التصحّر.. وتغير المناخ
الاهتمام الدولى بمؤتمر الدول الأطراف فى اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، أقل كثيرًا من ذلك الذى يحظى به مؤتمر الدول الأطراف فى اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ. وربما لهذا السبب، زار القاهرة، أمس الإثنين، آلان ريتشارد دونواهى، رئيس الدورة الخامسة عشرة للمؤتمر الأول، واجتمع مع سامح شكرى، وزير الخارجية، الرئيس المعين لدورة المؤتمر الثانى السابعة والعشرين.
التصحر، Desertification، يعنى ببساطة تدهور القدرة الإنتاجية للأرض. وطبقًا لتعريف الأمم المتحدة، هو تدهور الأراضى فى المناطق القاحلة وشبه القاحلة والجافة شبه الرطبة، نتيجة عوامل مختلفة أبرزها التغيرات المناخية والنشاطات البشرية. ووفقًا لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة، اليونسكو، فإن هذه الظاهرة تؤثر على معيشة ملايين الأشخاص، وتتسبب فى عدم الاستقرار السياسى فى العديد من الدول، وتؤدى إلى خسارة تصل إلى ٤٠ مليار دولار سنويًا. وعليه، تدعو أمانة «اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر»، المجتمع الدولى إلى التعامل مع الأرض بوصفها رأسمالًا طبيعيًا محدودًا وثمينًا.
مجموع المساحات المتصحرة فى العالم يقترب من ٥٠ مليون كيلومتر مربع، ٣٢٪ منها تخص قارة إفريقيا وحدها. ولأن التنمية، بمفهومها الحديث، تجاوزت النمو الاقتصادى إلى الحفاظ على البيئة ومواردها الطبيعية، أقر الاتحاد الإفريقى، سنة ٢٠٠٧، مبادرة «السور الأخضر العظيم»، التى تهدف إلى تشجير مساحة عرضها ١٥ كيلومترًا، تقطع القارة السمراء من شرقها إلى غربها، بطول ٧٨٠٠ كيلومتر، على طول منطقة الساحل.
المهم، هو أن الدورة الخامسة عشرة لمؤتمر الدول الأطراف فى اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، التى استضافتها أبيدجان، عاصمة كوت ديفوار، فى مايو الماضى، انتهت بتبنى ٣٨ قرارًا، كان أبرزها: تسريع استعادة مليار هكتار من الأراضى المتدهورة بحلول عام ٢٠٣٠، وتعزيز مقاومة الجفاف وتحجيم توسع الأراضى الجافة، وتحسين سياسات الإنذار المبكر والرصد والتقييم، وإنشاء فريق عمل حكومى دولى معنى بالجفاف للفترة من ٢٠٢٢ إلى ٢٠٢٤، لدعم التحول من رد الفعل إلى اتخاذ إجراءات استباقية.
إلى جانب هذه القرارات، أصدر المؤتمر إعلان «الأرض والحياة والإرث»، الذى تضمّن عددًا من التطلعات والأهداف الطموحة، و«إعلان أبيدجان»، بشأن تحقيق المساواة بين الجنسين، من أجل الاستعادة الناجحة للأراضى. كما أطلق رؤساء الدول والحكومات المشاركون فى القمة «نداء أبيدجان»، الذى يهدف إلى تعبئة ١.٥ مليار دولار، خلال خمس سنوات، لاستعادة «النظم الأيكولوجية للغابات المتدهورة فى كوت ديفوار» وتعزيز الإدارة المستدامة للتربة، التى فقدت ٨٠٪ من مساحة غاباتها، مع إمكانية تكييف المبادرة لتصلح لباقى الدول، إضافة إلى محاربة إزالة الغابات واستعادة الغابات المتدهورة، و... و... وتكثيف إنتاج الغذاء.
الإعلانان والنداء، والقرارات الـ٣٨، سيتم تناولها خلال الدورة السابعة والعشرين لمؤتمر الدول الأطراف فى اتفاقية الأمم المتحدة لتغير المناخ، كوب ٢٧، الذى تستضيفه مدينة شرم الشيخ فى نوفمبر المقبل، بحسب تأكيد سامح شكرى، خلال اجتماعه أمس مع آلان ريتشارد دونواهى. كما اتفق الاثنان على تنظيم فعاليات مشتركة تسهم فى تحقيق أهداف الاتفاقيتين الدوليتين، وناقشا عددًا من المقترحات المطروحة فى هذا الشأن. واستعرض وزير الخارجية الرؤية المصرية، لتعزيز عمل المناخ الدولى، خاصة فيما يتعلق بإجراءات التكيُف وحشد التمويل، وتحويل التعهدات إلى واقع ملموس على الأرض، مؤكدًا أهمية جهود التنسيق بين اتفاقيات الأمم المتحدة لتغير المناخ ومكافحة التصحر والتنوع البيولوجى.
.. وتبقى الإشارة إلى أن مبادرة «السور الأخضر العظيم» كانت واحدة من أولى المبادرات الدولية، التى تهدف إلى الحفاظ على أراضى القارة السمراء. لكن بعد ١٥ سنة من إطلاقها، و١٢ سنة من إنشاء وكالة إقليمية خاصة بها، لم يتم تشجير إلا ٥٪ فقط من المساحة المستهدفة، وفى ديسمبر الماضى، اجتمع رؤساء الدول والحكومات الأعضاء فى تلك المبادرة، لبحث سبل جمع التمويل اللازم لتنفيذها. كما كان الهدف نفسه من بين أولويات الدورة الخامسة عشرة لمؤتمر الدول الأطراف فى اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر!