باحثون مغاربة: «مؤسسة العلماء الأفارقة» تهدف لمحاربة الإرهاب بالقارة
تضم «مؤسسة العلماء الأفارقة»، التي يترأسها الملك محمد السادس، في المغرب أبرز علماء التصوف فى القارة الإفريقية، خاصة المغرب والجزائر وتونس ومنهم علماء الطريقة القادرية والطريقة التيجانية، ومن السنغال وجنوب إفريقيا ونيجيريا تضم علماء «الطريقة السمانية»، الذين يتواجدون بشكل دائم فى كل الملتقيات، وتهدف هذه «المؤسسة الدينية» التي مر على إنشائها 4 سنوات إلى توحيد جهود علماء المغرب والدول الإفريقية الأخرى بغرض التصدى للتطرف والإرهاب والتعرف على قيم الإسلام المتسامح، ونشرها وتفعليها، والتصدى للفكر الشاذ والغريب عن صحيح الدين، في كل دول القارة، وذلك من خلال التصوف الإسلامي الذي تؤكد المملكة المغربية دائما أنه ملاذ إفريقيا للتصدي لخطر الإرهاب والتطرف.
وقال عبدالرحيم السني، الباحث المتخصص في الشئون الصوفية بالمغرب، في تصريح خاص لـ«أمان» إن إنشاء هذه المؤسسة يرجع للملك محمد السادس، ملك المغرب، الذي يعطي أهمية بالغة للبعد الصوفي في القارة السمراء، كما أن ذلك ينبع من الوعي الثابت والعميق بأهمية ذلك سواء من الناحية الروحية أو التاريخية والثقافية التي تربط المغرب وإفريقيا، بالنظر إلى الارتباط الوثيق للمملكة بهذه القارة التى تنتشر فيها الطرق الصوفية بشكل كبير جد.
وأضاف أنه يأتي إنشاء هذه المؤسسة، من أجل حماية العقيدة الإسلامية والوحدة الروحية للشعوب الإفريقية من كل النزاعات والتيارات والأفكار المنحرفة التي تمس بقدسية الإسلام وتعاليمه ومقاصده، وتعمل هذه المؤسسة التي تتخذ من «الرباط» مقرا لها، على تشجيع «البحوث والدراسات» فيما يخص الفكر والثقافة الاسلامية، رغبة من الملك محمد السادس في المحافظة على وحدة الدين الإسلامي وصد التيارات الفكرية والعقدية المتطرفة، وفتح فرص لتبادل الآراء بين علماء القارة الإفريقية وتنمية مدارك الناس العلمية والمعرفية.
وتعمل هذه المؤسسة الفريدة، التى أنشأت منذ عام 2015 على الصعيد الإفريقي، على إحياء التراث الثقافي الإفريقي الإسلامي المشترك من خلال التعريف به ونشره والعمل على حفظه وصيانته، وذلك من خلال الاعتماد على البعد الصوفى الذى تحظى به القارة الإفريقية، وتسعى المؤسسة ذاتها إلى توطيد العلاقات التاريخية التي تجمع المغرب وباقي دول إفريقيا والعمل على تطويرها والتشجيع على إقامة المراكز والمؤسسات الدينية والعلمية والثقافية في القارة.
واجتهدت «مؤسسة علماء إفريقيا» خلال الفترة الأخيرة على تنشيط الحركة الفكرية والعلمية والثقافية في المجال الإسلامي، وربط الصلات وإقامة علاقات التعاون مع الجمعيات والهيئات ذات الاهتمام المشترك على صعيد القارة الإفريقية.
يقول «عبدالعزيز القادرى» الباحث فى الشئون الصوفية المغربية لـ«أمان» إن المحور الرئيسي فى الاجتماع الأخير لـ«مؤسسة علماء إفريقيا» بالمغرب الشهر الماضى، كان عن «التصوف السني»، والهدف من تناول هذا الموضوع هو توافق علماء المؤسسة على الرؤية الصوفية في التصدى للتطرف والإرهاب في إفريقيا، وفق منهج قائم على الكتاب والسنة، والإحسان إلى الخلق، وتعظيمهم ومحبة الخالق، خاصة أن التصوف، تمكن من حفظ الاستقرار في كل الدول التي تنهجه ومنها المغرب، وهي التجربة التي يسعى لاقتسامها مع شعوب إفريقيا، والتي أنقذتها من ويلات التطاحن باسم الدين.
ويضيف «القادري» أن الدبلوماسية المغربية ترتكز على الرابط الديني الذي يجمع المغرب بالقارة الإفريقية، من خلال إمارة المؤمنين ورمزيتها، ثم الطرق الصوفية، وما قدمته لخدمة الإسلام في القارة.
فأول من أدخل الإسلام إلى إفريقيا جنوب الصحراء كان التجار المغاربة والزوايا الصوفية المغربية، وعلى رأسها الزاوية التيجانية، لذلك ظلت هذه العلاقة تكتسي بطابع روحي بإمارة المؤمنين والتصوف، واكتست حلة سياسية، بمعناها الإيجابي، بحكم الإقرار للمملكة بإمارة المؤمنين. وقد برز الحضور المغربي بشكل جلي في حفظ الأمن الروحي بمختلف البلدان الإفريقية ضد الوثنية أولا، ثم التوجهات الدينية الأخرى التي إما تتعارض مع عقيدة التوحيد أو تدعو إلى استخدام العنف والترهيب، وذلك بفضل الدور الذي قامت به الطرق الصوفية في المنطقة التي أبلت البلاء الحسن في تجديد وتصحيح التعاليم الدينية، وإحداث زوايا ومعاهد ومدارس لتعليم القرآن الكريم وتلقين علومه، وهو النهج الذي سار عليه علماء إفريقيا داخل مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة. ومنح هذا المسلك الدبلوماسي للمغرب عمقا حقيقيا، للحضور المستمر في أدغال إفريقيا، فحقق الجانب الروحي مكاسب جمة، عجز عنه بترول بعض الجنرالات المجاورة، وسط مشهد دولي، تاه منظروه في نظريات المدرسة الواقعية، وأطروحتي صدام الحضارات ونهاية التاريخ، التي غرق روادها في غيابة القيم المادية، والمصلحة المشتركة، ونظريات القوة بمختلف تمظهراتها.. فنجاح أهل المعنى في كسب رهانات الحس، أوضح بيانا وأقوم حجة، على صدق مسلكهم وصفاء منهجهم.
أكد علماء إفريقيا، في توصيات الاجتماع الأخير الذى عقد الشهر الماضى «لمؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة» على ضرورة تنظيم مجموعة من الندوات، في مختلف المواضيع المتعلقة بالإرهاب والسلفية، ودور العلماء في إصلاح ذات البين، وحث العلماء الأفارقة على الإقامة في المغرب للاستفادة من النموذج الإسلامي المغربى، وبخصوص وحدة النموذج الإسلامي، اتفق العلماء على الحفاظ على السيادة المذهبية لكل دولة، مع التمسك بالسلوك المنير للتصوف السني.
من جانبه قال «يوسف باكايوكو»، من علماء الصوفية بجمهورية ساحل العاج: «إن مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة ستوحد المسلمين في القارة الإفريقية والعالم»، مضيفا أن فروع المؤسسة ستعمل على مكافحة التطرف داخل ساحل العاج، وسيستندون إلى مبادئ المؤسسة لبلوغ كل الأهداف المرجوة، وحفظ الأمن الروحي في هذا البلد.
وأكد أعضاء المؤسسة خلال اجتماعهم بالمغرب أن هذه الخطوة التي أقدم عليها المغرب لم يسبق إليها قط وأن مجموعة من الدول التي تختلف مع المغرب في مجموعة من القضايا لكنها شاركت في هذه المؤسسة العلمية.
ومن جهته، قال إبراهيم صالح الحسيني، رئيس علماء نيجيريا المتحدث باسم علماء إفريقيا، إن جلالة الملك محمد السادس يستحق لقب أمير المؤمنين وحامي حمى الملة والدين، لما يقدمه من خدمات للأمة الإسلامية. وأكد الحسيني، في الجلسة الافتتاحية لمؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة، أن جلالة الملك يخدم الإسلام والمسلمين بكل تجرد ونكران الذات، وهو النموذج الذي يجب على كل قادة المسلمين الاستفادة منه لتحقيق السلام والرقي لكل الشعوب.
وأضاف كبير علماء إفريقيا الشيخ محمد التيجاني أن الملك محمد السادس، ملك المغرب، حافظ على الإسلام السني من خلال تهيئة البنية الصالحة لعلماء الأمة ليكونوا سندا قويا له للنهوض بالأمة الإسلامية والإفريقية.
وحذر «التيجانى» من التحديات التي تواجه القارة الإفريقية الناتجة عن التطرف والغلو في فهم الدين الذي صنعه أعداء الأمة، فاستغلوا طيش بعض المسلمين، وحماس بعض الشباب حديث العهد بالتعاليم الإسلامية، لزرع الفتنة وضرب المسلمين بعضهم ببعض.
وأضاف كبير علماء إفريقيا الشيخ محمد التيجاني أن الملك محمد السادس، ملك المغرب، حافظ على الإسلام السني من خلال تهيئة البنية الصالحة لعلماء الأمة ليكونوا سندا قويا له للنهوض بالأمة الإسلامية والإفريقية.
وحذر «التيجانى» من التحديات التي تواجه القارة الإفريقية الناتجة عن التطرف والغلو في فهم الدين الذي صنعه أعداء الأمة، فاستغلوا طيش بعض المسلمين، وحماس بعض الشباب حديث العهد بالتعاليم الإسلامية، لزرع الفتنة وضرب المسلمين بعضهم ببعض.