
البلجيكى هنرى نوس، كان أول رئيس لـ«رابطة الصناعات»، وظل يشغل هذا المنصب ويكتب افتتاحية مجلة «مصر الصناعية»، التى أصدرتها الرابطة سنة ١٩٢٥، حتى وفاته سنة ١٩٣٨، وخلال تلك الفترة، قدم «نوس» العديد من المقترحات مثل تعديل نظام الجمارك، وفتح أبواب المدارس الصناعية، وإنشاء معهد للأبحاث الصناعية، وإعفاء السلع التصديرية من الضرائب، و... و... ومقترحات أخرى عديدة، لم تجد من يستجيب لها، بعكس مقترحات المهندس محمد زكى السويدى، رئيس اتحاد الصناعات الحالى، الذى قال، أمس: «يا ريت يا فندم الرخصة الذهبية تبقى للكل، ويشتغلوا فورًا بدون إقرارات»، فقرر الرئيس السيسى، فورًا، منح الرخصة الذهبية لكل المتقدمين، لمدة ثلاثة أشهر، و«نشوف الدنيا هتبقى عاملة ازاى، ولو الأمور مشيت كويس ولقينا حجم الإنجاز كان مشجعًا نقدر نفكر نستكمل ٣ أشهر أخرى، أو نرجع للنظام القديم».
.. وتبقى الإشارة إلى أن «اتحاد الصناعات المصرية» يضم ١٩ غرفة، تمثل أكثر من ١٠٠ ألف منشأة صناعية، يعمل بها ما يزيد على ٢ مليون عامل، وتسهم بنحو ١٨٪ من الاقتصاد الوطنى. ومن خلال لجانه الفنية المتخصصة، يعمل الاتحاد، بشكل أفقى، على دراسة القضايا المشتركة بين مختلف القطاعات الصناعية، ويدافع عن مصالح القطاع الصناعى، ويقوم بالتنسيق مع الجهات المعنية بوضع السياسات الصناعية ومتابعة تنفيذها وإبداء الرأى فيما يخص التشريعات والنظم المتصلة بالصناعة والنهوض بالاقتصاد الوطنى.