ما كشفه «هندى» ميت غمر
وقفة واجبة تستحقها صورة الطفل الهندى، الجالس فوق سطوح منزله، ليذاكر دروسه على ضوء عمود النور، بعد تداولها، على شبكات التواصل الاجتماعى، بزعم أنها لطفل مصرى يتيم، يقيم فى قرية «أوليلة»، إحدى قرى مركز ميت غمر، بمحافظة الدقهلية، التى عرفنا أن أهلها حين أرادوا، فى يوليو ٢٠٢٠، شراء سيارة إسعاف، جمعوا تبرعات تقترب من نصف المليون جنيه، فى أقل من ثلاثة أسابيع.
الظهور الأول لتلك الصورة كان فى الأول من سبتمبر على حساب موثّق لرجل هندى. وفى اليوم التالى، نشرتها مؤسسة تابعة لوزارة الطاقة الهندية، فى حسابيها الرسميين على تويتر وفيسبوك، مع تعليق يقول إن «البرنامج الوطنى لإنارة الشوارع كان له تأثير على حياة كثيرين، إذ زوّدهم بالإنارة وأتاح لهم رؤية أوضح. فى هذه الصورة ترون طفلًا صغيرًا فى فيروز أباد، يذاكر تحت مصباح ليد قمنا بتركيبه». ثم اجتاحت الصورة حسابات التواصل الاجتماعى الهندية، وقامت صحف وقنوات تليفزيونية محلية بإعداد تقارير عن الطفل، تحدّث فيها والده ووالدته عن تقدير جيرانهما جهود ابنهما، وعن تقديم بعضهم مساعدات مالية لهم.
الهند هى ثالث أكبر منتج ومستهلك للطاقة الكهربائية، بعد الولايات المتحدة والصين. وكان التحدى الأكبر، الذى تواجهه الحكومة الهندية، طوال السنوات العشر الماضية، هو توفير الكهرباء لمواطنيها البالغ عددهم ١.٤ مليار نسمة. غير أن أسبابًا عديدة جعلتها تخسر التحدى، هذا العام، بعد أن أدى ارتفاع درجة الحرارة، وانتعاش النشاط الاقتصادى، بعد تجاوز تأثيرات وباء كورونا، إلى زيادة الطلب على الكهرباء بأسرع وتيرة منذ أربعة عقود. وأظهرت بيانات شركة «بوسوكو»، المنظمة لشبكة الكهرباء الاتحادية الهندية، أن البلاد تواجه، أزمة هى الأسوأ، منذ أكثر من ست سنوات. وقال استطلاع رأى أجرته منصة «لوكال سيركلز» الهندية، وشارك فيه ٣٥ ألفًا من جميع الولايات، إن نصف الهنود يعانون من انقطاع الكهرباء يوميًا.
تلك هى الهند، التى أزاحت بريطانيا خطوة إلى الوراء واحتلت مكانها فى قائمة أكبر اقتصادات العالم، بحسب أرقام الناتج المحلى الإجمالى الصادرة عن صندوق النقد الدولى، التى أظهرت أن المستعمرة البريطانية السابقة أصبحت خامس أكبر اقتصاد فى العالم. وما دام الشىء بالشىء يذكر، نشير إلى أسعار الكهرباء والغاز الطبيعى، التى أعلنها جهاز تنظيم الطاقة البريطانى، أوفجيم، الشهر الماضى، والمقرر أن يبدأ العمل به الشهر المقبل، ستزيد قيمة فاتورة الأسر البريطانية بحوالى ٨٠٪، ونقلت وكالة بلومبيرج عن مستشارين لرئيسة الحكومة الجديدة، ليز تراس، أن الأخيرة اقترحت خطة لتثبيت الأسعار، عند المستوى الحالى، لمدة ١٨ شهرًا، بتكلفة ستصل إلى حوالى ١٣٠ مليار جنيه إسترلينى.
فى السياق نفسه، دعا اتحاد النقابات الأوروبية وزراء ومسئولى الطاقة فى دول الاتحاد الأوروبى، الذين سيعقدون اجتماعًا طارئًا، غدًا الجمعة، فى العاصمة البلجيكية بروكسيل، إلى «اتخاذ إجراءات حاسمة لوضع حد لارتفاع أسعار الطاقة الذى لم يعد يحتمل». وأوضح أن فواتير الكهرباء والغاز الطبيعى المرتفعة، لا يمكن لـ٩.٥ مليون عامل، على الأقل، تحملها، لأنها تقترب من ضعف رواتبهم. فى حين أعلنت أورسولا فون دير لاين، رئيسة المفوضية الأوروبية، فى مؤتمر صحفى عقدته، أمس الأربعاء، عن اعتزام المفوضية طرح خمسة إجراءات للسيطرة على أزمة الكهرباء، من بينها الخفض الإلزامى للاستهلاك.
الخلاصة، هى أن صورة الطفل الهندى، التى أراد البعض، بحسن أو بسوء نية، استغلالها، لانتقاد الحكومة المصرية، رأت فيها المؤسسة الحكومية الهندية دليلًا على نجاح مشروع إنارة الشوارع بلمبات «الليد». ومع ذلك، فوجئنا بتعليق لـ«أبومؤمن الأسوانى»، على تدوينة المؤسسة الهندية يقول: «الطوب اللى فى الحيطان مصرى وبنطلون الترنج اللى لابسه الواد مصرى وعمود الكهربا مصرى وشوية الكراكيب مع الدش اللى ف البلكونة مصرى.. وتيجى تقول لى الهند؟!». والشىء نفسه تقريبًا، فعله حساب باسم «روجينا»، بتعليقه: «شىء محزن ما يحدث فى مصر»، ما دفع سامح يونس إلى كتابة التعليق التالى: «يا دينى على الغبااااوة.. حاتشل يا ناس من كمية الغبااااااء.. خدهم وريّحنا منها ياااااارب».