حكم قضائى: استهانة العامل بواجبه الوظيفى تستدعى مساءلته تأديبيًا
أكدت المحكمة التأديبية لمستوى الإدارة العليا أن المسئولية التأديبية مناطها أن يسند للعامل على وجه القطع واليقين ثمة فعل إيجابي أو سلبي يعد مساهمةً منه في وقوع المخالفة الإدارية، دونما شك أو تخمين في أنه قد ارتكب المخالفة محل المساءلة التأديبية.
وإذا انتفى هذا المسلك الإيجابي أو السلبي فإنه لا يمكن مساءلة العامل عما نسب إليه باعتبار أن المسئولية التأديبية قوامها خطأ ثابت في حق العامل على وجه اليقين.
وأكدت المحكمة أن الدقة والأمانة المتطلبة من الموظف العام تقتضيه أن يبذل أقصى درجات الحرص على أن يكون أداؤه للعمل صادرا عن يقظة وتبصر، بحيث يتحرى في كل إجراء يقوم باتخاذه ما يجب أن يكون عليه الرجل الحريص من حذر وتحذر، وإذا ثبت في حق الموظف أنه قد أدى عمله باستخفاف أو غفلة أو لا مبالاة كان خارجا بذلك عن واجب أداء العمل بدقة وأمانة، ومن ثم يكون مرتكبا مخالفة تأديبية تستوجب المساءلة، ولو كان الموظف حسن النية سليم الطوية.. الخطأ التأديبي المتمثل في مخالفة واجب أداء العمل بدقة وأمانة لا يتطلب عنصر العمد وإنما يتحقق بمجرد إغفال أداء الواجب الوظيفي على الوجه المطلوب.
وأضاف أن شهادة الشهود تعتبر من أهم الأدلة فى المجالين الجنائي والتأديبي، ومن ثم يجب أن تكون الشهادة سليمة ومنزهة عن كل ما يقدح فى صحتها ويمنع من قبولها، وهو ما يقتضى لإثبات الواقعة المنسوبة للعامل بشهادة الشهود وحدها ألا يكون بين المتهم وبين ما سمعت شهادته ضغينة سابقة، وألا يكون فى مسلك الشاهد تجاه الواقعة أو فى الظروف التى سبقت الإدلاء بشهادته ما يحول دون الاطمئنان إلى هذه الشهادة.
وأضافت المحكمة: لا إلزام على المحكمة التأديبية أن تشير في حكمها إلى كل ورقة أو مستند يقدم إليها، فحسبها لصحة حكمها أن تشير فقط إلى ما تستند إليه فيما ينتهي إليه قضاؤها.
وللمحكمة كامل الحرية في تقدير ما تأخذ به مما يقدم إليها من مستندات وما تطرحه منها بما لا يسوغ معه للطاعن الاستمساك ببطلان الحكم بمقالة إخلاله بحق الدفاع بإهدار بعض المستندات وعدم التعويل عليها أو على ما شهد به بعض الشهود في التحقيقات ما دام الحكم قد أبرز إجمالي الحجج التي كونت قضاءه، طارحا بذلك ضمناً الأسانيد التي قام عليها دفاع الطاعن، فالقاضي التأديبي بما يتمتع به من حرية الإثبات غير ملزم باتباع طرق معينة، فهو الذي يحدد طرق الإثبات التي قبلها وأدلة الإثبات التي يرتضيها ويبني عليها اقتناعه ويهدر ما يرتاب في أمره أو يخالطه شكاً فيطرحه بعيداً عن قناعاته التي هي وحدها سند قضائه وركيزة أسبابه.