حر وجفاف وخسائر مهولة
ارتفاع عدد حالات الجفاف بنسبة ٢٩٪ مقارنة بسنة ٢٠٠٠، بحسب تقديرات الأمم المتحدة، يعيدنا إلى التحذيرات، التى أطلقتها دراسة لمنظمة «كرستيان أيد»، فى نوفمبر الماضى، من التأثيرات الكارثية للتغير المناخى، على ٦٥ دولة على الأقل، كما يعطى أهمية مضاعفة للدورة السابعة والعشرين من مؤتمر الدول الأطراف فى اتفاقية الأمم المتحدة لتغير المناخ، كوب ٢٧، التى تستضيفها شرم الشيخ فى نوفمبر المقبل.
ارتفاع درجات الحرارة عن المعدل الطبيعى لهذا الوقت من العام، الذى يتراوح بين ٣ و٥ درجات مئوية، تسبب فى تبخر مياه الأنهار الأوروبية الكبيرة، ويهدّد أيضًا بتبخير حوالى ٨٠ مليار دولار من دول الاتحاد الأوروبى. إذ إن جفاف نهر «الراين»، الذى كان يعد أحد أعمدة الاقتصاد الألمانى والهولندى أعاق حركة نقل البضائع، وتكرر الشىء نفسه فى نهر «الدانوب»، الذى يشق طريقه بين وسط أوروبا والبحر الأسود، وفى أنهار أخرى عديدة ما رفع أسعار الشحن بنحو ٣٠٪، بحسب جان سوارت، مسئول قطاع النقل فى بنك «إيه بى إن». كما بات نهر «بو» عاجزًا عن رى حقول الأرز فى إيطاليا، ولم تعد مياه نهرى «رون» و«جارون» قادرة على تبريد مفاعلات فرنسا النووية، ما أجبر الحكومة الفرنسية على خفض إنتاج العديد منها.
فى تقرير أصدرته، الإثنين الماضى، توقعت «خدمة العلوم والمعرفة» التابعة للمفوضية الأوروبية، أن يتزايد «خطر الجفاف» فى إيطاليا، إسبانيا، البرتغال، فرنسا، ألمانيا، هولندا، بلجيكا، أيرلندا، لوكسمبورج، رومانيا، المجر، وفى ٤ دول خارج الاتحاد الأوروبى هى بريطانيا، صربيا، أوكرانيا ومولدافيا. والمفارقة، أن التقرير أشار أيضًا إلى أن سقوط الأمطار لا يخلو من المخاطر، موضحًا أن أمطار منتصف أغسطس، التى قد تكون خفّفت من أجواء الجفاف، تسبّبت فى عواصف رعدية أصابت بعض المناطق بأضرار جسيمة!.
الصين، أيضًا، تشهد أطول موجة حر منذ سنة ١٩٦١، والأحد الماضى، أصدرت الحكومة الصينية أول تحذير وطنى للجفاف، هذا العام، بعد انخفاض منسوب المياه فى نهر اليانجتسى، أطول الأنهار الصينية، إلى أدنى مستوياته، ما اضطر بعض المصانع فى المحافظات المعتمدة على الطاقة الكهرومائية إلى تعليق عملياتها. ووفقًا لبيانات أصدرتها وزارة الطوارئ الصينية، فقد أدى ارتفاع درجات الحرارة، فى شهر يوليو، وحده، إلى خسائر اقتصادية مباشرة بلغت قيمتها ٤٠٠ مليون دولار.
الوضع فى الولايات المتحدة لا يقل سوءًا، إذ حذر برنامج الأمم المتحدة للبيئة من تأثر الغرب الأمريكى بنقص المياه. كما حذرت السلطات فى ولاية كاليفورنيا المواطنين من استخدام المياه بشكل مفرط وبعد موجة جفاف شديدة، أدت لجفاف الأنهار فى ولاية تكساس، ظهرت آثار أقدام ديناصور، قيل إن عمره ١١٣ مليون سنة.
المسئولون فى منطقة «ويستلاندز ووتر»، وهى أهم منطقة زراعية فى ولاية كاليفورنيا، قالوا إن نقص المياه تسبب فى عدم زراعة ثلث مساحة الأراضى تقريبًا. وفى ١٦ أغسطس الجارى، أعلن مكتب الاستصلاح الأمريكى عن حدوث نقص فى منسوب نهر كولورادو أدى إلى قطع إلزامى للمياه فى أريزونا ونيفادا والمكسيك. وبينما تشير التوقعات إلى أن المزارعين سيفقدون ٤٠٪ من محصول القطن، قال ويد نوبل، المستشار العام لأربع مناطق رى فى مقاطعة «يوما» بولاية أريزونا، وهى منتج رئيسى للخضروات، إن المزارعين يتوقعون أن يحققوا ١٠٪ فقط من قيمة إنتاجهم الذى كان يبلغ ٣.٤ مليار دولار سنويًا.
.. وتبقى الإشارة إلى أن دراسة منظمة «كرستيان أيد»، صدرت على هامش الدورة السادسة والعشرين لمؤتمر الدول الأطراف فى اتفاقية الأمم المتحدة لتغير المناخ، كوب ٢٦، التى استضافتها مدينة جلاسكو البريطانية، وذكرت أن الـ٦٥ دولة الأكثر عرضة لتأثيرات التغير المناخى، ستشهد انخفاضًا فى إجمالى ناتجها المحلى بمعدل ٢٠٪ بحلول سنة ٢٠٥٠ وبنسبة ٦٤٪ سنة ٢١٠٠ إذا ارتفعت درجة حرارة العالم ٢.٩ درجة مئوية. وحال تحقق الهدف الأكثر طموحًا، وعدم تجاوزها عتبة الـ١.٥ درجة مئوية، فإن إجمالى الناتج المحلى لهذه الدول سيتراجع بنسبة ١٣٪ بحلول ٢٠٥٠ وبنسبة ٣٣٪ مع نهاية القرن الحالى.