«معاك من بدرى».. قافلة طبية لفحص ومساندة ذوى الإعاقة ضمن «حياة كريمة»
تواصل المبادرة الرئاسية «حياة كريمة» أعمالها فى مختلف المحاور والاتجاهات دون كلل أو ملل، لتقديم الخدمات للمواطنين فى مختلف محافظات الجمهورية، ولا تقتصر جهودها هذه على فئة أو فئات مجتمعية محددة، بل تمد يد المساعدة والعون إلى الجميع، على رأسهم ذوو الهمم.
وأطلقت جامعة المنصورة بمحافظة الدقهلية قافلة «معاك من بدرى»، كأولى القوافل الموجهة للكشف المبكر وتقديم الخدمات الصحية والدعم النفسى والإرشاد الأسرى لذوى الإعاقة وذويهم، ضمن مبادرة «حياة كريمة».
وتضمن نطاق عمل الحملة فى يومها الأول مركز «شربين»، وضمت عدة تخصصات، هى: «الرمد، والتخاطب، والسمع، والروماتيزم والتأهيل، والنفسية»، وقدمت خدماتها لـ٨٠ مريضًا من ذوى الهمم بالمجان.
صاحبة الفكرة: كشف مجانى وإحالة للمستشفيات.. وتوفير أطراف صناعية
قالت الدكتورة إيمان أحمد أبوالفضل، منسق مبادرة «حياة كريمة» فى جامعة المنصورة، صاحبة فكرة إطلاق القافلة، إن هذه القافلة تستهدف ٣ محاور رئيسية فى عملها.
أول هذه المحاور توعوى، وتضمن إلقاء محاضرة فى مجال الإرشاد النفسى والأسرى، للحضور من آباء وأمهات الأطفال ذوى الاحتياجات الخاصة، إلى جانب إجراء اختبارات نفسية لـ٤٠ من الحضور، فضلًا عن توعية الحوامل وإعطائهن نصائح لتجنب إنجاب طفل تكون لدية أى إعاقة.
ويتضمن المحور الثانى الكشف على أصحاب الإعاقات ممن هم فى المراحل الأولى، وتشخيص ومعالجة الإعاقة، بينما يستهدف المحور الثالث تقديم خدمات طبية لذوى الهمم أصحاب المراحل المتأخرة، كل حسب حالته الصحية.
وأضافت منسق «حياة كريمة» فى جامعة المنصورة: «القافلة لم تكن بالشكل التقليدى المعروف، بل حرصنا على تنظيم أنشطة ترفيهية للأطفال الحاضرين، من أجل كسر الملل وإزالة أى من أنواع الرهبة والخوف، كان من بينها توزيع الهدايا، وتنظيم ورشة عمل مهارية، وغيرهما».
واختتمت: «أحلنا ٢٥ حالة لتلقى العلاج فى المستشفيات الجامعية، طبقًا للبروتوكول الموقع بين مؤسسة (حياة كريمة) والمجلس الأعلى للمستشفيات الجامعية، ونتابع الحالات هاتفيًا للاطمئنان عليها بعد انتهاء القافلة».
وقالت الدكتورة أميمة رمضان، المنسق الطبى لمؤسسة «حياة كريمة» فى الدقهلية، إن «المرضى وذويهم كانوا فى منتهى السعادة، ولم نشعر بأننا نفعل أى عمل روتينى، ونشأت بيننا وبين الأطفال وأولياء أمورهم حالة من الود والحب».
وأضافت: «وقعنا الكشوفات الطبية على الأطفال، ومنحناهم العلاج اللازم، وهناك بعض الحالات التى كانت تحتاج إلى أطراف صناعية وكراسى متحركة وسماعات طبية، وحصرنا أسماءهم وتقدمنا بطلب لمنحهم ما يحتاجونه منها، وبالفعل تحدد لهم موعد لتسلمها، إلى جانب إنهاء أوراق حصول بعضهم على معاشات بالتنسيق مع وزارة التضامن الاجتماعى».
والدة «فوزى»: منحوه هدايا لمعاناته الدائمة من «فوبيا الأطباء»
دخل الطفل فوزى السعيد البالغ من العمر ٨ سنوات مقر القافلة وقد أنهكه المرض وسلبه بسمته مبكرًا، فى ظل معاناته من مشكلة فى الأعصاب الطرفية، تم تشخيصها على أنها «خلل جينى» يؤدى إلى تلف الأطراف ويسبب تورمات والتهابات، وعلى الرغم من إجرائه عمليات جراحية، وتركيب شرائح ودعامات، ظلت الحالة تزداد سوءًا، وأصبحت الأنسجة رخوة بشكل تتعرض معه لنزيف من أقل مجهود.
كان برفقة الطفل والدته، التى كشفت عن حالته الصحية وتعامل القافلة معه، قائلة إنه «يعانى من حالة نفسية سيئة للغاية كلما ذكرنا أمامه كلمة مستشفى أو طبيب، لما يعانيه من ألم مستمر، ويتعرض له من أدوية وجراحات، فأصبح يرفض الذهاب معى لأى عيادة أو مستشفى».
وأضافت: «اصطحبته إلى القافلة على غير رغبة منه، لكن الأمر تحول بمجرد دخولنا إليها، حيث استقبله الشباب هناك بالضحك والهزار، ورسموا على وجهه بالألوان المائية، وقدموا له الهدايا، فبدأ يندمج معهم ويلعبون سويًا، حتى نسى ما نحن فيه، وتحسنت حالته النفسية».
واختتمت بأن «الأطباء أجروا الكشف الطبى اللازم عليه وشخصوا إعاقته، ثم أحالوه إلى أحد المستشفيات الجامعية للمتابعة وإجراء اللازم».
الحاجة عايدة: أتسلم سماعة طبية خلال أيام
لم يقتصر الأمر على الأطفال فقط أو أصحاب إعاقة دون غيرها، وكان من بين من حضروا وتم توقيع الكشف الطبى عليهم، الحاجة عايدة صبرى، صاحبه الـ٦٥ عامًا، التى علمت بالقافلة من خلال الإذاعات الخاصة بالمساجد فى قريتها، فتوجهت إليها فورًا.
وقالت الحاجة عايدة: «أعانى من ضعف السمع منذ فترة طويلة، وانتقلت من طبيب إلى آخر ومن دواء إلى دواء مختلف، دون أى تقدم ملحوظ، وعندما ذهبت إلى القافلة تم إجراء الكشف علىّ، وأخبرنى الطبيب بأننى أحتاج إلى سماعة طبية خاصة بضعف السمع».
وأضافت: «أخبرته بأننى لا أملك ثمن هذه السماعة، فوعدنى بأنها ستكون لدى بالمجان خلال أيام»، مشيدة بطريقة التعامل التى حظيت بها من قبل القائمين على القافلة، الذين «قابلونى كويس وعملوا لى كل اللازم، ومسابونيش إلا وأنا فى أحسن حال»، وفق ما قالت لـ«الدستور».
والدة «نور»: أزالوا الرهبة من قلب طفلتى بأنشطة ترفيهية.. واستقبلونا بأفضل صورة ممكنة
رغم الألم الذى يسكن جسدها النحيف، لم تغب البسمة عن وجه الطفلة «نور»، البالغة ١٢ عامًا، فى ظل الاستقبال الطيب الذى وجدته من القائمين على القافلة، والأنشطة الترفيهية التى أنستها مرضها، لتجلس بين الحضور كالملاك، وإلى جانبها عكازها الذى تتوكأ عليه، بعد فقدها القدرة على الحركة بسبب مرض نادر ينهش فى جسدها ويجعل الأطراف دائمًا ملتهبة ورخوة.
وقالت أم الطفلة «نور»: «ولدت طفلتى بصورة طبيعية، ولم تعان وقتها من أى مشاكل، لكن قبل سنتين لاحظنا التهابات وتقرحات فى الأطراف، وتم تشخيصها فى البداية على أنها جذام، لكن بعد التحاليل تبين أن التشخيص كان خاطئًا، وبدأ الأمر يتطور حتى دخلت عملية جراحية، لكن دون أى جدوى، بل إن الأمر تطلب بتر أصابعها واحدًا تلو الآخر».
وأضافت: «بمجرد علمى بوجود قافلة طبية لذوى الإعاقة، أسرعت لعرض ابنتى على أطبائها، خاصة أننى لم أترك عيادة طبيب أو مستشفى إلا وطرقت بابهما، من أجل الوصول إلى علاج لها يخفف آلامها، ويوقف المرض اللعين الذى يأكل جسدها يومًا تلو الآخر».
وعبرت عن سعادتها البالغة بقافلة «معاك من بدرى»، وما شهدته فيها من معاملة واهتمام من العاملين عليها، سواء من الإخصائيين أو الأطباء أو حتى المنظمين، مشيرة إلى اهتمامهم قبل أى شىء بتحسين الحالة النفسية لدى المرضى، وإخراجهم من أجواء المستشفيات والعيادات، التى تلقى بالرهبة فى قلب الكبير والصغير.
وأوضحت أن مسئولى القافلة «استقبلونا بأفضل صورة، وقدموا الهدايا والألعاب لـ(نور)، وعملوا على الضحك معها، وطمأنوها بأنها ستصبح أفضل وتعيش حياتها بشكل طبيعى وستهجر العكازات للأبد، وكان مردود هذا الكلام واضحًا على وجهها المطمئن، حتى إنها نسيت الألم وظلت مبتسمة طوال اليوم».
واختتمت: «الأمر لم يتوقف عند إجراء الكشوفات والفحوصات على (نور)، بل يتابع الأطباء معنا هاتفيًا كل جديد، ومن المفترض أن نتسلم طرفًا صناعيًا لها خلال الفترة المقبلة، فضلًا عن إحالتنا إلى أحد المستشفيات للمتابعة الدورية».