هذا هو البطل الحقيقى لمصر
لكل دولة سند حقيقى بعد الله، عز وجل، تستند إليه وتطمئن لوجوده وتركن إليه فى الشدائد، وتعده ذخيرة لها وحصنا منيعا يذود عنها بكل قوة وحماسة، تطلبه فيلبى، تنادى عليه فتسرع قدماه بالخطى قبل أنفاسه، يُرهب الأعداء ويُفشل خطط الطامعين والمتآمرين والخونة.
ومصر الدولة العريقة التى وجدت ومن بعدها جاء التاريخ تمتلك هذا السند الحقيقى، كان معها خطوة بخطوة، كتفًا بكتف، صنع تاريخها الذى أبهر العالم، وذاد عنها وهزم كل من طمع فى ترابها وحاول غزوها، سحق الهكسوس والتتار والصليبيين وتكتل الغرب فى العدوان الثلاثى، وطرد المحتل الفرنسى والإنجليزى، وتخلص من الظلم والاستبداد فى عهد الملكية، وأعطى درسًا لا يُنسى للمحتل الإسرائيلى، وأنهى عصر التوارث والشللية، ورفض من أرادوا تقسيم البلاد والعباد باسم الدين، وتحمل ضنك العيش وضيق ذات اليد عندما قيل له إن هذا فى مصلحة الوطن مقتنعًا وراضيًا وصابرًا.
هذا السند وهذا الوتد الذى يضرب بجذوره فى أعماق الأرض، والذى تمتلكه مصر وتركن إليه، هو شعبها بكل طوائفه وتنوعه، الشعب المصرى الأصيل العريق، الذى تربطه بوطنه علاقة ليست كأى علاقة بين أى دولة أخرى وشعبها، علاقة إن شئت فقل: علاقة عشق وهيام، علاقة حب وذوبان، علاقة مصير وروح.
هذه العلاقة بين الشعب المصرى ووطنه، احتار فى تفسيرها المفسرون فى مختلف البلدان، تناولوها فى كتاباتهم، وأبحاثهم وتحليلاتهم، ولم يجدوا إلا تفسيرًا واحدًا لها، اجتمعوا عليه جميعهم، ألا وهو: إن علاقة الشعب المصرى بوطنه هى علاقة تختلف بالكلية عن أى علاقة شعب بوطنه.
لذلك تمنى قادة العالم لو يكون لهم شعب كالشعب المصرى، يعشق تراب وطنه، ويصنع التاريخ ويُنشئ الحضارات، ويُخرج جنودا وجيوشا لا تُقهر، وجاءت مقولة وحديث رسولنا الكريم محمد، صلى الله عليه وسلم: "سيفتح الله عليكم مصر، فاستوصوا بأهلها خيرا، وخذوا منها جندًا كثيفًا فإن جندها هم خير أجناد الأرض وهم فى رابط إلى يوم الدين"، صدقت يا رسولنا الكريم.
لقد قام الشعب المصرى بكل صفاته ومواصفاته بدوره على مر العصور تجاه وطنه على أكمل وجه، وكان البطل الحقيقى والتاريخى لمصر، لم يقصر ولم يتخاذل، تحمل الكثير ولا زال يتحمل، مر بأصعب الظروف ولا زال يمر، قدم ما عليه ولا زال يقدم، ضحى بالدم والروح ولا زال يُضحى.
ومن هذا المنطلق أقول لقيادتنا الحالية، وعلى رأسها الرئيس السيسى: لقد وقف معك الشعب المصرى بكل قوة من منطق أنه رأى فيكم المنقذ للوطن فى الوقت الذى دخل فيه الخوف القلوب قبل البيوت، فى فترة عصيبة وصعبة من تاريخ مصر، واطمأن إليكم الشعب عندما قلتم بأنه لم يجد من يحنو عليه، ولم يخذلك ولم يخذل الوطن، وقدّم وتحمل وضحى، على أمل أن يأتى يوم الوفاء بالعهود والوعود ليأخذ قسطا من حقه فى الراحة وهناء العيش، فى الوقت الذى لا ينكر الشعب مجهوداتكم وسعيكم الدءوب من أجل تحقيق الأمل، وأرجو ألا يطول مجيء هذا اليوم..
سلمت يا شعب مصر ودمت بطلا وسندًا لها على طول الدوام.