روشتة جديدة لتطوير التعليم
استراتيجية الدولة لتطوير التعليم، العالى والأساسى، ناقشها الرئيس عبدالفتاح السيسى فى اجتماعين عقدهما الخميس والأحد، بحضور الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء، أولهما مع الدكتور أيمن عاشور، وزير التعليم العالى والبحث العلمى، والآخر مع الدكتور رضا حجازى، وزير التربية والتعليم والتعليم الفنى.
الهدف الأساسى الذى تسعى الدولة إلى تحقيقه بتطوير التعليم، أو بإصلاحه، هو تنمية الإنسان، وصياغة شخصية المواطن بالشكل الذى يجعله قادرًا على أن يخوض معركتى البقاء والبناء، وتحقيق مستقبل أفضل له وللأجيال المقبلة. وعليه، وجّه الرئيس السيسى، فى الاجتماع الأول، بضرورة أن تهدف استراتيجية التعليم العالى إلى تعزيز دور الجامعات فى بلوغ غايات الدولة وأهدافها الوطنية المنشودة، خاصةً ما يتعلق بالتنمية عبر ترسيخ دراسة العلوم الحديثة فى مجالات الذكاء الصناعى والبيانات والبرمجيات وتكنولوجيا الشمول المالى. وأكد أهمية تطوير عمل الهيئة القومية للجامعات الأهلية والتكنولوجية، لتحقيق رؤية الدولة فى إنشاء مؤسسات تعليمية جديدة ومتميزة بالتعاون مع القطاع الخاص والمؤسسات الأجنبية العريقة.
منظومة التعليم العالى تضم ٢٧ جامعة حكومية، و٣٨ جامعة خاصة وأهلية، و٥ جامعات دولية، و١٧٢ معهدًا، إضافة إلى عشر جامعات تكنولوجية. وترتكز الرؤية المستقبلية لتطوير هذه المنظومة، كما أوضح وزير التعليم العالى، على صياغة برامج تعليمية حديثة تستند إلى عدد من المبادئ أبرزها التخصصات المتداخلة والمرجعية الدولية والاعتماد على المدخل الإقليمى لكل جامعة لدراسة الأنشطة التنموية والبعد الاقتصادى وفرص العمل المرتبطة بكل إقليم، والتدقيق فى التوزيع الديموغرافى، الحالى والمستقبلى، للطلاب وتأثيره على توزيع وأعداد المؤسسات التعليمية، ودراسة البرامج الأكاديمية المطلوبة لخدمة الأنشطة الاقتصادية.
فى هذا السياق، عرض الدكتور أيمن عاشور الموقف التنفيذى لمشروعات وزارة التعليم العالى، ذات الأولوية، استعدادًا لبدء العام الدراسى الجديد ٢٠٢٢/٢٠٢٣، خاصة ما يتعلق بجاهزية سلسلة الجامعات الأهلية والتكنولوجية الجديدة. ومع استعراضه جهود دعم هذه الجامعات، فى مجال البحث العلمى التطبيقى، استعرض وزير التعليم، أيضًا، الموقف التنفيذى لمشروع إنشاء مقر للمبعوثين والدارسين المصريين، «بيت مصر» بالعاصمة الفرنسية باريس، الذى من المنتظر أن يتم الانتهاء منه خلال العام المقبل.
هذا عن النصف الثانى من الطريق: طريق بناء الإنسان، أو طريق المستقبل. ولاجتياز النصف الأول، وجّه الرئيس، خلال اجتماعه مع وزير التربية والتعليم والتعليم الفنى، باستكمال مراحل تطوير نظام التعليم الأساسى، وتحسين آليات التنفيذ للوصول إلى الهدف المنشود، الذى يتمثل فى حصول الطالب على المعرفة والمهارات، وتخطّى الموروث القديم، الذى اختزل العملية التعليمية فى الحصول على الشهادة، مع التركيز على اكتشاف ورعاية الموهوبين والنابغين، باعتبارهم ذخيرة الوطن وقاطرته للتقدم.
المحاور الرئيسية، التى تقوم عليها استراتيجية الدولة لتطوير التعليم الأساسى، وفقًا لما عرضه الدكتور رضا حجازى، تشمل نظام التعليم المطور، والمعلمين، والتعليم الفنى، وبناء المناهج للمراحل التعليمية المختلفة، ومشروع «مدارس مصر المتميزة»، ومدارس النيل، والمدارس اليابانية إلى جانب مشروعات التحول الرقمى، التى تتم بالتعاون مع وزارة الاتصالات، واستراتيجية تطوير قطاع التعليم الفنى، التى تهدف إلى جعل مناهجه الدراسية قائمة على المهارات التى يكتسبها الخريج حتى يتمكن من تلبية احتياجات سوق العمل، بالإضافة إلى عرض تجربة مدارس التكنولوجيا التطبيقية، وكذلك جهود تطوير نظام امتحانات أبنائنا بالخارج.
الواقع يقول إن لدينا أكبر نظام تعليم أساسى فى منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا: أكثر من ٤٦ ألف مدرسة حكومية و٧ آلاف مدرسة خاصة، بها نحو مليون معلم، و٢٥ مليون طالب. وحتى تتحقق أهداف استراتيجية تطوير هذا النظام، وجّه الرئيس بضرورة الاهتمام بالحوار المجتمعى ومنصات الاستبيان. كما شدّد على ضرورة الاهتمام بالمعلمين باعتبارهم الشريان الأساسى للعملية التعليمية، ووجّه بانتقاء ألف معلم من المميزين، لتأهيلهم على أعلى مستوى ليصبحوا فى طليعة الجيل المستقبلى لمديرى المدارس.
.. وأخيرًا، نعتقد أن الوزيرين خرجا من اجتماعيهما مع الرئيس، ورئيس مجلس الوزراء، بـ«روشتة» جديدة لتطوير، علاج وإصلاح التعليم، الذى هو، بلا أدنى شك، المحرك الرئيسى للتنمية المستدامة، وحجر الأساس، الذى تقوم عليه المجتمعات القوية، القادرة على تقرير مصيرها، وإدارة حاضرها، ورسم مستقبلها.