حكاية مسجد/ الإمام الشافعى صاحب ثالث المذاهب الفقهية وأكبر أضرحة مصر
يعد مسجد الإمام الشافعي واحد من أهم المساجد التاريخية في مصر، ليس فقط لشكل عمارة المسجد، وإنما لأنه يحتوى على أكبر أضرحة مصر، وهو ضريح صاحب المذهب الثالث بين المذاهب الإسلامية الأربعة.
وهو الإمام محمد بن إدريس بن العباس بن عثمان بن شافع بن السائب الشافعي القرشي، ويقع مسجده في القاهرة، بحي مسمى باسمه حي الإمام الشافعي، شرق محافظة القاهرة، جنوب قلعة صلاح الدين ويمكن الوصول إليه سيرًا على الأقدام خلال دقائق من ميدان السيدة عائشة.
ولد الشافعي في مطلع العام 150 هجرية/ 767 ميلادية، ونشأ في مكة، وتتلمذ على يد الإمام مالك صاحب ومؤسس المذهب المالكي، ثم بعد ذلك أسس الشافعي مذهبه الخاص، وجاء إلى مصر في عام 198 هجرية/813 ميلادية، وكان يلقى دروسه في مسجد عمرو بن العاص بالفسطاط، وتتلمذ علي يديه العديد من علماء الدين والفقه في مصر، ولم يغادر الشافعي مصر حتى وفاته في عام 204 هجرية/819 ميلادية، ودفن بمقابر أولاد بن عبد الحكم، والتي عرفت بالقرافة الصغرى.
في عام 572 هجرية/1176 ميلادية، أمر صلاح الدين الأيوبي ببناء مدفن الشافعي، وهو أول مبنى يقام على قبر، وهو عبارة عن تابوت خشبي مزخرف وضع على القبر، وكتب عليه آيات قرآنية، وترجمة حياة الشافعي، إضافة إلى اسم صانعه "عبيد النجار"، بالخطين الكوفى والنسخ الأيوبي، وهو أكبر الأضرحة في مصر، ومساحته مربعة يتكون ضلعها من 15 مترا، وله جدران سميكة مؤهلة لتحمل قبة ضخمة، وتم الانتهاء من التابوت الخشبي في عام 574 هجرية/ 1178 ميلادية.
وأما المسجد ينسب بناؤه إلى أحد سلاطين الدولة الأيوبية وهو السلطان الكامل محمد، والذي شيده مكان ضريح يعود للدولة الفاطمية، بعد دفن والدته هناك عام 608 هجرية/1211ميلادية، وبذلك احتوى الضريح على 3 توابيت أخرى، بالاضافة للشافعي، الأول أسرة عبدالحكم والثاني لوالدة السلطان الكامل، والثالث يقول المؤرخون أنه للسلطان الكامل محمد الأيوبي.
مر المسجد والضريح بعدة مراحل للترميم والتطوير منها ما قام به السلطان قايتباي عام 855 هجرية/1480ميلادية، فيما جدد الضريح مرة أخرى على يد السلطان قنصوه الغوري قبل سقوط دولة المماليك على يد الاحتلال العثماني لمصر، كما قام على بك الكبير أيضًا بتجديده.
وكان آخر مراحل الترميم هي الفترة بين عامي 2016 و2021، وتضمن الترميم الجص المزخرف والأشكال الخارجية، وكذا الأخشاب الملونة الداخلية والتكسيات الرخامية الملونة، إضافة إلى الإصلاحات الإنشائية للمباني، وكذا ترميم التوابيت الخشبية والمقصورات، والتكسيات الرصاص والعشاري،هو المركب الذي يعلو القبة، إضافة إلى توثيق مبنى القبة وتفاصيله الزخرفية توثيقًا شاملًا.
وللإمام الشافعي في التراث الشعبي قيمة خاصة، فمقامه يستقبل منذ تأسيسه خطابات المصريين، من أصحاب الحاجات والأماني، طالبين شفاعته لتحقيقها.