الدعوة عامة.. أخيرًا دون كلينكس
إحباط حقيقى أشعر به منذ سنوات تجاه الأفلام الكوميدية المصرية، فمعظمها قائم على رص الإفيهات على مدار ساعتين دون بذل أدنى مجهود فى صناعة مفارقات ومواقف جيدة أو حتى غير جيدة.
نمتلك ممثلين وممثلات لديهم حضور وخفة ظل، مخرجين ماهرين، مديرى تصوير رائعين، وأخصائيى خدع يلاحقون التطور، لكن مجهوداتهم ينسفها ضعف النصوص مع الأسف، ستجد بذرة فكرة لا بأس بها، لكن كيف تمت معالجتها؟، ما هى الحبكة؟، أين المبررات المقنعة؟، هل تم بناء الشخصيات بشكل جيد؟، أسئلة ستخذلك إجاباتها، ناهيك عن ثغرات فى صميم الأحداث تحول دومًا بينك كمشاهد ومصداقية ما تراه، وبالتالى التفاعل معه أو التأثر به، سواء كان لضعف قدرات المؤلفين، أو لرغبتهم فى سلق النص، ربما سيقودنا ذلك إلى الإجابة عن سؤال لماذا ننسى تلك الأفلام فور مشاهدتها؟ أو لماذا تصعب الفرجة عليها مرة ثانية؟ تمامًا مثل الكلينكس الذى نستخدمه لمرة واحدة، ببساطة لأنها تعتمد بشكل كامل على إفيهات حبكة ضعيفة أو ربما غير موجودة من الأساس، وهو ما يحول دون تجدد المتعة مع المشاهدة الثانية، فى الوقت الذى نستمتع فيه بتكرار المشاهدة عشرات المرات لأفلام مثل «مراتى مدير عام، الزوجة ١٣، سكر هانم، إشاعة حب، عائلة زيزى، آه من حواء، أم العروسة».
السطور السابقة تفسر أهمية الاحتفاء بوجود كوميديا قائمة على حبكة جيدة، ومواقف ومفارقات حقيقية، وهو ما توفر لفيلم «الدعوة عامة» من تأليف كريم سامى، وأحمد عبدالوهاب، إخراج وائل فهمى، وبطولة أحمد الفيشاوى، محمد عبدالرحمن، أسماء أبواليزيد، دينا، سوسن بدر، يدور الفيلم حول وليد «أحمد الفيشاوى» وهنا «أسماء أبواليزيد» اللذين يقومان بعمليات ابتزاز لرجال يتم تصويرهم فى أوضاع خارجة، قبل أن يحتاجا شريكًا ثالثًا لجلب نقود إحدى عملياتهما، يختاران معتز أحد ضحاياهم «محمد عبدالرحمن»، يتجه لفيلا ضحية الابتزاز ليفاجأ به مسلحًا، تحضر زوجته «دينا»، التى تكتشف تأجيره هذه الفيلا، بهدف قضاء نزواته بها، ليتورط وليد وهنا ومعتز فى قتلها، وكذلك قتل رجل الأمن المكلف بحراسة الفيلا، يكتشف البوليس تلك الجرائم قبل ظهور براءة الثلاثة.
نجح الفيلم من لقطاته الأولى فى رسم شخصية معتز، وما يتصف به من طفولة واستهتار، حيث استعرضت الكاميرا غرفته، لنرى مجسمات الشخصيات الكارتونية، كما يتضح استهتاره من خلال موقف ذكى وجيد، حيث تقوم والدته «سوسن بدر» باستخراج أحد المستندات الرسمية الخاصة به، مع وجوده نائمًا فى المنزل، لتتوالى المواقف التى تجسد عدم شعوره بالمسئولية تجاه والدته واستهتاره باحتياجاتها، وهو ما يدفعها للدعاء عليه بعدم التوفيق، الأمر الذى وظفه كاتبا الفيلم كبداية للنحس الذى يلاحقه، من خلال سلسلة من المواقف شديدة اللطف، مع وجود بعض الهنّات مثل مبرر اختيار وليد وهنا لمعتز بالتحديد، ليساعدهما فى جلب مبلغ ٢ مليون جنيه دون معرفة مسبقة به، نجح مؤلفا الفيلم فى حياكة مواقف قوية ومبررة بشكل جيد طوال الأحداث، مثل حضور زوجة الضحية وتناولها الأقراص المهدئة، وكتابة معتز رقم والدته على ورقة الكوتشينة التى يستخدمها والد صديق معتز فى الأعمال السحرية، كما بدت دعوة والدة معتز مبررة، ومفتاحًا مقبولًا لتفاقم الحظ السيئ الذى يلاحقه طوال أحداث الفيلم.
أدى محمد عبدالرحمن دوره بشكل جيد وخفيف الظل، ما يجعله جديرًا ببطولة الفيلم وأفلام قادمة، كما أدى أحمد الفيشاوى وأسماء أبواليزيد دوريهما بلطف دون افتعال، ما جعل المفارقات هى البطل الحقيقى، وهو ما سيمنح هذا الفيلم مكانًا مميزًا بين أفلامنا الكوميدية التى يمكن الاستمتاع بمشاهدتها أكثر من مرة.