أدوية يوم القيامة!
الولايات المتحدة أنفقت حوالى ٢٩٠ مليون دولار على شراء عقار «Nplate»، الذى قيل إنه «مضاد للإشعاع ويُستخدم لإنقاذ الأرواح من الحوادث النووية». وبشكل استباقى، ردّت «وزارة الصحة والخدمات الإنسانية» الأمريكية، أو «غلوشت» على التقارير، التى بشّرتنا بحرب نووية وشيكة، بإشارتها إلى أن شراء هذا العقار جزء من برنامج طويل الأمد، بدأ تطبيقه منذ ١٨ سنة، مع إقرار مشروع «BioShield»، أو «الدرع البيولوجى».
مشروع «الدرع البيولوجى» أعلن عنه الرئيس الأسبق جورج دبليو بوش فى خطاب «حالة الاتحاد»، سنة ٢٠٠٣، ووافق عليه الكونجرس فى يوليو ٢٠٠٤، وكانت أهدافه المعلنة هى «تطوير وإتاحة الأدوية واللقاحات الحديثة والفعّالة للحماية من أى هجوم بالأسلحة الكيميائية والبيولوجية والإشعاعية والنووية».. و«تسريع إجراء البحث والتطوير فى المعاهد الوطنية للصحة بشأن التدابير الطبية المضادة بناءً على الاكتشافات العلمية الحديثة».. و«التأكد من توفر الموارد لدفع تكاليف (الجيل التالى) من الإجراءات الطبية المضادة» و... و... وعليه، تم رصد ٥.٦ مليار دولار، لوزارة الأمن الداخلى، على مدى ١٠ سنوات، لشراء ذلك الجيل التالى.
فى ذلك الوقت، لم يكن عقار «Nplate»، الذى تنتجه شركة «Amgen» الأمريكية، قد ظهر بعد. وحين ظهر، سنة ٢٠٠٨، كان يتم استخدامه، طبقًا لموافقة أو ترخيص إدارة الغذاء والدواء الأمريكية، لمكافحة اضطراب المناعة الذاتية، وهو خلل فى الجهاز المناعى يدفعه إلى مهاجمة أنسجة الجسم نفسها. لكن فى يناير الماضى، وافقت الإدارة على استخدام العقار لعلاج «متلازمة الإشعاع الحاد»، المعروفة أيضًا باسم «التسمم الإشعاعى»، التى تنتج عن التعرض لكميات كبيرة من الإشعاع خلال فترة زمنية قصيرة..
الإجراء الأمريكى الجديد، قد لا تكون له علاقة مباشرة بإمكانية حدوث انفجار نووى وشيك، بحسب كريس ميكينز، المسئول السابق بوزارة الصحة الأمريكية، الذى قال لشبكة «إن بى سى»، إن «قيمة الصفقة أقل من المبلغ الذى ستنفقه الولايات المتحدة لو كانت على وشك خوض حرب نووية مع روسيا». ومع ذلك، نصح «ميكينز» بضرورة استخدام هذا الدواء قبل مرور ٢٤ ساعة على حدوث الانفجار النووى، لافتًا إلى أن «تلك الفترة هى التى تطالب فيها السلطات الأمريكية مواطنيها بالبقاء فى منازلهم وعدم الخروج تحت أى ظرف»، ما يعنى أن «الانفجار النووى» بات وشيكًا، وأن الإجراء الأمريكى قد تكون له علاقة مباشرة بإمكانية حدوثه!
قد يكون الأرجح، هو أننا أمام محاولة أمريكية، لإثارة حالة من الرعب، بشكل غير مباشر. بعد أن ظل الاتحاد الأوروبى، يمهّد لها، بشكل مباشر، منذ مطالبته الدول الأعضاء، فى مارس الماضى، بتحسين قدراتها على مواجهة أى هجوم أو حادث نووى، وتخزين معدات الحماية والبدلات المضادة للإشعاع، و... و... و«أقراص اليود»، التى يوصى الأطباء والخبراء بتناولها، قبل ساعات من الهجوم النووى، أو بعده بساعات، والتى نرى أنها ستكون بلا جدوى، أو «زى قلتها»، كعقار «Nplate» بالضبط.
عدد الرءوس النووية فى دول العالم المختلفة يتراوح، الآن، ما بين ١٥ و١٨ ألفًا، معظمها جاهز للإطلاق خلال أقل من ربع ساعة. وحال سقوط واحدة منها، على مدينة ما، ستظهر خلال أقل من ثانية كرة من البلازما الساخنة جدًا يمكنها تبخير البشر والمنازل والسيارات والأشجار وكل ما يوجد ضمن نطاق ثلاثة كيلومترات من مركز الانفجار. وخلال الـ٢٠ ثانية اللاحقة، ستنطلق موجة حارة هائلة إلى دائرة قُطرها ٣٠ كيلومترًا، ستحرق كل ما هو قابل للاحتراق، وسينتج عنها «موجة صدمية» لها قوة تأثير إعصار من الدرجة الخامسة. وسيقضى التلوث الإشعاعى، الذى سيمتد لنطاق عدة كيلومترات إضافية، على نحو ٩٠٪ من السكان، خلال الساعات أو الأيام التالية، وسترتفع احتمالات إصابة الـ١٠٪ الباقين بأنواع مختلفة من السرطان.
ستقوم القيامة، إذن، لو سقطت ١٠٪ من الرءوس النووية، على ١٥٠٠ أو ١٨٠٠ مدينة، فى دول مختلفة، ولن ينفع سكانها عقار «Nplate» أو أقراص اليود أو معدات الحماية النووية أو البدلات المضادة للإشعاع أو نصائح السلطات الأمريكية بالبقاء فى منازلهم أو فى الملاجئ وعدم الخروج تحت أى ظرف.