دراسة أزهرية تناقش مظاهر تغريب الشباب في المجتمع وجهود الأزهر في مواجهتها
ناقشت دراسة أزهرية، أجراها الباحث عمرو سعيد فتوح درويش، المدرس المساعد بقسم الدعوة والثقافة الإسلامية، بكلية أصول الدين والدعوة بالمنوفية، لحصوله على الدكتوراه في الدعوة والثقافة بتقدير ممتاز مع مرتبة الشرف الأولى- مظاهر تغريبِ الشبابِ في المجتمعِ المصريِ المعاصرِ وجهود الأزهر الشريف في مواجهتِها.
وتكمن أهمية الدراسة، كما ذكر الباحث، في كونها تأتي في تلك الظروف العصيبةِ التي يمر بها الوطن، حيث تتنامى التياراتُ التغريبيةُ والعلمانيةُ والليبراليةُ بل الإلحاديةُ حتى باتت تعلنُ عن برامِجِها وتجهر بمطالِبها على مرأى ومسمع من الجميع.
وتابع الباحث: كذلك تأتي هذه الدراسةُ لتميطَ اللثامَ عن أخطر المؤامرات التي تحاك بشبابنا، حيث تُثبِتُ بالأدلة القاطعة والبراهين الساطعة تورط الحركات التغريبية في قضايا الانحراف العقدي والفكري والثقافي والاجتماعي الذي استشرى في الوقت الراهن.
وأشار الباحث إلى أن أهم ما يمِيز هذه الدراسةُ أنها تقوم بعرض الجهود المضنية التي يبذلُها الأزهر في مكافحة المظاهرِ التغريبية بمختلف أشكالها وألوانها، وذلك من خلال منابره الإعلامية، بالإضافة إلى تفاعل الأزهر مع الشباب في عقر دارهم، وذلك من خلال القوافلِ الدعويةِ التي تترا على المقاهي الثقافية، وغيرها.
وأسفرت الدراسة عن عدة نتائج، أبرزها: أماطت الدراسة اللثام عن إخفاق الحملات العسكرية التي تتابعت على المجتمع المصري عبر العصور والدهور؛ وذلك نظرا لما يتمتع به الجيش المصري من ثقل عسكري واضح يشهد به القاصي والداني، بيد أن الدراسة أكدت من جانب آخر لجوء العالم الغربي إلى الحملات التغريبية كبديل عن الحملات العسكرية، حيث تغيّر المخطط من تصفية الأجساد، إلى تصفية العقول، فكان الأخير أخطر وأشد.
وكشفت الدراسة عن جانب من فصول الحرب على الثوابت الدينية من قِبل الحركات التغريبية، بهدف خلخلة وزعزعة العقيدة في صدور الشباب، وقد بات ذلك واضحا من خلال بث الأكاذيب وإثارة الشبهات، وفوضى الفتاوى الدينية عبر القنوات الفضائية خير شاهد ودليل.
ورصدت الدراسة نفرا من الشباب داخل المجتمع المعاصر قد انزلقت أقدامه في براثن الفرق الضالة، كعبدة الشيطان، والماسونية العالمية، والبابية والبهائية، وغيرها من الفرق والحركات الهدامة المستوردة من المجتمع الغربي، وقد أشارت الدراسة بهذا الصدد إلى الجهود المضنية التي تبذلها الجهات الأمنية لمكافحة هذا الهراء الفكري والخواء العقدي.
وكشفت الدراسة عن ملامح التعاون المشترك بين الحركات التغريبية والجماعات التكفيرية، وإمداد الأول للأخير بالدعم المادي واللوجيستي، مما يؤكد أن المعمل الرئيس لتفريخ الإرهاب مقره في بلاد الغرب.
وأبانت الدراسة بشيء من التفصيل ملامح المخطط التغريبي بشأن تعرية العفيفات، بدءا من التشكيك في فرضية الحجاب، ومرورا بالصرخات المدوية بضرورة التبرج والسفور، وانتهاء بالدعوة لخلع الحجاب، وقد رصدت الدراسة جانبا من تجاوب الفتيات مع تلك الدعوات؛ حيث السراويل الساقطة، والبناطيل الممزقة، والأخرى المبللة!! وأثبتت ذلك بالصور والمستندات.
امتدادا للمخطط الآنف ذكره، أشارت الدراسة إلى دعوات التيار التغريبي التي تترا لفتح الأبواب على مصراعيها لحرية الاختلاط إلى حد الأحضان بين الشباب والفتيات، بل وتبادل القبلات!!
وسلطت الدراسة الأضواء على الجهود الإعلامية التي يبذلها الأزهر في مكافحة الظواهر التغريبية، وذلك من خلال مركز الأزهرالعالمي للرصد والفتوى الإلكترونية، وفتاوى مجمع البحوث الإسلامية، والمجلات والجرائد الصادرة عن الأزهر شهريا، وأسبوعيا، وإلى جانب الجهود الإعلامية تأتي الجهود الميدانية، من خلال الالتحام المباشر مع المواطنين، حيث القوافل الدعوية على المقاهي الثقافية.
كما أكدت الدراسة أن الأزهر الشريف لا يألو جهدا في مواجهة التغريب الاجتماعي، وحسبنا تلك القرارات الجريئة التي اتخذتها جامعة الأزهر في الآونة الأخيرة بمنع دخول الطلاب الذين يرتدون السراويل الساقطة، أو البناطيل المقطعة، أو أساور اليد، أو سلاسل العنق، من دخول الحرم الجامعي.
أوضحت الدراسة بعض الشهادات التي أدلى بها العديد من رؤساء ووزراء وسفراء دول العالم المختلفة، لما يبذله الأزهر الشريف من جهود ملموسة في كافة مناحي الحياة، لا سيما الأفكار المتطرفة، بينما أبناء الدار لا يزالون إلى يومنا هذا يطالبون بإغلاقه!
أما عن أهم التوصيات الواردة في الدراسة: فقد أوصي الباحث جهاز الرقابة على المصنفات الفنية بتفعيل الدور الرقابي له، فلا يزال الغيورون من أبناء هذه الأمة يتساءلون: لماذا هذا الإصرار المستميت على تمرير مشاهد العري والإسفاف فضلا عن مشاهد العنف والبلطجة في أغلب الأفلام والمسلسلات؟!
كما أشارت الدراسة، من زاوية أخرى، إلى الحاجة الملحة لعودة مادة التربية الدينية كمادة أساسية ضمن المناهج التعليمية بوزارة التربية والتعليم، وبالتوازي مع عودة مادة التربية الدينية، فإن الضرورة تلح أيضا إلى سرعة التحرك من جانب وزارة التعليم العالي لإدراج مادة الثقافة الإسلامية ضمن المناهج التعليمية بالجامعة.
أما بالنسبة للشبهات المثارة حول الإسلام في وسائل الإعلام بدافع من دعاة التغريب، فيكفي في وأدها سرعة تفعيل البروتوكول الذي وقّعه المجلس الأعلى للإعلام مع مؤسسة الأزهر، والذي يقرر حصر حق الإفتاء في الإعلام الفضائي على طائفة بعينها من أصحاب الرأي بالأزهر والأوقاف فقط.
وأوصت الدراسة بإقرار المشاريع القانونية التي قام بتدشينها رجال العدالة بمؤسسة الأزهر الشريف، لا سيما المتعلقة بمواجهة العنف والكراهية، بل أوصي بإدراج تلك المشاريع ضمن وثائق الأمم المتحدة للحد من مظاهر التطرف والإرهاب في المجتمع الدولي.
يذكر أن لجنة المناقشة والحكم على الرسالة تكونت من كل من: الدكتور عطية مصطفى محمد حسين أستاذ الدعوةِ والثقافةِ الإسلامية بكلية أصول الدين والدعوة بالمنوفية، ووكيل الكليةِ، مشرفا أصليا، والدكتور محمد محمد عبدالعزيز يحيى أستاذ ورئيس قسمِ الدعوةِ والثقافةِ الإسلامية مشرفا مشاركا، والدكتور فوزي عبدالعظيم رسلان قمر، أستاذ الدعوةِ والثقافة الإسلامية المتفرغ بالكلية، والعميد الأسبق لكليةِ الدراسات الإسلامية والعربية بالسادات، مناقشا داخليا، والدكتور يسري محمد عبدالخالق خضر، أستاذ ورئيس قسمِ الدعوةِ والثقافة الإسلامية بكلية أصول الدين والدعوة بطنطا مناقشا خارجيا.