مصر والإمارات.. 50 عاما من المواقف الأخوية
محللون إماراتيون: العلاقة بين القاهرة وأبو ظبي نموذج في الشراكة الاستراتيجية
تحتفل مصر والإمارات بمرور 50 عاماً على تأسيس العلاقات الرسمية بين البلدين، خلال الفترة من 26 إلى 28 أكتوبر الجاري، في وقت أكد محللون وخبراء إماراتيون على متانة وخصوصية العلاقة بين البلدين، والتي وصلت إلى مرحلة الشراكة الاستراتيجية، وهي علاقات ممتدة قبل قيام الاتحاد الرسمي للدولة، بحسب إماراتيين تحدثوا لـ"الدستور".
وتواكب تلك الاستعدادات تغطيات شاملة ومتنوعة في وسائل الإعلام المصرية والإماراتية، بما فيها الصحف والمواقع الإخبارية، التي خصصت مساحات واسعة لإلقاء الضوء على خصوصية العلاقات الثنائية التي تجمع بين البلدين الشقيقين، وتاريخها، وأبرز محطاتها.
مسافة السكة
وقال الكاتب الصحفي والمحلل السياسي الإماراتي محمد خلفان الصوافي، إن العلاقات بين البلدين تكاملية، وهناك موقفان يجب ذكرهما، الأول الموقف المصري المتكرر بالاهتمام بأمن منطقة الخليج وفق المقولة التاريخية "مسافة السكة" والتي كانت حاضرة عمليا في تحرير الكويت من الغزو العراقي، والثاني مساندة الإمارات للشعب المصري في محنته الخطيرة خلال فترة حكم تنظيم الإخوان في عام 2012، وهناك الكثير من التفاعلات الثنائية بين البلدين تصب في هذا الوصف مثل التدريبات العسكرية المشتركة والتنسيق في الملفات التي تخص الأمن القومي العربي.
وأضاف الصوافي تصريحات خاصة لـ"الدستور"، أنه يشار إلى العلاقات المصرية الإمارتية على أنها نموذج فريد في العلاقات الدولية، لأنها على مدى الخمسين سنة سلكت خط واحد، وهو تطور هذه العلاقة ونموها دون أي عقبات رغم وجود أحداث وتطورات لكنها مثلت عامل اختبار لمتانة هذه العلاقة ونجحت في تأكيد صلابتها.
وتابع بقوله: أعتقد أن الكثير من إعادة ترتيب الملفات الاستراتيجية في منطقة الشرق الأوسط أو تثبيتها في وضعها التقليدي خلال الفترة ما بين 2011 حتى وقتنا، يرجع درجة إلى التنسيق بين البلدين، خاصة في الحد من محاولات التمدد التركي في العديد من الدول العربية والدول المطلة على حوض البحر المتوسط.
ومضى قائلا: كان هناك تنسيق في محاربة الأفكار المخربة لاستقرار المجتمعات خاصة في ليبيا وتونس، ولو وسعنا الفكرة سنجد أن هناك محاولات تقوم بها الدولتان في إرجاع العراق وتفعيل دوره في المنطقة. ما يعني أن التنسيق بينهما كان مفيداً للحفاظ على الوضع القائم والبناء عليه ليكون أكثر ملائمة لعلاقات متكافئة مع دول الجوار العربي.
علاقة متفردة
من ناحيته، قال الحقوقي الإماراتي الدكتور محمد الكعبي، إن العلاقات بين البلدين متفردة، منذ أيام الشيخ زايد، طيب الله ثراه، والذي أصر على عودة العلاقات العربية مع مصر إبان انتقال جامعة الدول العربية إلى تونس، وكان يحظى بعلاقات فريدة ومتميزة مع قادة مصر.
وأضاف الكعبي في تصريحات لـ"الدستور"، أن الشيخ زايد كان في المغرب خلال غزو صدام حسين للكويت، وعاد إلى مصر أولا للتنسيق مع الرئيس الراحل محمد حسني مبارك، لعقد قمة عربية طارئة نجحت في حشد الجهود لصد العدوان العراقي على بلد عربي شقيق.
وتابع الكعبي بقوله، إن دولة الإمارات استقبلت الجيش المصري الذي بقي على أراضيها لنحو لنحو 6 أشهر، شهدت خلالها العلاقات بين البلدين تطورا ملحوظا، وترجمة فعلية لكون مصر هي حامي الحمى العربي، وهي من تزود عن أشقاءها وقت المحن والأزمات.
وأشار إلى أن الإمارات والمملكة العربية السعودية كانتا من أكبر الداعمين لاستقرار الدولة المصرية، خصوصا بعد أحداث ما يعرف بـ"الربيع العربي"، ومدت القيادة الإماراتية يد العون للأشقاء في مصر، حتى نجحت القوات المسلحة المصرية في مساندة الصعب المصري على الإطاحة بحكمك جماعة الإخوان الإرهابية في ثورة 30 يونيو، بعد أن أعادت مصر 20 سنة إلى الوراء في عام واحد.
وواصل قائلا: العلاقات بين بلدينا مستمرة وفي تنام حقيقي، ورغم أن الإمارات ترتبط بعلاقات قوية مع الدول العربية، إلا أن مصر تحظى بخصوصية شديدة، إذ تربطنا بها علاقات فريدة، وهناك طفرة في التعاون وصلت إلى مشاركة الإمارات في بناء المستقبل المصري من خلال جهود شركة إعمار الإماراتية في العاصمة الإدارية الجديدة.
وأشار الكعبي، إلى أن مصر كبيرة عند كل العرب، لكن حين يتعلق الأمر بالعلاقة مع الإمارات، رى أنها تخطت هذه المرحلة من العلاقات إلى ما يعرف بـ"الشراكة الاستراتيجية" وليس مجرد علاقات بين دولتين في إقليم واحد.
متانة العلاقات
ويرى المحلل السياسي الإماراتي الدكتور جاسم خلفان، أن الناس تؤرخ للعلاقات بين البلدين من بعد قيام دولة الإمارات العربية المتحدة، في حين أن العلاقات كانت موجودة من قبل قيام الاتحاد، فقد كان هناك تواصلا بين أبو ظبي ودبي والشارقة مع القيادات المصرية في السابق منذ عهد الرئيس جمال عبدالناصر. ومنذ قيام الدولة تميزت بعلاقات أكثر من ممتازة مع مصر، يشهد التاريخ على قوتها.
وقال خلفان في تصريحات أدلى بها إلى "الدستور"، أن متانة العلاقات تظهر على كافة المستويات، سواء على مستوى القيادة أوبين الشعبين الكبيرين، حتى أنه في أيام المقاطعة العربية لمصر بعد توقيع اتفاقية السلام مع إسرائيل، ظلت العلاقات قوية بين أبو ظبي والقاهرة، والشيخ زايد أوصى أبناءه والشعب الإماراتي بالحفاظ على علاقات قوية مع مصر.
وأشار إلى أنه حين تحررت مصر من "الاحتلال الإخواني" استقبل الشيخ محمد بن زايد رئيس الدولة، وقد كان حينها ولي عهد أبو ظبي، وفدا مصريا، وأكد خلال اللقاء على متانة العلاقات بين البلدين، لافتا إلى أن أبناء الإمارات درسوا في جامعات مصر، وأن العلاقات بين البلدين تتواصل وفي تنامي مستمر، وأن هناك فريق إماراتي بالكامل موجود على الأراضي المصرية للاحتفال بـ50 عاما من العلاقات بين البلدين.