نحو نظام عالمى أكثر عدلًا
زعماء الدول الأعضاء فى «منظمة شنغهاى للتعاون» يعقدون، قمتهم الثانية والعشرين فى مدينة سمرقند، ثانى أكبر مدن أوزبكستان، والعاصمة التاريخية لبلاد ما وراء النهر.
وعلى هامش القمة، يجتمع الرئيسان الصينى والروسى، شى جين بينج وفلاديمير بوتين، لـ«تعزيز روح التعاون الاستراتيجى رفيع المستوى بين البلدين، وحماية مصالحهما المشتركة، وتطوير نظام عالمى أكثر عدلًا وعقلانية»، بحسب يانج جيشى، مسئول الشئون الخارجية فى «الحزب الشيوعى الصينى» الحاكم.
المعنى نفسه كرره يورى أوشاكوف، مساعد الرئيس الروسى، واصفًا «منظمة شنغهاى للتعاون» بأنها «بديل حقيقى للهياكل والآليات الغربية»، ومؤكدًا أن أعضاء المنظمة ملتزمون بـ«تشكيل نظام عالمى متعدد الأقطاب وأكثر عدلًا وديمقراطية، يقوم على مبادئ القانون الدولى»، وأوضح أن المنظمة تضم دولًا ذات تقاليد وثقافات وحضارات مختلفة، ولها سياسات خارجية متباينة، ومع ذلك، فإن العمل داخلها يقوم على مبادئ المساواة، والمنفعة المتبادلة، واحترام سيادة الدول، وعدم التدخل فى شئون الغير الداخلية.
منظمة شنغهاى للتعاون، التى تأسست فى ١٥ يونيو ٢٠٠١، هى منظمة دولية، سياسية واقتصادية وأمنية، يقع مقر أمانتها العامة فى العاصمة الصينية بكين، وتهدف إلى تعزيز الأمن الإقليمى ومكافحة الإرهاب وتجارة المخدرات وتحقيق التنمية الإقليمية. وكانت المناورة العسكرية المشتركة لمكافحة الإرهاب «السلام ٢٠٢١» هى المناورة الـ١٤ لدول المنظمة، التى تغطى دولها أكبر من ربع مساحة العالم، وتضم نصف البشر تقريبًا، ما يجعلها حجر أساس نظام عالمى جديد، نتمنى أن يكون بالفعل أكثر عدلًا وعقلانية.
تضم المنظمة ٨ دول هى الصين، روسيا، الهند، باكستان، كازاخستان، أوزبكستان، طاجيكستان، وقيرغيزستان، إلى جانب أربع دول تتمتع بصفة مراقب: أفغانستان، بيلاروسيا، منغوليا، وإيران. وأمس الأربعاء، انضمت مصر إلى الدول الست «شركاء حوار»: أذربيجان، أرمينيا، كمبوديا، نيبال، تركيا وسيريلانكا. وفى حفل أقيم بالعاصمة الأوزبكية طشقند، قام السفير حمدى سند لوزا، نائب وزير الخارجية، وتشانج مينج، أمين عام المنظمة، بالتوقيع على مذكرة التفاهم الخاصة بانضمام مصر. و«شريك الحوار»، وفقًا للمادة ١٤ من ميثاق المنظمة، هو الدولة أو المنظمة، التى تتشارك معها فى الأهداف والمبادئ.
الإشارة هنا قد تكون مهمة إلى العلاقات بين الصين وروسيا، التى كانت مضطربة خلال الحرب الباردة، تغيرت بشكل جذرى خلال العقود الثلاثة الأخيرة، بدءًا من إعلان البلدين، سنة ١٩٩٢، عن سعيهما إلى «شراكة بناءة»، ومرورًا بتوقيعهما معاهدة حسن الجوار والتعاون الودى، سنة ٢٠٠١، و... و... وصولًا إلى رفع مستوى العلاقات بينهما، سنة ٢٠١٨، إلى «شراكة استراتيجية شاملة لعصر جديد»، وهو أعلى مستوى فى العلاقات الثنائية الصينية. ثم جاء الإعلان المشترك، الذى أصدره رئيسا البلدين، فى ٤ فبراير الماضى، على هامش افتتاح دورة الألعاب الأوليمبية الشتوية فى بكين، ليقول إن شراكتهما «ليست لها حدود».
فى هذا الإعلان المشترك، أكدت روسيا والصين أن الديمقراطية تمثل قيمة إنسانية عامة وليست امتيازًا لبعض الدول، وشدّدتا على أن محاولات بعض الدول فرض «معايير ديمقراطية» خاصة بها على بلدان أخرى تمثل إساءة للديمقراطية وتشكل خطرًا ملموسًا على السلام والاستقرار الدوليين وتقوض النظام العالمى. كما تعهّدت الدولتان بالتصدى لأى تدخل خارجى فى شئون الدول ذات السيادة، تحت أى ذريعة كانت، ووجهتا نداءً إلى كل دول العالم لـ«تعزيز التفاهم والدفاع عن القيم الإنسانية العامة، مثل السلام والتنمية والمساواة والعدالة والديمقراطية، واحترام حق الشعوب فى تقرير سبل تطوير دولها، واحترام سيادة ومصالح الدول».
.. وأخيرًا، ننتظر أن نرى قريبًا نتائج إيجابية لقمة منظمة شنغهاى وللقاء الرئيسين الصينى والروسى. وكما تتطلع المنظمة، بحسب أمينها العام، إلى تعاون مثمر مع مصر، خلال المرحلة المقبلة، نرى أن انضمامنا للمنظمة كـ«شريك حوار» خطوة مهمة نحو دعم الاستقرار الإقليمى والدولى وإقامة النظام العالمى الأكثر عدلًا وعقلانية. ولا مانع من أن نستلف ما قاله أكيم شتاينر، رئيس برنامج الأمم المتحدة الإنمائى: «فى عالم يسوده عدم اليقين، نحتاج إلى تجديد إحساسنا بالتضامن العالمى للتغلب على التحديات المشتركة والمترابطة».