المخرج أحمد إسماعيل: «شبرا بخوم» تجربة مسرح مجتمعى استمرت 40 عامًا
- الجمهور ليس مجرد وعاء نصب فيه أفكارنا.. بل كائن حى علينا التفاعل معه
- وضعنا ضوابط لحضور المسرحيات فى قريتنا بالمنوفية «رجلًا وزوجةأو ابنة»
- كسر الصورة النمطية المغلوطة عن المسرح بسلوكنا الأخلاقى أثمر عن مشاركة المرأة
- ليس المطلوب من المسرح المجتمعى أن نخرج فنانًا عظيمًا بل إنسانًا مبدعًا
ليس من السهل أن يقرر شاب مصرى العودة من فرنسا، بعد رحلة دراسية موفقة، رافضًا كل إغراءات البقاء.. لكن ببساطة هذا ما فعله المخرج المسرحى الكبير أحمد إسماعيل، لإيمانه بأن الدور الحقيقى للفنان هو المشاركة فى تثقيف أهالى الريف فى وطنه، ونجح فى تقديم تجربة مسرح مجتمعى مبهرة فى قرية «شبرا بخوم» بمركز قويسنا بمحافظة المنوفية، استمرت لمدة ٤٠ عامًا، وآمن بها أهالى القرية وشاركوا فى التمثيل رجالًا ونساءً.
أحمد إسماعيل أحد رواد المسرح المجتمعى فى مصر، ومؤسس فرقة «شبرا بخوم» بالمنوفية، الفرقة المستقلة الأقدم، ويعتبر العديد من النقاد تجربته الأهم فى مجال المسرح المجتمعى، ويقول عنها الدكتور أيمن الخشاب: «هى التجربة الأبرز والأكثر امتدادًا، وأعتبرها نموذجًا مثاليًا لهذا النوع من المسرح، فقد نشأت بأيدى أبناء القرية، وارتبطت بمشاكل المجتمع المحلى، وأتاحت الفرصة لغير المشتغلين بالمسرح لتنمية مهاراتهم، وإشباع حاجاتهم الفنية، والقيام بدورهم الاجتماعى، وخلقت منتدى للحوار والتعبير الذاتى، وقد حظيت الفرقة باحترام وتقدير أهالى القرية».
«الدستور» حاورت المخرج الكبير، وحكى كيف بدأت الفكرة وكيف أقنع أهالى القرية بها، ثم كيف تطورت وتحولت لمشروع «مسرح الجرن»، قبل أن يئدها أحد المسئولين فى وزارة الثقافة بمنع تمويلها بعد ٦ سنوات من النجاح.
■ بداية.. ما هو المسرح المجتمعى؟
- هو لون من ألوان المسرح، موجود فى معظم البلاد الأوروبية، ويرتبط عادة بالبيئة، ويحاول الفنانون المشاركون فى أى مسرحية من هذا النوع التعايش مع جمهورهم، عبر دراسة أحوالهم واحتياجاتهم ومشكلاتهم.
وفى مصر، يقام أغلب أنشطة المسرح فى القاهرة والإسكندرية والمدن الكبرى بالمحافظات، بحضور جماهيرى محدود، ويقل عدد الجمهور فى القرى بالطبع، وهنا يأتى دور المسرح المجتمعى، الذى يعتبر التواصل مع الناس ومناقشة مشكلاتهم، أولوية وبذلك يدعم مسيرة التنمية.
يمكن أن نقول إن هذا النوع من المسرح يلبى الاحتياجات الموضوعية والجمالية لأهالى القرى، ويجعلهم يشعرون بـ«الجدارة الإنسانية»، أى إحساس الإنسان بقدراته، وهو إحساس إن وصل للفرد ستزيد إنتاجيته دون شك.
علماء النفس الاجتماعى يربطون بين إحساس الفرد بالجدارة وزيادة إنتاجيته وفاعليته فى المجتمع وإحساسه بالانتماء، ما ينعكس بشكل إيجابى على التنمية.
■ كيف بدأت فكرة تأسيس مسرح فى قرية صغيرة بعيدة عن أضواء العاصمة؟
- الدافع الأساسى كان حبى لقريتى واقتناعى بأهمية المسرح، وبدأت الفكرة فعليًا حينما كنت طالبًا بالمعهد العالى للفنون المسرحية، حينها أسست فرقة فى قريتى، وبدأنا فى تقديم العروض، ومن أبرز المسرحيات التى قدمناها فى هذا الوقت مسرحية «الزوبعة».
أدركت فى هذا الوقت مدى تعطش الجمهور للمسرح بشكل عام، وتساءلت عن نوع المسرح الذى يحتاج إليه الناس بشكل أكبر.
بعد ذلك سافرت إلى فرنسا، وحصلت على دبلومة عليا فى تخصصى، وانشغلت بالبحث عن نموذج مسرحى يمكن تطبيقه فى القرى، ودرست التجارب التى قدمتها بقريتى قبيل السفر، لأحدد بشكل دقيق طبيعة العمل الذى يتفاعل معه الجمهور هناك، وخصائص الجمهور فى القرى.
ووصلت إلى نتيجة، هى: «إن كنت تريد أن يتفاعل الجمهور مع مسرحيتك، لا بد من أن تدرك خصائصه الفنية والجمالية»، وحينها عرفت تحديدًا ما أريد، فجمهورنا فى مصر شعبى وتلقائى ويحب المشاركة فى العمل، ولم يعتد على الحائط الرابع الذى يفصل بينه وبين الممثلين.
ببساطة، أرى أن وعى جمهورنا مصمم بحيث يخترق الحائط الرابع «الإيهام»، تلقائيًا، فتصالحنا مع ذلك وكسرنا هذا الحائط بالاتفاق مع الجمهور، فتحولت أعمالنا بعد ذلك إلى حوار فنى يدور بيننا وبين الجمهور، وأرى أن هذه هى الميزة الأساسية فى تجربتنا.
أحسست بزهو حينما أثار البحث الذى قدمته عن تجربتى، اهتمام وإعجاب أساتذتى وزملائى، وحمل البحث عنوان: «ماذا حدث مع الجمهور؟».
حرصت على تنفيذ فكرتى فى مصر عقب انتهائى من الدبلومة، ورفضت كل عروض الاستمرار فى فرنسا، وفضلت أن أعود لجمهور القرى الذى يفهمنى وأفهمه.
بعدما عدت من فرنسا جمعت أعضاء الفرقة القديمة، وحرصت على ضم عناصر جديدة، ثم بدأنا فى إجراء استقصاء لمعرفة المشاكل التى يمر بها أهالى القرى، ووصلنا لتشابكات كثيرة اقتصادية واجتماعية وثقافية، وبدأنا فى محاولة ارتجال مشاهد تناقش هذه المشكلات، واستعنت بالحكايات التراثية والأغانى الشعبية فى كل قرية، وكنت أتولى مهمة «الدراماتورج»، أى تجميع المشاهد المرتجلة فى سياق درامى متماسك، وقدمنا مسرحية «سهرة ريفية».
بعد ذلك شعرت بالحاجة للتعمق فى دراسة الثقافة الشعبية، فالتحقت بمعهد الفنون الشعبية وتعلمت من أستاذى الكبير الراحل عبدالحميد حواس، رحمه الله، أن الثقافة الحقيقية ليست تلك التى ندرسها فى الكتب، وأن الثقافة بمعناها الحقيقى أكثر اتساعًا من الكتب، وتعتبر الجمهور عنصرًا أساسيًا وليس مجرد وعاء نصب فيه أفكارنا.
الجمهور كائن حى، يجب أن نجد طريقة للتفاعل معه، وليس أن أنقل به مجرد نظريات، ظنًا منى بأننى وصى على الناس.. تبدأ العلاقة مع الجمهور بالتفاعل مع ثقافته الخاصة.. وقدمت ثلاثة أجزاء من «سهرة ريفية» على مدار ٨ سنوات.
■ كيف كنت تختار أعضاء الفرقة؟
- كان منزلنا يضم غرفة تسمى «غرفة البياتة»، وهى موجودة فى منازل كثيرة فى الريف، ومخصصة لكل عابر سبيل لا يجد مكانًا يبيت فيه.. نقدم له الطعام والمأوى، وكان بعض عابرى السبيل أو «البيّاتة» يترددون على منزلنا كثيرًا، واعتبروا أنفسهم من أهل الدار، وذات يوم وجه أحدهم اللوم لأخى لأنه تأخر خارج المنزل.
هذا مثال يوضح كيف أختار عناصر الفرقة، فأنا أحترم جميع البشر، وأسمح لأى شخص بأن يشارك معنا، فهناك مهام كثيرة، ليست فنية فقط، بل تنظيمية ولوجيستية أيضًا.. وبالمناسبة، أنا تعلمت ذلك أيضًا من الثقافة الشعبية.
أقتنع بأن الله ميّز كل إنسان بشىء، لذا أجعل كل شخص يختار المهمة المناسبة له، وهناك عملية تدريب مستمرة، وأحرص خلال التدريبات ألا أُحرج أحدًا، بل أعزز الجانب الإيجابى فى كل شخص، وألفت انتباهه بلطف إلى الجانب السلبى.
خلال البروفات نتعلم من بعضنا البعض، فالمسرح «إبداع جماعى»، وحدث قبل ذلك أن شارك معنا زملاء للمساعدة فى الأمور التنظيمية فقط، ثم قرروا المشاركة بالتمثيل بعد ذلك، ونشجعهم على ذلك.
هذه العملية تشبه الانتخاب الطبيعى، هكذا أختار أعضاء فرقتى، وفى العموم ليس المطلوب فى هذا النوع من المسرح تقديم ممثل عظيم، بل إنسان مبدع قادر على التفاعل مع مجتمعه.
■ ماذا حدث بعد تجربة «سهرة ريفية»؟
- قدمت بعد ذلك مسرحية «الشاطر حسن» لفؤاد حداد، وكانت فاتحة خير علىّ، وأتشرف بأننى أول مخرج يقدمها، وتبيّن لى أن الجمهور يتفاعل مع الجمال بقدر أكبر من التفاعل مع التنظير.
وبعد ذلك قدمت «ليالى الحصاد»، عن نص محمود دياب، وظل يُعرض لفترة طويلة من الزمن، وكان جمهوره متنوعًا، من المثقفين وأهالى القرى والأجانب من مختلف دول العالم.
أسسنا- أيضًا- فى القرية، فرقة أطفال، كانوا يقدمون عروضًا مهمة، فضلًا عن أنشطة تخص الفن التشكيلى والموسيقى.
■ هل رحب أهالى قرية «شبرا بخوم» فى البداية بفكرة إنشاء مسرح؟
- بنينا المسرح عام ١٩٨٩، وحدث ذلك بعدما قدمنا عددًا من العروض التى جعلت جمهور القرية يعرف طبيعة عملنا، أى أننا حصلنا على ثقة الأهالى قبل البناء، وذلك بمشاركة الفنان التشكيلى يحيى حجى، الذى حرص على تصميم الفضاء المسرحى المناسب لبيئة القرية.
وكنت حريصًا على أن يتم الأمر بمشاركة أهل القرية، فكنا نبحث عمن يستطيع التبرع بجرار ووقود وخامات بناء أو يساعد فى عملية الإنشاء، وبذلك شعر الناس بالانتماء إلى هذا المكان، لأنهم أسهموا فى بنائه.
بعد ذلك ظهر تحدٍ آخر، وهو أن ثقافة أهالى القرية هى ثقافة الموالد، أى يمكن أن يفاجأ الفنان بحضور ٢٠ ألف شخص، رغم أن المكان لا يتسع إلا لـ١٠٠٠ فقط، لذا كان يجب أن نضع نظامًا لضبط الأمور، فالسور هناك من الخوص «اللى يزقه برجله يقع»، لذا كنا نرسل دعوات لعدد محدد من الناس، ونستهدف حضور رجل وامرأة معًا.
والضوابط كانت: «لا يحضر رجل دون أن يصطحب معه امرأة (زوجة أو ابنة)، ولا يسمح بالدخول بعد بداية العرض، ولا يسمح بالدخول فى يوم غير المحدد بالدعوة، ويخصص للأطفال مكان فى مقدمة المسرح حتى لا تحجب عنهم الرؤية».
■ كيف أقنعت أهالى القرية بالموافقة على مشاركة نسائهم بالتمثيل فى العروض؟
- فى البداية كانت الممثلة الوحيدة فى الفرقة هى أختى الطالبة بالمرحلة الإعدادية، ثم انضمت زميلاتها، وكنا نستعين أحيانًا بممثلات محترفات من الثقافة الجماهيرية، وبعد فترة وثق فينا أهالى القرية، وشعروا بأن هذا المسرح يمثلهم.. رأوا فيه أنفسهم بشكل إيجابى، على عكس المدن، التى يرى الناس فيها أنفسهم بشكل سلبى.
كان من الضرورى كسر الصورة النمطية حول المسرح، لذا وضعنا ضوابط أخلاقية صارمة فى الفرقة كى يدرك الناس حرصنا على ذلك.. عرف الأهالى معنى كلمة مسرح، ومعنى كلمة فنان.
وحينما أعلنت عن تأسيس فرقة للأطفال، من مرحلة الصف الثالث الابتدائى حتى مرحلة الصف الثالث الثانوى، توافد أهالى القرية على منزلى وطلبوا منى أن أسمح لبناتهم بالمشاركة فى فرقة الأطفال، وبعد مرور سنوات كبر الأطفال، وأصبحت لدينا ممثلات من أهالى القرية فى فرقة الكبار.
وبعد ذلك نجحنا فى ضم سيدات كبيرات للفرقة، وهناك عجوز تشارك معنا فى العروض.. وأؤكد أن هذه الثقة تكتسب بالاجتهاد والعمل على الأرض بإخلاص.
أرى أن المسرح ضرورى فى الحياة، ومرتبط بحياة الناس، لذا نحرص على تضمين تراث القرية الشعبى فى عروضنا، فأغانيهم تحكى تاريخهم وتعبر عن أحوالهم.
وأذكر موقفًا لن أنساه.. ذات يوم حضر أربع نساء كبيرات فى السن عرض «الشاطر حسن»، ثم جئن فى اليوم التالى، ولم نستطع منعهن من الحضور احترامًا للسن، ثم جئن يومين آخرين، وفى اليوم الرابع تحدثت معهن، فقالت إحداهن: «يا أحمد يا ابن فاطمة.. هو إنت فاكر إننا بنييجى عشان خاطر المسرح بتاعك ده؟ لا ده دوا لينا.. روح.. روح وسلم لنا على أمك».
■ هل تعتبر تجربة «شبرا بخوم» هى التى ألهمت الفنانين لتقديم المسرح المجتمعى؟
- لا أنكر أن هناك تجارب سبقتنا بالعمل فى القرى، مثل تجارب الفنانين: هناء عبدالفتاح فى دنشواى، وعباس أحمد فى بورسعيد، وعبدالعزيز مخيون، وفهمى الخولى.
ما يميز تجربة «شبرا بخوم» هى أنها استمرت لنحو ٤٠ عامًا، وهذا ما لم تتمكن فرقة أخرى من تحقيقه، فى مصر أو فى العالم.. وهذا هو سر تميز الفرقة.
تطورت الفكرة بعد ذلك، وتحولت إلى مشروع «الإبداع المسرحى الجماعى فى القاهرة والمنوفية»، وجرى ضم قريتين من المنوفية و٣ أحياء شعبية من القاهرة، خلال الفترة من ١٩٨٤ حتى ١٩٨٧، ثم قدم الزملاء تجارب أخرى على نفس النهج، مثل سيد فجل وبهائى الميرغنى، وحمل المشروع عنوان «مسرح الأماكن المفتوحة»، وتميزت التجربة فى قرية شما.
وصدر كتيب عن المشروع، بصياغة الكاتب الكبير رجائى الميرغنى، بعد عقد جلسات عمل معنا ليستجلى ما كنا نود إنجازه، وحكى عن واقع قرية شما وما يميزها عن القرى الأخرى واستطلاع ثقافتها الشعبية والمسرحية.
■ لماذا لم تستمر تجربة «شبرا بخوم»؟
- تحول مشروع «شبرا بخوم» إلى مشروع قومى، اسمه «مشروع مسرح الجرن»، لكن المسرح الذى بنيناه تضرر للأسف بفعل الوقت، وأصبحت الجمعية متهالكة، وأصبح المشروع يحتاج إلى تمويل ليستمر، والحل الوحيد هو أن تسهم الجهات الرسمية فى ذلك.
ستظل تجربة «شبرا بخوم» اتجاهًا فنيًا مختلفًا، وأبرز ما قدمته هو عرض «الشاطر حسن»، وهذا الإنجاز ليس ملكًا لى وحدى، بل ملك كل فنان شاركنى أو جمهور حضر عروضى.
■ ما الركائز الأساسية لمشروع «مسرح الجرن»؟
- تحولت الفكرة إلى واقع ملموس بفضل الدكتور أحمد نوار، الذى تحمس للفكرة بشكل كبير، بعدما رأى تجربة «شبرا بخوم»، وحين تولى مسئولية الهيئة العامة لقصور الثقافة استدعانى، وطلب منى صيغة لتعميم التجربة، وهنا بدأ مسرح الجرن، بـ٣ محاور.
المحور الأول كان: تحقيق تنمية ثقافية وفنية لطلاب المرحلة الإعدادية فى القرى المصرية، وهذا المحور كان يهدف إلى تنمية الإبداع فى تلك المرحلة المبكرة، وليس بالضرورة أن يصبح التلميذ فنانًا، لكن المطلوب أن يصير مبدعًا فى أى مجال يعمل به فى المستقبل «ترسيخ منهج تنمية الإبداع»، من خلال ٨ مجالات: «القصة والشعر وجمع حكايات القرية وإبداع عرض مسرحى وفن تشكيلى وإعادة التدوير والألعاب الشعبية بديلًا عن الأتارى والألعاب الإلكترونية وصناعة العرائس والأغانى الشعبية».
والمحور الثانى: بناء مسارح مفتوحة على غرار مسرح «شبرا بخوم»، على أن تكون بمثابة مركز ثقافى يضم عدة قاعات، وبه إمكانية للعرض السينمائى والفن التشكيلى وما إلى ذلك، ومبنى على طراز يوافق نظرية العمارة البيئية للمعمارى الكبير حسن فتحى.. وقد قدم المعمارى العالمى الراحل هانى المنياوى تصميمًا مستوحى من البيئة وقليل التكلفة، مستغلًا طبيعة الجو فى مصر، التى ليس لها مثيل فى كثير من دول العالم، والتى تسمح بإقامة مسرح بالأماكن المفتوحة معظم شهور السنة.
حرصنا على استغلال البيئة ومساحات الأراضى، ولو كان لدينا خطة خمسية أو مشروع وطنى يمكن أن يصير لدينا قرابة الألف مسرح بتكاليف زهيدة وبفائدة ثقافية عظيمة. وإذا وضعنا فى الاعتبار أن كل قرية ستخدم القرى المجاورة لها، فنحن حينها نتكلم عن فائدة تشمل ثلثى سكان مصر أو ربع سكان الأوساط الريفية المصرية.
المحور الثالث: تنشيط إبداعات القرية فى كل المواهب الفنية، فالشعب لديه ثقافة مهمة جدًا، صحيح أننا قد نصادف بعض السلبيات، لكن دورنا هو تعزيز الجوانب الإيجابية، لكى يشعر الفرد بجدارته الإنسانية.. معظم المواطنين لديهم مواهب فى كثير من المجالات الفنية، ومجرد تنشيط هذه المواهب يساوى أن يصبح الفن كالماء والهواء.
■ كيف كانت تجربة التعاون مع الفنانين فى هذا المشروع على مدار ٦ سنوات؟
- تعاونت مع مجموعة من كبار الفنانين والأدباء فى مصر، والذين أشرفوا على المجالات المختلفة فى المشروع، لضمان جودة المنتج، ومنهم: الفنان أحمد الجناينى فى الفن التشكيلى، والفنان حمدى حسين والدكتور مصطفى يوسف فى المسرح، والفنان محمد فوزى فى فن العرائس، والفنان منير الوسيمى فى الغناء الشعبى، والباحثة الراحلة دعاء صالح- رحمها الله- فى الحكايات الشعبية، والفنانان سمير جابر ومحمد بركات فى الألعاب الشعبية، والشاعر رجب الصاوى فى الشعر، والدكتورة هالة بدرى فى القصة.
وكان الفنان الكبير ناجى شاكر مستشارًا للمشروع فى مجالات الفن التشكيلى والعرائس، إضافة إلى مشرفى الأقاليم الثقافية، وهم المشرفون الميدانيون، علاوة على مخرجين كبار حملوا على عاتقهم مهمة اختيار الكوادر وتنظيم العمل بالمدارس لـ٨ أنشطة لكل مدرسة.
وفى السنوات الأولى واجه هؤلاء الفنانون الفكر الذى يحرم الفنون فى المدارس، وعلى رأسهم الراحلان رشدى إبراهيم وسمير العدل، والفنانون عزت زين وأسامة عبدالرءوف ومجدى مرعى وعلى سعد ومحمد الشبة. وكان الطاقم الفنى الدائم للإدارة الفنية والإشراف، يضم: عماد مطاوع ومحمد سلطان وأحمد عباس.
■ لماذا توقف المشروع؟
- كنا نطمح فى أن يكون مشروع «مسرح الجرن» أكثر تماسكًا، وعملنا ٦ سنوات فى الميدان، لكنه توقف دون أسباب.. كل ما أعرفه أن الرئيس السابق لهيئة قصور الثقافة أحمد عواض لم يجدد الميزانية السنوية للمشروع فى يونيو ٢٠١٨.. وتساءلت كثيرًا ولم أجد من يجيبنى.
أما عن جهات الدعم فأنا لا أعرف جهات، فأنا رجل دورى منهجى وفنى، وهذا النوع من المشاريع يحتاج إلى رعاية كاملة من جهة حكومية، والأفضل أن يكون بالتعاون والدعم المشترك بين وزارتى الثقافة والتربية والتعليم.