الترحم والأوغاد.. على الوسطاء أن يمتنعوا
الترحم على من رحل لبارئه ليس شأن الأوغاد، فطلب الرحمة حق مطلق منحه الخالق لمخلوقاته دون وسطاء ودون نواب؛ فلا نواب للإله ولا وسطاء بين الإنسان وخالقه، ولم يجعل الله بينه وبين مخلوقاته جميعًا أي وسطاء، أما الأوغاد فيحبون الوساطة ويصرون دومًا عليها ويعتبرون أنفسهم وسطاء ونواب لله.
ومهما قلنا أو كتبنا أو رفعنا شعار «على الوسطاء أن يمتنعوا» فالوسطاء لا يمتنعون، فالأوغاد وسطاء لا يستحون ولا يكفون ولا يردعون، يعمدون دائمًا وأبدًا إلى التدخل فيما لا يعنيهم، وهو شأن الإله وحده لا شركاء ولا وسطاء له.. الأوغاد يحضّون دومًا على الكراهية ويكدرون السلم العام، وهم حتمًا أعداء للإنسانية، الأوغاد حمقى ولزجون ومتنطعون، الأوغاد لا يعرفون معنى الأوطان وقيمتها، وبالتالي لا يعرفون قيمة الاستشهاد في سبيل الوطن، وأن حب الوطن فرض عين على المواطن، وأن الوطنية هي أسمى معاني الوجود وأن الإنسانية دين يظلنا ونستظل به.. الأوغاد يشيعون فاحشة الكراهية وينشروها بين أبناء الجنس البشري، وما من فاحشة أشد فحشًا وكرهًا من فاحشة الكراهية.
الأوغاد المتنطعون أيضًا عنصريون يبررون التمييز والتفرقة العنصرية، الأوغاد لا يعرفون الرحمة ولا يترحمون على غيرهم ولن تطالهم بسبب فحشهم، هذه رحمة الأرض ولا رحمة السماء، فالأرض تحمل بين أحشائها من نحب لذلك أمرنا الإله أن نمشي عليها هونًا، فلنا أحباء يرقدون تحت التراب ويسيرون فوقه وتحت ذات السماء التي تظلنا جميعًا، ولكن الأوغاد لا يعرفون السماء ولا يعرفون معنى المحبة على الأرض.
فالمحبة من شروطها- بل إن شريعتها- هي الجسارة، والأوغاد جبناء لا يعرفون الجسارة، الأوغاد يحبون الضجيج ويتوقون إليه ولا يضيعون فرصة لممارسة طقوسه؛ بل يتحينون كل الفرص ليحدثوا هذا الضجيج وكأنه زادهم وبه يحيون، الأوغاد يهنأون ويسعدون عندما يتسببون في تعاسة الآخرين، الرحمة تضيق بها صدورهم، يريدون العذاب للآخرين في الدنيا وفي الأخرة، يريدون أن يقبض الناس على الجمر بأياديهم في الدنيا ثم تشوى جلودهم في السعير في الأخرة.
هكذا يريد الأوغاد لبني الإنسان في المطلق وللمختلفين معهم في الفكر أو الدين بالأخص، أي بارقة أمل أو حالة من حالات النبل يسارعون بالهجوم عليها ويتسابقون في ذلك متذرعين كذبًا بالله وكلماته التي يسيئون فهمها وتأويلها لمآرب وعن عمد لإخضاع الناس وترويعهم وترهيبهم.
الأوغاد هم من ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعًا، الأوغاد تراهم دومًا من الأنصاف والمبتسرين، تُفرحهم آلام الناس وتُحزنهم فرحتهم، وحتى الموت لا يدركون جلاله ولا يعبأون بما ضحى به من ضحى يجب أن تكون على شاكلتهم هم كي يرضوا عنك، وغدًا مثلهم ينضم لحظيرة الأوغاد كي يزداد الأوغاد وغدًا جديدًا كل يوم، ويصبح لدينا مستعمرة يعيش فيها عدد لا بأس به من الأوغاد الذين يعيشون بيننا لينغصوا علينا حيواتنا ويضفوا عليها بؤسًا وشقاءً.
وكلما ازدادت المرارة في حلوقنا فرح الأوغاد وهللوا لمصابنا في أنفسنا وفي الغير وفي أوطاننا، فالوغد لا وطن له ولا شريعة إنسانية يستظل بها، الوغد سيعيش وسط الناس وغدًا وسيموت وهو وغد كبير يدين بدين التعاسة والكراهية، وسيظل هكذا طيلة حياته وحتى بعد مماته ليتذكره الناس ويقولوا «لقد كان هنالك حقًا وغدًا كبيرًا يعيش بيننا».
رحم الله الشهيدة شيرين أبوعاقلة رغم أنف الأوغاد.. كل الأوغاد.
ورحم الله الشهداء من جنودنا في القوات المسلحة، فهم الآن مرتاحون في جنة الخلد وينعمون وعلى الآرائك متكئون في عليين، وعلى الأوغاد أن يمتنعوا.