خالد فهمى: مصر تتحمل مسئولية كبيرة لحث الدول الكبرى على حشد التمويل لتنفيذ مشروعات التحول والتكيف
قال خالد فهمى، وزير البيئة الأسبق، إن مصر تحمل على عاتقها مسئولية كبيرة فيما يتعلق بقضايا تغير المناخ، على المستويين المحلى والعالمى، من خلال حرصها على تنفيذ مشروعات وطنية فى إطار عملية التحول الأخضر، التى تضمن أن تتوافق جميع المشروعات وآليات عمل المؤسسات مع المعايير والاشتراطات البيئية وأهداف التنمية، من جهة، ومن جهة أخرى حث الدول الكبرى على حشد التمويل اللازم ونقل التكنولوجيا للدول النامية لمساعدتها فى تنفيذ مشروعات التحول والتكيف.
وأضاف فى حواره، لـ«الدستور»، أن التركيز الإعلامى يميل أكثر فى الوقت الحالى لتغطية القضايا الاقتصادية، وأنه يجب تدارك هذا الخلل سريعًا، من خلال عدة مسارات، أهمها تكثيف التدريبات المتخصصة للصحفيين والإعلاميين على تغطية قضايا البيئة، مع إيلاء أهمية أكبر لوسائل التواصل الاجتماعى وتوظيفها فى إطار حملات التوعية الجماهيرية بمخاطر تغير المناخ وربطه بمستقبل الأمن الغذائى.
■ تستعد مصر لاستضافة قمة المناخ الشهر المقبل فى مدينة شرم الشيخ، فما أهمية الحدث على المستوى العالمى؟
- مصر ستتسلم المؤتمر فى أول يوم له، ومن هنا تبدأ مسئولية مصر، وتأتى معها الإمارات العربية المتحدة لمساعدتها مثلما ساعدت مصر المملكة المتحدة، التى كانت تتولى رئاسة المؤتمر السابق.
وهناك مسئولية إضافية بعد المؤتمر تتعلق بمتابعة ما أعلن من التعهدات فهو أمر أكثر أهمية، ويقع العبء فيها على مصر، وبالتالى المتابعة الإعلامية التى سيتم الاستثمار فيها خلال هذه الفترة- أقصد الاستثمار فى قدرة الكوادر الإعلامية- ستستمر فى عملها حتى العام المقبل ولحين تسليم رئاسة المؤتمر للإمارات، وهذا يعنى أن الشق الأهم الذى سيقيّمنا وفقًا له المجتمع الدولى، هو ما بعد المؤتمر.
■ كيف ستجرى فعاليات المؤتمر؟
- المؤتمر هو مؤتمر للدول الأطراف فى معاهدة المناخ، يعنى أنه يضم كل الدول الموقعة على المعاهدة التى تقدر بـ١٩٧ دولة وتقريبًا وصلت ١٩٨ دولة بعد دخول تركيا العام الماضى، وتتبقى من العالم دولتان أو ثلاث فقط خارج الاتفاقية بينها إيران.
يجتمع زعماء وقادة الدول لبحث حالة المناخ من خلال التقارير التى تعدها اللجنة العلمية الحكومية للتغير المناخى، التى أنشأها برنامج الأمم المتحدة للبيئة وتضم نحو ٢٦٠ من أفضل علماء العالم لديهم الإمكانات الكافية التى تمكنهم من معالجة البيانات المختلفة، وإتاحة المعلومات التى تمكنهم من توقع المسارات المختلفة لحالة المناخ المستقبلية، ومن ثم يقدمون تقارير بالوضع الحالى وماذا حدث وشكل المستقبل، وأين تكمن الخطورة وكيف نواجه الأمر من خلال توصيات مبنية على تحليل متعمق؟
يحللون المشكلة ويذكرون أسبابها ويضعون التوصيات، وهذه التقارير ليست محل نقاش لأن كل الحكومات تكون وقعت عليها مسبقًا.
■ هل يمكن للجميع المشاركة فى هذا المؤتمر؟
- هناك وفود رسمية وهناك منظمات مراقبة مثل منظمة الصحة العالمية ومنظمة الأغذية العالمية، وهؤلاء لا يتدخلون فى النقاشات لأنهم يشاركون كمراقبين. مؤتمر المناخ فى الأساس هو اجتماع رسمى، أذكر أن الوفد المصرى الذى شارك فى قمة باريس ٢٠١٥ كان يتألف من ١٠ أعضاء، كنا ندير أكثر من حوار مع أكثر من دولة، فمثلًا كنا نتناقش مع الوفد الإنجليزى لأن هناك قضية مشتركة بيننا فى جزئية ما، والوفد السعودى مثلًا يقابل الوفد الأمريكى أيضًا، لأن هناك جزئية مشتركة، فيجرى التشاور حولها للاتفاق على مبدأ مشترك من أجل التصويت عليه، وتجد وفدًا ثالثًا يدخل على الخط، وهكذا تتشكل مجموعات وتتفق على أمور هى فى النهاية مصالح مشتركة، وذلك من أجل التحضير لعمليات التصويت على القرارات والتنسيق حولها مسبقًا.
الأمر ليس هينًا ويتطلب مجهودًا غير عادى وتركيزًا مستمرًا وقدرة كبيرة على التفاوض التى تتطلب أن يجيد كل المشاركين اللغات الأجنبية بطلاقة، على الأقل الإنجليزية كتابة وتحدثًا.
■ وماذا يحدث بعد ذلك؟
- بعد النقاشات يبدأ تفريغ كل المناقشات السابقة فى مسودات وصياغتها فى شكل مقترحات بقرارات، وصولًا للمسودة الأخيرة التى سيتم عرضها والتصويت عليها.
فى حال امتنعت دولة واحدة من الـ١٩٨ عن التصويت، فهذا يعنى إسقاط المادة من مسودة الاتفاق النهائى، أيًا كانت الدولة كبرى أو صغرى.
الأهم حاليًا هو التغطية الإعلامية أثناء المؤتمر، نتحدث عن ١٢ يومًا من المفاوضات والفعاليات، ونتحدث عن منطقتين للأحداث فى المؤتمر، المنطقة الزرقاء والمنطقة الخضراء.
وحتى يفهمنا كل من سيقرأ، فالمنطقة الزرقاء مكان مخصص لأنشطة الوفود الحكومية الرسمية، والمنطقة الخضراء منطقة أنشطة وفعاليات القطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدنى والأكاديميين، وغيرهم.
ستكون هناك فعاليات كثيرة جدًا تسير بالتوازى، ثم جلسات التفاوض نفسها ماذا يحدث فيها، والمهم أنه فى المقام الأخير القرارات التى سنصل لها، وهذه تحتاج متخصصين ذوى كفاءة لتغطيتها، لأنك ستجد كل وكالات الأنباء العالمية متواجدة، وبالتالى ستكون هناك منافسة شديدة وصعبة، والفعاليات ستكون على الهواء مباشرة.
■ ما تقييمك للتغطية الإعلامية لقضايا تغير المناخ؟
- فيما يخص التغيرات المناخية، يمكننى أن أرصد الأمر على مراحل، ولا أزعم أننى متابع جيد لكل وسائل الإعلام، لكن أتحدث بصفتى مواطنًا عاديًا قد تكون لدىّ معلومة أكثر من غيرى، كونى متخصصًا فى مجال البيئة، وكنت أديره فى فترة سابقة.
حدثت تغيرات واضحة فى الأحوال الجوية والمناخية فى أوروبا وخارجها، حتى فى مصر، الأمر الذى جعل الناس أكثر تشوقًا لمعرفة تفاصيل الأمر، ولكن المعلومة التى وصلت الناس وقتها لم تكن واضحة بشكل كاف، وهنا أقصد أن التغطية الإعلامية ينبغى أن تكون لقضية المناخ، وليس المؤتمر فقط.
■ وكيف تصل المعلومة بشكل واضح؟
- المفترض أن نعلم الناس بقضية المناخ وليس فقط بمؤتمر المناخ، مؤتمر المناخ هو آلية لمناقشة القضية واتخاذ القرارات للعمل المناخى، لكن البداية يجب أن تكون من قضية المناخ وعلاقتها بحياتنا اليومية، وكيف تؤثر فى حياتنا اليومية وكيف تؤثر فى الأجيال القادمة.
هذه الجزئيات لم تكن واضحة بشكل كافٍ، وبالتالى كل شخص تفهم الأمر على حسب قدراته، وعندما تسأل الناس ما هى قضية المناخ وما هو وضعها ضمن أولويات المواطن العادى حاليًا؛ مقارنة بارتفاع الأسعار بسبب الحرب الروسية- الأوكرانية والتضخم والكساد الاقتصادى وخلافه، ستجدها تحظى بأهمية ضعيفة، لأن المناخ يمثل مشكلة سوف تتفاقم آثارها عبر سنوات مقبلة قد تمتد بين ٢٠ و٣٠ سنة.
■ هل يعنى هذا أن قضية التغيرات المناخية ليس لها تأثير فى الوقت الحالى؟
- التأثير الحالى لقضية التغيرات المناخية تأثير عرضى ومن آن لآخر، لأننا ما زلنا عند ١.٢ درجة حرارة الأرض، ومع ذلك هناك آثار مهمة، لكن لا يشعر بها كل الناس، هناك من يشعر بارتفاع فى درجة حرارة الجو، هناك من يشعر بتأخر فصل الشتاء، هناك من يتأثر بسقوط أمطار شديدة وسيول فى أسوان والصحراء الغربية، أو بارتفاع مستوى البحر إلى آخره.
■ إذًا ما المطلوب حتى تصل الرسالة الإعلامية بشأن تغير المناخ كاملة للجمهور؟
- المطلوب توظيف أكثر لمواقع التواصل الاجتماعى والكوادر الشبابية للتوعية بمخاطر تغير المناخ وربطه بالمعيشة، خاصة ما يتعلق بالأمن الغذائى والمائى.
كذلك من المفترض أن يتم إعداد الإعلاميين بشكل مكثف قبل المؤتمر وتدريبهم على تغطية الموضوعات والقضايا المدرجة على جداول عمل المؤتمر، بحيث يستطيعون متابعة الموقف وتحليله، أو على الأقل يكون معهم خبراء يحللون لهم الموقف، بحيث نستطيع أن نوصل للجمهور المصرى ما الذى يحدث داخل المؤتمر.