مصر والإمارات.. قلب واحد
تحت هذا العنوان، الشعار، بدأ صباح أمس، الأربعاء، الاحتفال باليوبيل الذهبى للعلاقات المصرية الإماراتية، الذى يمتد لثلاثة أيام، أمس واليوم وغدًا، ويشهد مجموعة من الفعاليات الاقتصادية والثقافية والإعلامية والفنية، تؤرخ، وترسخ، الروابط الوثيقة، التى نلمسها، ونقدرها، ونعتز بها، بين بلدين وشعبين شقيقين، لهما قلب واحد ودم واحد.
بالفعل، صار لنا قلبٌ واحد، منذ أن قال الشيخ زايد بن سلطان، رحمه الله، إن «مصر للعرب هى القلب.. وإذا توقف القلب فلن تكتب للعرب الحياة». كما أصبح دمنا واحدًا، حين قال حكيم العرب وهو يقرر وقف تصدير النفط للدول الداعمة للعدو فى حرب أكتوبر ١٩٧٣، إن «البترول العربى.. ليس أغلى من الدم العربى».
المصريون جميعًا، والاستثناء يثبت القاعدة، يحملون هذا القلب فى صدورهم، ويجرى هذا الدم فى عروقهم، ويعتزون بالتقارب الممتد والروابط الوثيقة والتعاون المستمر والشراكة التنموية المتميزة مع دولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة، فى مختلف المجالات، ولن تجد بينهم مَن لا يحب «زايد» وأبناءه، باستثناء المنتمين لجماعة «الإخوان»، الذين وصفهم حكيم العرب، منذ ربع قرن، بأنهم «كفرة وفسقة»، وطالب دول المنطقة، وليتها استجابت، بالتخلص منهم. وعليه، كان «نصف قرن من المحبة»، عنوانًا موفقًا، ونراه الأنسب، للفيلم التسجيلى، الذى بدأ به الاحتفال، واستعرض تاريخ العلاقات المصرية الإماراتية على كل الأصعدة.
باتحاد سبع إمارات، تأسست «دولة الإمارات العربية المتحدة»، وفى الساعة الحادية عشرة والنصف، صباح يوم ٢ ديسمبر ١٩٧١، كانت كوكب الشرق، أم كلثوم، فى قصر المنهل بإمارة أبوظبى، وقامت برفع علم الدولة الجديدة على سارية القصر، فى حضور الشيخ خليفة بن زايد، ولى عهد الإمارة وقتها، الذى أعلن عن قيام دولة الاتحاد، والذى ورث عن والده، كإخوته، الحكمة والقيم الأصيلة، والعطاء، و... و... وحب مصر.
الشيخ زايد، الذى ارتبط اسمه بالخير وظلّ طوال حياته يبنى ويغرس، قام بوضع الأساسات المتينة لـ«دولة الاتحاد»، التى آمن بفكرتها ورسم خطتها، «عن إيمان بأمتنا: إيمان بالوطن، إيمان بضرورة الوحدة، ورغبة فى تحقيق المصلحة، التى لا تُدرك إلا بالاتحاد»، وانطلاقًا من هذا الإيمان ومن قناعته بدور مصر المحورى ومكانتها فى المنطقة العربية، أرسى «حكيم العرب» دعائم العلاقات المصرية الإماراتية، التى ازدادت عمقًا ورسوخًا فى عهد ولديه، خليفة ومحمد، ومثّلت خلال الثمانى سنوات الماضية، نموذجًا مثاليًا، ومبهرًا، للعلاقات العربية الطيبة، والقوية، والقادرة على مواجهة التحديات، بالعمل المشترك والدعم المتبادل.
هكذا، شهدت هذه السنوات تنسيقًا وثيقًا تجاه كل القضايا الرئيسية، وتعاونًا مستمرًا فى مختلف المجالات، وصولًا إلى الإعلان فى مايو الماضى، عن الشراكة الصناعية التكاملية لتنمية اقتصادية مستدامة، التى جمعت الدولتين مع الأردن، قبل انضمام البحرين. وهكذا، كان التفاهم والإخاء والتوافق، هو العنوان المشترك للقاءات متعددة جمعت الرئيسين عبدالفتاح السيسى ومحمد بن زايد، تبادلا خلالها الرؤى بشأن القضايا الدولية والإقليمية والأوضاع الراهنة بالمنطقة العربية، وشهد أحدثها، الذى كان على أرض مصر، فى أغسطس الماضى، تأكيدًا جديدًا على أهمية توحيد الجهود الرامية إلى إرساء دعائم الأمن والاستقرار والسلام فى المنطقة.
يمكنك أن تضيف إلى ما سبق، وجود أكثر من ألفى شركة مصرية وإماراتية لديها مشروعات واستثمارات فى البلدين. كما عرفنا من المهندس جمال السادات، رئيس الجانب المصرى لمجلس الأعمال المصرى الإماراتى، أن المجلس يسعى خلال المرحلة المقبلة، لتنظيم رحلات «طرق أبواب»، لعرض الفرص المتاحة بالسوق المصرية، لتحقيق المنفعة المتبادلة لكلا البلدين. وبالمثل، قام خديم الدرعى، رئيس الجانب الإماراتى للمجلس، بتوجيه الدعوة لرجال الأعمال المصريين، لضخ استثمارات جديدة بالسوق الإماراتية، فى ظل الدعم الكبير الذى توليه الإمارات لزيادة التعاون الاقتصادى وتذليلها أى عقبات قد تواجه المستثمرين المصريين.
.. أخيرًا، وبعد خمسين سنة، سادتها القيم الصادقة والأخوة والمودة، ننتظر، أو نترقب، أن تشهد السنوات الخمس، ثم الخمسون، الجديدة، مشروعات أكثر استدامة ونموًا، بسواعد شعبى البلدين، خاصة سيدات ورجال الأعمال، باعتبارهم المحرك الرئيسى لقاطرة النمو الاقتصادى، والتعاون الثنائى، والطرف المنوط به استكشاف واغتنام الفرص الاقتصادية المتميزة فى السوقين المصرية والإماراتية.