المنطقة الاقتصادية للقناة
قرار رئيس الجمهورية بإنشاء «الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس»، صدر فى ٩ أغسطس ٢٠١٥. وخلال السنوات السبع الماضية، جرى تجهيز البنية التحتية للمنطقة وتطويرها، لتنافس مثيلاتها، دوليًا وإقليميًا، ولتكون حجر الزاوية لخطط التنمية الوطنية، خاصة بعد التيسيرات القانونية والإجراءات التحفيزية، التى جذبت، وستجذب، استثمارات متنوعة، تخدم الأسواق المحلية، العربية، الإفريقية والدولية.
الهيئة ذات الصلاحيات والسلطات الكاملة على محور قناة السويس، فى كل ما يتعلق بالأنشطة والمشروعات المقامة داخل إطارها الجغرافى، نجحت فى تحقيق أكثر من ثلثى رؤيتها الاستراتيجية ٢٠٢٠- ٢٠٢٥، وقامت بخطوات، أو قفزات، كبيرة جعلتها فى مصاف المناطق الاقتصادية الكبرى وأكثرها جذبًا للمستثمرين. كما وضعت ثلاث خرائط استثمارية تفصيلية لمناطق شرق بورسعيد شمالًا، والقنطرة غربًا، والسخنة جنوبًا، تتضمن كل خريطة منها، بشكل تفصيلى، طبيعة الاستثمار والصناعات المتاحة والمساحات المتوافرة.
بدأنا، إذن، الانتقال من مرحلة الاعتماد على رسوم عبور السفن كمصدر وحيد للعائدات، إلى مرحلة تنفيذ المخطط الشامل لإقامة مشروعات لوجستية وصناعية متنوعة، تستهدف قطاعات المنسوجات، صناعة الإطارات، اللوجستيات، الصناعات الدوائية، مراكز البيانات، قطاع الأعمال الزراعية، خدمات وقود السفن، البطاريات الكهربائية، مواد البناء والتشييد، صناعة السيارات، صناعات الصب المعدنية، الصناعات البتروكيماوية، قطارات السكك الحديدية، الألواح الشمسية، والمواد الدوائية الفعالة.
عقب توقيع مذكرة تفاهم إنشاء مشروع إنتاج الهيدروجين الأخضر، مع شركة «رى نيو باور برايفت ليمتد» الهندية، أشرنا، فى ٢٨ يوليو الماضى، إلى أن جهود توطين تلك الصناعة، وصناعة الأمونيا الخضراء، بالمنطقة الاقتصادية لقناة السويس، هى جزء من رؤية أشمل تستهدف الاستغلال الأمثل لمقومات المنطقة، والاستفادة من موقعها الاستراتيجى على جانبى الممر الملاحى الأهم فى العالم. ويمكنك أن تضيف إلى ذلك أن القناة الجديدة، التى تم افتتاحها فى مثل هذا الشهر منذ سبع سنوات، رفعت التصنيف الدولى للقناة، بزيادة طاقتها العددية وتعزيز جاهزيتها لاستيعاب نمو حركة التجارة العالمية واستقبال الأجيال الحالية والمستقبلية من السفن العملاقة، خاصة سفن الحاويات، التى تتزايد أهميتها يومًا بعد يوم فى صناعة النقل البحرى.
إلى جانب المقومات الجغرافية، التى تؤهل المنطقة لمنافسة المناطق الاقتصادية الإقليمية والدولية، انتقلت إليها بموجب القرار الجمهورى رقم ٣٣٠ لسنة ٢٠١٥ ستة موانئ مطلة على البحرين الأحمر والمتوسط: شرق وغرب بورسعيد، العريش السخنة الأدبية، الطور، ثم ربطتها شبكة طرق وأنفاق عملاقة، بمدن الدلتا والعاصمة الإدارية الجديدة وشبه جزيرة سيناء: ١٣٩٧ كم شرق وغرب القناة، و٤٣٥ كم بسيناء وطريق تحيا مصر الرابط بين الأنفاق وطريق الإسماعيلية بورسعيد، وطريق هضبة الجلالة بطول ١١٤ كم، الذى يصعد إلى منسوب ٧٠٠ متر فوق سطح المياه. وبالتالى، صارت مناطق الهيئة الصناعية الأربع: السخنة المتكاملة، شرق بورسعيد المتكاملة، شرق الإسماعيلية، والقنطرة غرب، الوجهة المفضلة للاستثمارات الأجنبية.
رؤية المنطقة ٢٠٢٠- ٢٠٢٥ ترتكز على «خلق الفرص» وجذبها وتحديد الأنسب منها لطبيعة الأعمال فى الموانئ والمناطق الصناعية. وخلال مرحلة الإعداد ٢٠١٥-٢٠٢٠، جرى تأسيس البنية التحتية للمناطق الصناعية التابعة، وتجهيز الموانئ وفق أحدث النظم العالمية وإمدادها بالمرافق اللازمة، وتطوير الهيكل التنظيمى والخدمات المقدمة للمستثمرين لتحسين مناخ الاستثمار. وخلال المرحلة الثانية، ٢٠٢٠-٢٠٢٥، كان وباء كورونا المستجد، وما طرأ على الساحة الدولية من متغيرات سياسية واقتصادية، فرصة لإظهار مقومات المنطقة ودورها المحورى فى سلاسل الإمداد العالمية بجاهزية موانيها، وموقعها المتميز. وشهد العام الماضى، مثلًا، توقيع عقد إنشاء أكبر مجمع لصناعات البتروكيماويات فى العين السخنة، والإعلان عن مشروع صناعات مستلزمات السكك الحديدية، الذى يعد أهم مشروع قومى يقام فى شرق بورسعيد.
.. وتبقى الإشارة إلى أن المادة السابعة من قرار رئيس مجلس الوزراء، المهندس إبراهيم محلب، الصادر فى ١٩ أغسطس ٢٠١٥، بشأن الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس، تلزم رئيس مجلس إدارة الهيئة بتقديم تقرير سنوى، معتمد من المجلس، إلى رئيس مجلس الوزراء عن نشاط الهيئة وموقف الاستثمار بالمنطقة، خلال ثلاثة أشهر من نهاية السنة المالية.