«التلطف اللغوي وألفاظ فصيحة».. تفاصيل ندوة اتحاد الكتاب حول اللغة العربية
عقدت لجنة حماية اللغة العربية باتحاد كتاب وأدباء مصر ندوة عن التلطف اللغوي وألفاظ فصيحة يتوهم عاميتها. والتي تحدث فيها الدكتور أحمد عفيفي أستاذ اللسانيات بكلية دار العلوم جامعة القاهرة و الدكتور يوسف عبد الفتاح ورئيس قسم علم اللغة بالكلية وأدها الشاعر أحمد جاد مقرر لجنة حماية اللغة العربية
شهدت الندوة المشاركة البحثية الأولى قدمها دكتور أحمد عفيفي وكانت بعنوان ( التلطف في اللغة العربية ) و تناولت ظاهرة من الظواهر اللغوية التي تؤكد أن العربية- بين اللغات - هي الأرقى بيانا، والأفصح تعبيرا، والألطف استخداما، وهي ظاهرة التلطف اللغوي، وإن كانت هناك لغات غير العربية تحتوي على هذه الظاهرة، إلا أن استخدامها عند العرب ظاهرة أكثر بروزا ووضوحا في طبيعة اللغة وفي الاستخدام المجتمعي
وقام عفيفي بتعريف التلطف وأشار أنه : التعامل مع الآخر في إطار خطاب يسوده الترفق والتأدب والتواد، من خلال توظيف إحدى وسائل التلطف التي تليق بمقام الإنسان وتحترم مشاعره ، تلا ذلك الكلام عن دوافع التلطف وأسبابه وسياقاته، ووسائله ومن أمثلة التلطف الدال على سمو لغتنا العربية ما يلي :
( أصحاب الهمم ) يطلق على من لديه عاهة تمنعه أن يكون طبيعيا ، وفي بعض البلدان يقولون: ( ذوي الهمم )، من أجل الحفاظ على مشاعرهم ، وكذلك يظهر التلطف في استخدام(المرض الخبيث) بدلا من مرض السرطان تجنبا لذكره، واستخدام ( أغاني المهرجانات ) بدلا من الأغاني السيئة ، ونقول عن الصحراء (مفازة) من الفوز مع أن الصحراء مهلكة ، وكثير من هذه الاستخدامات التي توضح الظاهرة .
وأضاف ومن الاستخدامات اللغوية الدالة على التلطف في طبيعة اللغة مانقوله عندما نخبر عن وفاة شخص ما، فإننا نبتعد كثيرا عن استخدام لفظ الموت صراحة إما خوفا أو تشاؤما ، فنقول :
فلان صعدت روحه إلى السماء -فلان انتقل إلى جوار ربه -فاضت روحه إلى بارئها
-قابل ربا كريما -انتقل إلى الرفيق الأعلى - استأثر اللهُ به - أسعده الله بجواره- نقله اللهُ إلى دار رضوانه - اختاره الله - لحق فلان باللطيف الخبير- واصفرت أنامله- ومضى لسبيله- ودعي فأجاب - وقضى نحبه، وهذا كله تلطف في ذكر الموت بشكل مباشر، وبدلا من القول بأن فلانا مات، وفي لغتنا العربية نستعمل عبارة “قضاء الحاجة” للإشارة إلى العملية البيولوجية التي يقوم بها الإنسان ، وهكذا توظف اللغة ألفاظ التلطف في كثير من المواقف سواء المواقف الفردية أو المواقف العامة في اللغة
أما المشاركة البحثية الثانية فكانت للدكتور يوسف عبد الفتاح رئيس قسم علم اللغة بكلية دار العلوم جامعة القاهرة وعنوان الورقة : ألفاظ العامية بين توهم عاميتها وأصلها الفصيح
حيث أشار إلى أن بعض العلماء تناولوا هذه الظاهرة منهم دكتور السعيد بدوي الذي تحدث عن مستويات العربية المعاصرة وجعل منها العامية، وأشار إلى أن عامية كل إقليم يمكن أن تختلف عن العامية في أقاليم أخرى، والعامية لا تنفصم عن العربية لأننا لو بحثنا في أصول كثير من كلماتها لوجدناها فصيحة تم تعديل بعض أصول الكلمات فيها من قبل الناطقين من خلال تطوير الدلالة وأحيانا تبقى دلالتها كما يبقى أصلها، ومن أمثال ذلك جعجاع بكاش أليط إنف بلط إيحة تنح.. إلخ.
فكلمة جعجاع على سبيل المثال أصلها فصيح وهو جعجاع بفتح الجيم ويكون العين وهو الشخص الذي يسمع له صوت وضجيج وليس له فعل، ولذلك لايعتد بقوله لأنه ليس له مصداقية بين الناس ولا يعتمد عليه.
واستمر المحاضر في إعطاء الأمثلة والنماذج وبيان شكل التغيرات وطبيعتها وأسبابها وبيئاتها.
كما أشار إلى أن معظم الألفاظ العامية جاءت دون تلطف بسبب دلالاتها التي جاءت من أجلها مثل النماذج السابقة التي وظفت لتصف عيوب الناس الذين تخاطبهم وبالتالي فلا تلطف.
وتحدثت الدكتورة إكرام عمارة فرحبت بالمشاركين والحضور وأشارت إلى أهمية الموضوع الذي تم طرحه.
وتم فتح باب المناقشة فتكلم الدكتور محمد حسن عبد الله نائب رئيس لجنة حماية اللغة العربية بالاتحاد، وأشار إلى أن التلطف ظاهرة مهمة تستحق الاهتمام، كما شاركت الصحفية سامية من جريدة الأهرام، وتحدثت عن التلطف وارتباطه بالبيئة والثقافة المرتبطة بالمكان.