تقرير مكافحة الإرهاب
باللغتين العربية والإنجليزية فقط، أصدرت وزارة الخارجية «التقرير الوطنى حول مكافحة الإرهاب ٢٠٢٢»، الذى استعرض جهود الدولة المصرية ومقاربتها الشاملة لمكافحة الإرهاب والفكر المتطرف، والسياسات والممارسات الوطنية لمعالجة جذور هاتين المشكلتين، والجهود المبذولة، للوقاية منهما وتحصين المجتمع ضدهما، وملء الفراغ الذى تستغله الجماعات الإرهابية.
التقرير، الذى تم إعداده بالتنسيق مع الوزارات وأجهزة الدولة المعنية، هو التقرير الثالث. وكان التقرير الأول، تقرير ٢٠٢٠، قد أشار، فى مقدمته، إلى أن ثورة ٣٠ يونيو ٢٠١٣ كانت محطة مفصلية فى تاريخ مصر الحديث، موضحًا أن المصريين نجحوا فى إجهاض مُخطط تنظيم الإخوان الإرهابى والدول الداعمة له، الذى كان يستهدف إسقاط مُؤسسات الدولة الوطنية مثلما حدث فى عدد من دول المنطقة، ومن ثم فرض المنهاج التكفيرى والأفكار المُنحرفة لهذا التنظيم، الذى انبثقت عنه كل الجماعات الإرهابية، على اختلاف مُسمياتها، واستمدّت منه الفكر المتطرف الدموى الذى أرساه الإرهابيان سيد قطب وحسن البنا.
كالتقريرين السابقين، استعرض التقرير التشريعات الوطنية وتعديلاتها، التى تتسق مع التزامات مصر الدولية والإقليمية، وطالب، مجددًا، بتعزيز التعاون الدولى، لتقويض قدرة التنظيمات الإرهابية على تجنيد عناصر إرهابية جديدة، ومحاسبة الدول الراعية للإرهاب، التى تحتضن عناصره وتوفر لهم الملاذ الآمن والدعم المالى والسياسى والإعلامى، وتقوم بتسليحهم وتدريبهم وتيسير انتقالهم عبر أراضيها لزعزعة الاستقرار فى دول أخرى. وإلى جانب الجهود الأمنية فى ملاحقة التنظيمات الإرهابية، وجهود مكافحة تمويل الإرهاب وتجفيف منابعه، تناول تقرير ٢٠٢٢ التجربة المصرية فى مجال التوعية والوقاية من الفكر المتطرف، التى تستند إلى المبادرة، التى أطلقها الرئيس السيسى، سنة ٢٠١٤، لتصويب الخطاب الدينى.
دور مصر البارز فى تعزيز المنظومة الدولية لمكافحة الإرهاب، أكده التقرير بإشارته إلى أنها شاركت المجتمع الدولى فى جهود مكافحة الإرهاب من خلال الانضمام إلى أغلبية الصكوك الدولية والإقليمية، ذات الصلة. كما أوضح أنها كانت فى مقدمة الدول التى حذَّرت من مخاطر الإرهاب وتداعياته المدمرة على السلم والأمن الدوليين، و... و... وصولًا إلى اختيارها، فى أبريل الماضى، رئيسًا مشاركًا، مع الاتحاد الأوروبى، لـ«المنتدى العالمى لمكافحة الإرهاب»، الذى يعد إحدى أهم الآليات الدولية المعنية بتطوير المنظومة القيمية الخاصة بمكافحة الإرهاب والتطرف.
انطلاقًا من المقاربة المصرية الشاملة للتصدى للإرهاب ومواجهة الفكر المتطرف، وإيمانًا بقدرة التنمية المستدامة والرخاء الاقتصادى والاجتماعى على خلق بيئة طاردة للإرهاب، تناول التقرير الجهود التى بذلتها الدولة للنهوض بالاقتصاد وتطوير البنية التحتية ومشروعات التحول الرقمى بالتزامن مع اعتماد مبادرات تحسين الأوضاع الاجتماعية للمواطنين، خاصة فى مجالات الصحة والتعليم وتمكين المرأة والشباب، إضافة إلى الاهتمام بنشر الوعى بقضايا التنمية والتصدى للشائعات التى تروج لها الجماعات الإرهابية المُضللة.
فى المحور الخاص بدعم الأبحاث الاجتماعية التى تعمق المعرفة العلمية حول أسباب التطرف وعلاقته بالتنمية، تناول التقرير الدراسة التى أجراها «المركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية»، بتكليف من وزارة التضامن الاجتماعى. وهى الدراسة التى صدرت فى أبريل الماضى، تحت عنوان «التكلفة الاقتصادية والاجتماعية للإرهاب»، وأشارت أيضًا إلى «التكلفة السياسية» الباهظة، التى تمثلت فى تعطيل النمو السياسى الطبيعى للدولة المصرية ومؤسساتها وإعاقة العملية الديمقراطية وحركة المواطنين فى المجال العام.
الدراسة أوضحت أن الموجات الإرهابية المتعاقبة، التى بدأت باغتيالات نفذتها جماعة الإخوان فى أربعينيات القرن الماضى ووصلت إلى ذروتها، أو إلى مرحلة غير مسبوقة فى تاريخ مصر، بعد ثورة ٣٠ يونيو ٢٠١٣، تلازمت دومًا مع «الإرهاب الفكرى الناعم»، الذى تغلغل فى مؤسسات المجتمع عبر شبكاته الأيديولوجية والاقتصادية منطلقًا من منظومة فكرية وتفسيرات دينية متشددة مثل الحاكمية والجاهلية والفرقة الناجية والاستعلاء بالإيمان وحتمية الصدام، والتمكين، لإحياء الدولة الدينية.
.. أخيرًا، وكما أشرنا فى البداية، صدر التقرير باللغتين العربية والإنجليزية فقط، ولم يصدر بالتركية والعبرية والفارسية والألمانية، مع أنه أشاد بأن منشورات «مركز الأزهر للترجمة» التوعوية، تصدر بتلك اللغات، مضافًا إلى الإيطالية والأردية والإسبانية والفرنسية والصينية.